ورغم كل تلك الجرعة القوية من المحفزات، إلا أن بعض المصارف العامة ما زالت ترزح تحت وطأة بطء العمل القريب من التوقف، ولم يتحقق في جدولها شيء يُذكر، اللهم إلا إن كان ما يتحقق حبيس الأدراج أو المذكرات المرفوعة للوزارة، وفي ذلك ظلم بيّن للمواطن الذي يملك حق معرفة ما أنجزته إدارات مصارف مملوكة له في النهاية، كما هو ظلم للحكومة التي بذلت جهوداً جبارة تجاه المصارف ليكون الأوفق إعلان الخطوات المحققة نتيجة الجهد الحكومي.
الطريف في الأمر أن بعض المصارف عادت إلى الخلف بدلاً من التقدم للأمام وهي نتيجة طبيعية لاختصار دائرة صنع القرار بمن وثقت بهم الإدارات من موظفي الصف الثالث وربما أقل، ممن يعطون اختصارات جاهزة عمن هبّ ودبّ، أما المصيبة الأكبر فهي قبول الإدارات بهذه الاختصارات التي لم ُتبنَ على شهادة علمية أو خبرة مهنية أو حتى تراكمية، فتكون النتيجة صورة مكرّسة لدى الجميع أن القرار لدى حرّاس الباب..
كيف يُرتهن مصرف حكومي بيد فلان أو فلان..! وكيف يكون من لا صلة له بالعمل المصرفي -اللهم إلا بالناحية الإدارية- متصرفاً بمصرف يفترض به المساهمة في عمران البلاد في مرحلة ما بعد الحرب..! إن كانت تلك الإدارات تعرف وراضية فتلك مصيبة، وإن لم تكن تعرف فهي كارثة تستوجب إعادة النظر بوضع الإدارة ذاتها حتى تُستبدل بمن يستطيع وضع كل شخص في مكانه وحجمه الطبيعيين..
المشكلة ليست في المصرف وحده وعمله الإداري، بل في انسحاب هذا الواقع على بعض الفروع لدرجة باتت معها مراكز قوى تنهض ضمنها باعتبارها (محسوبة) على حرّاس الباب، ما يعني بالنهاية تشوّه صورة مصرف عام كان فيما مضى عملاق الخدمات المحلية المقدمة للمواطن العادي..
لعل تطبيق اشتراطات التنمية الإدارية ولوائحها في ذلك المصرف ضرورة حتى لا تتكرس هذه الظاهرة ويستشري وباؤها في مصارف أخرى.. وللحديث بقية عن الفائدة المجنية من ذلك.