تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الإبداع في مواجهة الدمار

سينما
الاثنين 5-1-2009م
فؤاد مسعد

تُرى هل لمبدعٍ أن يقف صامتاً أمام ما يحدث من مجازر ودمار وألم وح زن ؟ هل له أن يغمض عينيه عن مشهد طفل قد استشهد جراء قصف جوي لا يميز بين الطفل والكهل والمرأة أو عائلة استشهد معظم أفرادها تحت الركام ؟..

لا بل كيف ينظر هذا المبدع لواقع يحتقن فيه الشارع العربي بالغضب بينما وهو يرى إخوة له في العروبة يتعرضون لهذا الظلم كله المُحاك بخيوط عنكبوتية مسمومة ؟.. وماذا إن كان هذا المبدع هو مبدع سينمائي والقاصي والداني يعرف أن القضية الفلسطينية كانت الشغل الشاغل للسينمائيين السوريين عبر الكثير من أفلامهم الطويلة والقصيرة ، الدرامية والوثائقية التسجيلية .. بعد ذلك كله ماذا تراهم يقولون عما يحدث وبأي عبارات يترجمون هواجسهم ؟..‏

المخرج عبد اللطيف عبد الحميد : تعجز الكلمات ..‏

المخرج وليد حريب : لن تُكسر إرادة المقاومة‏

الكاتب حسن سامي يوسف : غزة ليست المشهد الأخير‏

تساءل بداية المخرج عبد اللطيف عبد الحميد عما يُمكنه قوله أمام هول ما يحدث على أرض الواقع ، لا بل ذهب إلى أبعد من ذلك بالقول (أخجل أن أتكلم أمام ما أرى من دمار ودماء .. فالكلمات تقف عاجزة من هول ما يحدث يومياً في غزة) .‏

ـ الواقع الأليم :‏

أما المخرج وليد حريب فتحدث عن إحساسه حول ما يجري قائلاً : إنه الواقع الأليم الذي يشعر فيه كل المواطنين العرب والفنان جزء منهم فيحس بما يشعر به إخواننا في الأرض المحاصرة فما نراه هو قتل وذبح للشعب العربي ، والفنانون يعتصر الألم قلوبهم مما يشاهدونه من دماء تسيل في غزة هناك حيث الشعب المحاصر الواقف وحيداً في الميدان .. إننا نشعر بالعار لأن ما يجري يحدث برضا بعض الحكام العرب بقصد القضاء على المقاومة . نتمنى أن تكون المعابر مفتوحة وألا يُغلقوها بحجج القوانين الدولية التي لا تُطبق إلا على العرب ، فإسرائيل تعمل للقضاء على روح الأمة والمقاومة ولكن لن تُكسر إرادة المقاومة لا بل ستقوى وسنتفاءل بالنصر دائماً .‏

أما عن دور الإعلام والسينمائيين والمبدعين العرب في هذه المرحلة ، فيقول المخرج حريب : الأفلام السينمائية التي تتناول القضية الفلسطينية حاضرة دائماً في السينما فالقلم يعتصر والمبدع يقدم ما يستطيع، ولكن اليوم الفضائيات هي التي تقوم بدور العرض فنحن في زمن الإعلام وهناك إعلاميون أحرار يقومون بواجبهم بشكل واضح ولكن المُستغرب أن هناك فضائيات عربية تقوم بعكس الحقائق وتضع اللوم على الضحية وتُبرِئ الجلاد !..‏

ـ مسلسل من الجرائم :‏

رأى الكاتب حسن سامي يوسف أنه بعد استنزاف قاموس الكلمات التي هي من نوع (جريمة وفظاعة ومجزرة .. ) يمكن القول أن ما يحدث هو أمر طبيعي وعلل ذلك بالقول : إن ما يحدث أمر طبيعي ضمن هذا المسلسل القائم منذ عام 1948 وحتى اليوم ، فعملياً لم يتغير شيء ، ففي 1948 حدثت مجزرة دير ياسين وفي 1956 مجزرة كفر قاسم ، وبعدها قتلوا الجنود الأسرى المصريين ودفنوهم أحياء في صحراء سيناء بعد حرب 1967 .. مروراً بعدوان 1982 وما حدث في التسعينيات ومن ثم عدوان تموز 2006 على جنوب لبنان .. أي كيفما تحركت ستجد أنك مًحاصر بعدد من المجازر التي تشكل مسلسلاً وحلقات ، ولا أظن أن هذه الحلقة هي الأخيرة فغزة ليست مشهد الخاتمة .‏

ويستكمل حديثه عن دوره المبدع في هذه الظروف فيقول : علاقتنا بهذه المجازر هي علاقة مناسباتية ، أي تحدث مجزرة فنفور ونتكلم ، ولكن بعد أن تنتهي نبدأ بالتراخي ، فإما أنه ليس لدينا ثقافة مقاومة ولم يعد لدينا القدرة على تأسيس مثل هذه الثقافة وإما أن نَفسنا قصير على الاستمرار في هذا الطريق بغض النظر عن السبب .‏

إن كنت مبدعاً ملتزماً ولديك موقف من الحياة ومما يحدث وما يؤثر على حاضرنا ويؤسس لمستقبلنا فإنك توجه إبداعك نحو عنوان واضح وهو فلسطين أو نحو المعاشي اليومي الراهن وهنا الأمران سواسية، فعندما تتعامل مع الواقع بمصداقية وبمحاولة لأن تضع أصبعك على الجرح الذي يعاني منه المجتمع حتى وإن عملت على المستوى الاجتماعي وليس السياسي بعناوينه الكبيرة ، فأنت هنا تعمل على المستوى القومي والوطني ، فهي قضية متكاملة وما يميز بين هذا وذاك هو الموقف من الحياة والجدية في الطرح والتعاطي مع أمور الحياة اليومية التي تتألف من مجموعة تفاصيل تتآلف وتتناغم وتشكل ما يُسمى مجتمعاً ووطناً ووعياً .. فمجال عمل المبدع هو مجال واسع ، حتى إن كنت تريد أن تقدم عملاً ملحمياً عن فلسطين وليس لديك ممول فستقع في مشكلة ، وبالتالي هناك مجال آخر كبير هو الإنسان ، فإن أردت العمل على أساسه ستجد أن أمامك عدة بوابات .. وهي بالتأكيد ليست كمعبر رفح المُقفل ..‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية