لهذا يأتي الرهان الأمريكي في إخضاع إيران واستسلامها للإرادة الأمريكية عبر فرض عقوبات، لكن هذا الرهان يندرج في إطار الأهمية العظمى للحسابات الأمريكية ولإدراك واشنطن أن إيران وحلفاءها ولما لها من الأهمية العظمى للحسابات الأمريكية تقف سداً منيعاً في وجه السعي الأمريكي إلى قيادة العالم والتحكم بثرواته.
ومع أن المواجهة مع إيران والتي باتت في ذهن الأمريكي مسألة استراتيجية عليا وقضية يترتب على نتائجها تحديد وجهة العلاقات الدولية وموقع أمريكا فيها، إلا أن المأزق الأمريكي اليوم بات أكبر من المتوقع بعد فشل ترامب بحربه الاقتصادية في جرّ إيران إلى طاولة التفاوض والاستسلام له مع ما تملكه من العنفوان والقوة، ناهيك عن مخاوف الأمريكي من الدخول في حرب لا تحمد عقباها بعد أن فشل في تحقيق النتائج المرجوة ولا سيما أن ترامب يدرك أن مسألة الحسم وفرض الاستسلام على إيران ليس سهلاً بل على العكس سيغرق أمريكا وأتباعها في حرب استنزاف لا تنتهي.
الإدارة الأمريكية تحاول الرقص على حبال قرع طبول الحرب ضد إيران من استعراض عسكري لعلّه يروي ظمأ الحالمين برؤيته وليهرعوا إلى سداد فواتير تحريكه فيما تتكشف حلقات التمثيلية المثيرة للسخرية من جرّ قوات ترامب إلى المستنقع الإيراني، وبالتالي لم يجد الأمريكي ما يبلسم جراحه إلاّ أموال البترو دولار.
لا شك أن إيران وما تملكه من براعة في إدارة المواجهة مع واشنطن ربحت في تجنيب المنطقة حرباً تدميرية، ولهذا لم يتبقَّ لدعاة الضعف والارتهان الذين يلهثون وراء حروبهم الفاشلة إلا الخسائر المادية والمعنوية على شتى الصعد ولن تسعفهم قمم تعقد لتحشيد الحروب بعد أن باتوا أعجز من أن يدخلوا حرباً منتصرة.