التي يرتفع منسوبها مع عودة منظومة العدوان للعزف مجددا على وتر التهديد والوعيد، لإنقاذ ما تبقى من تنظيمات إرهابية في منطقة خفض التصعيد، بعدما أصبحت وصفة «الكيميائي» وأدواتها التنفيذية جاهزة للتطبيق على أيدي خبراء فرنسيين وبلجيك ومرتزقة مغاربة، قبل أن يضبط ثالوث الإرهاب الأميركي والفرنسي والبريطاني ساعته على توقيت ترامب، لحين نفاد وقت الضغط والابتزاز المكرس لعرقلة تقدم الجيش العربي السوري بحربه ضد إرهابيي «النصرة» ومن ينضوي تحت رايتهم الوهابية التكفيرية.
إدارة ترامب شطبت الحل السياسي من قاموس أجندتها المعدة لسورية، وهي تفضل الحفاظ على تنظيماتها الإرهابية كواجهة مستدامة لوجودها الاحتلالي، وهنا يبرز دور أدواتها التنفيذية، كنظام أردوغان الضامن الرئيسي للإرهابيين، والذي كشفت معطيات الميدان في منطقة خفض التصعيد اليوم بأنه الوكيل الأميركي الحصري الذي يدير الحرب الإرهابية في تلك المنطقة بأدواته الإرهابية، بدءا من مرتزقة النصرة، وليس انتهاء بمن يسميهم «درع الفرات»، حيث تفيد المعلومات الواردة بأن الإرهابيين تزودوا بأحدث الأسلحة التركية من صواريخ وعربات ومدرعات، ويأخذون أوامرهم من غرف عمليات أنشأها ضباط أردوغان لهذه الغاية، الأمر الذي يؤكد مجددا بأن أردوغان لم يكن يوما بوارد المساهمة بإيجاد حل سياسي للأزمة، وإنما العمل تحت أمرة الأميركي لإطالة أمدها، وأن جولات «آستنة» السابقة لم تكن سوى محطات لقطع الوقت بالنسبة للنظام التركي، استغلها كلها بترميم صفوف التنظيمات الإرهابية، وتعزيز انتشارهم، وتقوية تحصيناتهم في ريفي إدلب وحماة، بدل العمل على سحب الإرهابيين وأسلحتهم بحسب ما سبق وتم الاتفاق عليه في سوتشي.
أميركا تضع المنطقة برمتها على صفيح ساخن، وتحشد ضد سورية وإيران، وكامل محور المقاومة، ولكن ذلك لا يعني أنها ستكون الرابحة، لأنها باتت اليوم مع أقطاب العدوان أسيرة لواقع المعادلات التي فرضتها قوى المقاومة، فالتهديد بذريعة أكذوبة «الكيميائي» لن يثني الدولة السورية عن مواصلة حربها ضد الإرهاب حتى اجتثاثه من جذوره، وكل أساطيلها وحاملات طائراتها وجنودها الذين تستقدمهم إلى الخليج لن تُخضع إيران، والأميركي يعرف ذلك جيدا، خلافا للأعراب اللاهثين وراء فرض «صفقة القرن»، بلبوسها الاقتصادي والسياسي والعسكري، وغير القادرين على قراءة المتغيرات الحاصلة، ولا يريدون التصديق بأن استعراض ترامب في الخليج هو فقط لاستكمال استنزاف ضروع «بقرته الحلوب»، تحت معادلة حماية العروش المتهالكة، مقابل الدفع بسخاء، لحين انتهاء مهمة ترامب الرئاسية.
الدفع الأميركي نحو عسكرة الأوضاع في المنطقة والعالم، لا يعدو كونه بابا لتصريف الأسلحة الأميركية المتراكمة، ولمحاولة تثبيت الهيمنة الأميركية، في الربع الأخير لتهاوي القطبية الأحادية، أمام تصاعد قوى أخرى كروسيا والصين وإيران وغيرها، حيث الجعجعة الأميركية لم تنجح حتى الآن في فنزويلا أو كوريا الديمقراطية أو في الحرب التجارية ضد الصين، ولذلك فإن ساعة قرع طبول الحرب الأميركية ستبقى في ثلاجة ترامب على الدوام، فأرباحه من ابتزاز أدواته في المنطقة، خير له ألف مرة من خسارة جندي واحد في أرض المعركة، أو تدمير بارجة واحدة.