و قد بلغ النهار أوسطه و تراكضت عقارب الساعة هاربة ، بينما تغط ابنتها طالبة الشهادة الاعدادية في نوم عميق ، لا ينغصه قلق امتحاني ، و لا يؤرقه رسوب محتمل ، و قد جعلت الدراسة و تكثيف جهودها و المثابرة آخر اهتماماتها ، في حضور فترة مراهقة تائهة بين تراخ و دلال ، و بين لهاث الكتروني ينهب الوقت عبثا و لهوا و ضياعا حقيقيا ، بينما الامتحانات تقرع الأبواب معلنة استنفارا لتصنف الطلاب بين ناجح و فاشل و بين مجد و متكاسل .
ربما قد فقدت الأمل باحتمال نجاحها ، و هي الأدرى كأم بجهودها المنصرفة بين نوم يستهلك نصف النهار ، و سهر يلتهم ساعات الليل في إحياء لتواصل اجتماعي يستنزف طاقتها ، و يصرف تركيزها ، و ثرثرات فارغة تستبيح مساحة تفكيرها ، لتأخذها بعيدا عن أجواء دراسية ، و استغلال كل دقيقة في مراجعة الدروس و التركيز بين السطور .
بينما الأهل يعلقون الآمال بنجاح يوازي بذل الجهود كثواب مجز لجد و مثابرة ، كانت تلك الأم المسكينة و قد بدت على حافة انهيار عصبي ، تدعو الله أن يفتح نصيب ابنتها لتتزوج و تريحها من همها ، بعد أن فقدت الأمل منها و أعيتها وسائل التربية من ترغيب و تهديد و من ثواب و عقاب ، إلى أن توصلت إلى نتيجة مفادها « فالج لا تعالج» البنت عقلها ليس بالدراسة ، و « هم البنات للممات «، كأسلوب انسحابي من مواجهة مسؤولية تربوية ، و الهروب إلى خلق مشكلة أكبر بزواج قاصر كمن يستجير من الرمضاء بالنهار .