لقد كان واضحاً منذ البداية أن استهداف حلب هو أحد الأهداف الرئيسية لأعداء الشعب السوري انطلاقا من الأهمية الكبرى لمدينة حلب ليس من الناحية الاقتصادية فحسب، بل من الناحية الوجدانية والتاريخية أيضاً، فحلب هي الجناح الثاني لسورية بعد دمشق كما وصفها السيد الرئيس في خطاب انتصار حلب بالأمس.
من هنا تأتي أهمية هذا الانتصار كأحد أهم الأحداث البارزة في هذا العام، ومن هنا يمكن فهم دلالة الأفراح الاستثنائية التي عمت كل الشارع السوري بهذا النصر الكبير على الإرهاب الذي اندحر وانسحق تحت أقدام رجالات الجيش العربي السوري الميامين.
حلب تنفض عنها غبار الإرهاب إلى غير رجعة، وهاهي ترفع أقواس النصر فوق بواباتها في مشهد تكرر في أكثر من مدينة وبلدة سورية، وكما هي عادتها دوماً فقد كانت حلب أمل السوريين ومبلغ اهتمامهم ورمز عنفوانهم، باعتبارها كانت المستهدف الأول في حرب دول العدوان على الشعب السوري.
انتصار حلب يحكي إرادة وصمود شعبنا البطل الذي ضحى بالغالي والنفيس من أجل كرامة ووحدة وسيادة هذا الوطن، وهو أيضاً يؤكد حقيقة بات العالم بأسره يعرفها ويدركها جيداً وهي استحالة كسر إرادة هذا الشعب وتدنيس ترابه واغتيال تاريخه وحضارته وهويته وهو الذي كان ولايزال قلب العروبة النابض والقاعدة الصلبة للدفاع عن كل حقوق وقضايا المظلومين والمقهورين.
ها هي حلب تحتفل بنصرها وتعلن للعالم أنها كانت وستبقى أقوى من الإرهاب كما باقي المدن والمحافظات السورية، وهاهي حناجر الحلبيين تشدو وتصدح بزغاريد النصر لتغزل مع أصوات المعامل وضجيج الآلات وصخب العمال لحن الخلود والبقاء وأيقونة الحياة التي لم تستطع وحوش الإرهاب قتلها في نفوس السوريين.
إنها حلب التي علّمت العالم معنى الإباء والصمود والنهوض من تحت الرماد والوجع برغم كل الآلام التي طافت بها شوارعها ومنازلها وساحاتها، إنها حلب التي علمت دول الحرب والعدوان، أنها أقوى منهم برغم كل إجرامهم ووحشيتهم وقتلهم للبشر والحجر والشجر، إنها حلب التي لم تتنازل ولم تتراجع ولم تُسلم أو تستسلم أمام قطعان الإرهابيين.
هاهي حلب تصدح بزغاريد النصر لتعلن ولادتها من جديد، ولتعلن عودة الحياة والنبض إلى شرايين الفرح والحب والجمال والعمل، ولتؤكد أن نصرها المؤزر بالدم والعزيمة والتضحية والشهادة انكتب.