د. الصايغ: الانتصار في حلب يفتح بوابات النصر النهائي على الإرهاب
تحدث الإعلامي الدكتور فايز الصايغ لـ(الثورة») عن معاني الإنجاز في معركة تحرير حلب، و رسائل القوة التي أرسلها الانتصار المحقق والمنجز في حلب، وأصداء هذا الانتصار وانعكاساته على معارك التحرير المستكملة لكل التراب السوري من عفن الإرهاب،
مؤكداً أن كل شبر من سورية مقدس عند السوريين وفِي مقدمتهم الجيش العربي السوري، وأنه لا يدرك القداسة هنا على هذه الأرض الطيبة التي يستنشق أهلها القداسة إلا القديسون و أولئك هم أفراد الجيش وأهلهم ومن يحيط بهم وأعني الشعب السوري كله.
وأشار الصايغ إلى أن التحرير يحمل في مضمونه كل الخصوصية والفرادة الاستراتيجية والأهمية الكبرى، ليس لأنها حلب عاصمة سورية الاقتصادية وبوابة الشمال وميمنتها الشرق وميسرتها الغرب السوري، ولا لأنها مدينة الصناعة والتراث والأوابد والشواهد الحضارية والتاريخية والتعداد يطول فحسب، وإنما لأنها فوق ذلك كله مدينة الفرح السوري ومن مواويل أهلها تتمايل غوطة دمشق ويهتف قاسيونها مفتخراً بانتصار حلب، مضيفاً: لا أريد استعراض ما تعرضت له حلب عبر التاريخ من غزوات همج الأكوان وانتصرت، وما انتصارها اليوم وقد تكالبت على سورية كل نفايات العالم البشرية وكل متخلف ورواد سجون وقتلة ومجرمون ومن بينهم حثالات دول النفط التي كان من المفروض أن يسهم مالها في رفع مستوى فهمهم وإدراكهم لما يخطط لهم.
ويتابع الدكتور الصايغ بالقول: إن التفرعات شائكة ومعقدة في خيوط المؤامرة على سورية وتحتاج إلى مساحات أوسع، لكن ما يمكنني قوله إن معركتنا في خواتيمها فما بعد حلب ليس كما قبلها، فانتصار حلب اليوم هو دعائم تثبيتية وترسيخية ومكملة لانتصارها عام 2016 وللانتصارات التي سبقت ولمئات المعارك التي خاضها جيشنا المقدام على عموم الأرض السورية التي دنسها إرهاب العالم المتقدم منه والمتخلف، وما اجتمع التخلف والتقدم ولا تقاطعت مصالحه إلا لأن المخطط أميركي إسرائيلي تخضع له دول محسوبة على التقدم ودول محسوبة على العمالة، ويستعرض الصايغ المخططات التآمرية التي وضعت لاستهداف الدولة السورية والنيل من جيشها، مشيراً إلى أنها في ذروة التقاطع القذر والانحناء المذل عند مصالح أميركا وإسرائيل التي قررت استهداف سورية وشعبها وحضارتها وتاريخها العريق لأنها تدافع عن الأمة العربيه وتقاوم المشروع الصهيوني.
ويوضح الصايغ أسباب فشل المؤامرة الصهيو أميركية على سورية بأن الدول المتآمرة وأذنابها فاتهم أن سورية عصية على الاستهداف لأنها تملك واحداً من أهم أسباب الانتصار وهو وحدة الجيش والشعب مع القائد وانصهار القائد مع الجيش والشعب هذه المعادلة غابت عن أذهان الدول المتآمرة طوال زمن الاستهداف، فيما بدأت مراكز الأبحاث وأغلبها غربي وأميركي وبعضها (إسرائيلي) تدرك أن هذه المعادلة هي كلمة السر في انتصار سورية منذ بداية المؤامرة حتى تاريخ آخر انتصار، وفِي كل يوم وجولة انتصار جديد لدرجة أن انتصاراً يحدث الآن في الجبهات الساخنة ونحن نكتب هذه الكلمات، فما بين كتابتها وبين نشرها سيحقق الجيش العربي السوري أو ستحقق المعادلة انتصاراً جديداً.
ويؤكد الإعلامي الصايغ أهمية تضامن حلفاء سورية معها ووقوفهم مع حقوقها المشروعة واستبسالهم في الذود عن أحقيتها في صون وحدتها الجغرافية ودحر الإرهاب عن أراضيها، وقال: لم نكن وحدنا في المعركة فقد انتصرت القيادة السياسية والعسكرية في إيجاد منظومة التحالف مع الأشقاء والأصدقاء ومع منظومة المقاومة وفِي المقدمة روسيا الشقيقة وإيران الشقيقة أيضاً، فيما أغلب من كنّا نسميهم أشقاء هم في الخندق الصهيوني، مشيراً إلى أن سورية قدمت لنفسها ولأمتها العربية والإسلامية وللعالم كله ولشعوب الدنيا نموذجاً فريداً في التصدي للإرهاب سيدونه التاريخ في سجله الصحيح بأحرف من ذهب وبنور ساطع.
ويضيف الدكتور الصايغ إن ما بعد حلب سيكون مختلفاً عما قبله لأن الجيش العربي السوري وأهالي حلب ومن خلفهما الشعب العربي السوري كله المتحد والمتلاحم مع جيشه وتضحياته حطّم بانتصار حلب المخطط وصدّع عقول المتآمرين وأصابهم بالشلل والتشرد والهزيمة النكراء، ذلك أن صدى الانتصار السوري في شمال الوطن العربي يُسمع صداه في المغرب العربي وفِي عموم أرجاء الوطن العربي كله، والصوت والصدى الذي أتحدث عنه لا يمر عبر إسماع الحكام وإنما يستقر في آذان وعقول الناس والشعب العربي عموماً، الأمر الذي سيسهم في هزّ الأنظمة العربيه المتواطئة فيما ينذر بالحساب العظيم عندما تحين الساعة التي لا ريب فيها.
وأضاف الصايغ إن ما يسعى إليه النظام التركي من خلال تأجيج الحروب وتسخين الجبهات على امتداد الخريطة العربية وما يجري في شمال سورية وفِي غرب وشمال أفريقيا وتحديداً في ليبيا وفِي مناطق أخرى يشير إلى أن النظام التركي ومن يقف خلفه من قوى التخلف العربي الذين يأتمرون بأمر الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل بطبيعة الحال، يحاول بسط عثمانيته على الشرق والغرب مروراً بما زرع في السودان من ألغام وما قام به في زعزعة الأوضاع وتأجيجها في ليبيا استكمالاً لما قام به حلف الناتو الاستعماري في ليبيا من تدمير ممنهج، وهذا يعني أن مخطط الفوضى الخلاقة الذي بشّرت فيه كونداليزا رايس يوم كانت مستشارة الأمن القومي الأميركي في إدارة الرئيس بوش الابن مستمر، مضيفاً إن مثل هكذا مخطط هو المرحلة التمهيدية التي كان كما يبدو سواءً كنّا على معرفه بالمخطط أم فوجئنا به لتنفيذ (صفقة القرن) التي فوضت الكيان العنصري الصهيوني بالاستيلاء على المنطقه كلها وبتواطؤ عربي سواء من دول الخليج أم من خارجها، ولا جديد إذا ما أكدنا أن الذراع التركي العثماني هو ذراع حلف الناتو الذي يمكنه التغرير بالمأجورين لتفتيت الساحات العربية وهذا ما حصل.
____________________________________________
العميد مقصود: انتصار حلب قلب المعادلات ومزق الخرائط الاستعمارية
أكد الخبير العسكري والاستراتيجي العميد علي مقصود لـ(الثورة) أن أهمية الانتصار في حلب تأتي من كونه انتصاراً يحمل دلالات ومعاني كبيرة على عدة مستويات و أبرزها فتح الشريان الحيوي الذي يربط مدينة حلب ليس مع المدن السورية الأخرى فحسب بل مع مدن الجوار،
فضلاً عن فتح الشريان البري الذي رافقه الشريان الجوي بعد أن تم تأمين مدينة حلب وإخراجها من البازار السياسي، مشيراً إلى أن هذا الإنجاز يعتبر إنجازاً نوعياً واستراتيجياً.
ونوه إلى أن اللافت خلال معركة حلب هو الإنجاز الكبير الذي حققه الجيش العربي السوري والسرعة الفائقة الذي انهارت خلاله المجموعات الإرهابية ما يؤكد فعالية وصوابية الرؤية والاستراتيجية العسكرية السورية، ويثبت نوعية وتفوق التخطيط والتكتيك للقيادة العسكرية في مجريات معارك القتال والمواجهة رغم الدعم اللامتناهي للإرهابييين مادياً وعسكرياً والضخ الإرهابي الكبير الذي قام به النظام التركي ليمنع تحرير حلب، مشيراً إلى أن معركة حلب تستحق أن نسميها (تسونامي) لأنها قلبت المعادلات والخرائط ورسمت معادلات وخرائط جديدة كاسرة لكل الموازين.
وبين مقصود أن تحرير مدينة حلب وإعادتها إلى دورها الريادي ومكانتها الخاصة كعاصمة اقتصادية لسورية هو إنجاز له أهمية كبرى في ظل تصعيد العقوبات الاقتصادية على سورية إلى الحدود الكبرى والتي تمارسها دول محور الإرهاب العالمي وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأميركية، لافتاً إلى أن ثمار تحرير حلب وعودتها إلى وضعها ودورها الريادي في عجلة الاقتصاد تأتي مع سريان هذا الدم الاقتصادي في الشرايين التي تربط مدينة حلب ببقية اتحاد الجسد السوري وصولاً إلى معبر نصيب الحدودي مع الأردن لتخرج إلى العالم وإلى دول الجوار والتي من الممكن أن تسهم بشكل كبير في تخفيف المعاناة الحالية عن الشعب السوري في كل المدن وليس في مدينة حلب فحسب.
وأوضح أن معركة حلب لم تكن مستقلة عن معركة إدلب لأن هذا الشريان يمتد على طول المدن بدءاً من حماة وإدلب وصولاً إلى مدينة حلب، وهذا فرض على الجيش العربي السوري مهمة قتالية من أعقد المهام وهي أن يحرر أكثر من 1300 كلم من قرى وبلدات وتحصينات على طول هذا الشريان لكي يصل إلى مدينة حلب ويؤمنها بالكامل، ولكي يطمئن للمرحلة القادمة وهي فتح طريق حلب - اللاذقية، وختم مقصود بالقول إن لهذا الإنجاز دلالات استراتيجية وأهمية كبرى على المستويين العسكري والسياسي، مشيراً إلى أنه مع هذا الإنجاز مني النظام التركي بهزيمة كبرى وسقط المشروع التركي الاستعماري خاصة القائم على إقامة وهم (المنطقة الآمنة) المزعومة في مثلث إدلب - جسر الشغور - معرة النعمان.
_____________________________________________
د. أبو عبدالله : انعكاسات الانتصار كبيرة وهائلة
أشار الأكاديمي والباحث في العلاقات الدولية الدكتور بسام ابو عبد الله في تصريحه الخاص لـ»الثورة» الى أن انتصار حلب له تأثير كبير جداً وخاصة أن الدولة السورية أعطت مهلة أكثر من عام وعدة أشهر لاتفاق سوتشي كي يقوم النظام التركي بموجبات هذا الاتفاق، لافتاً الى انه خلال عام وعدة أشهر لم ينفذ النظام التركي أي التزام من التزامات سوتشي وجرى خرق الاتفاق أكثر من ألف مرة وفقاً لوزارة الدفاع الروسية،
وجرى تعزيز واقع الهجمات الإرهابية وعادت مدينة حلب وبعض أحيائها لتعاني من القصف الصاروخي الذي كانت تنفذه هذه الجماعات الارهابية، لذلك صدر بيان عن القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة واتخذ قرار سوري استراتيجي بتحرير حلب هو متخذ بالأساس ولكن آن آوان تطبيقه، منوهاً بأن هذا الأمر أتى بعد زيارة الرئيس الروسي فلاديميير بوتين إلى دمشق في السابع من الشهر الماضي والذي أعطى إشارة بأن وضع الإرهاب في إدلب يجب أن ينتهي وهذا الأمر تم تدعيمه بتصريحات سياسية وعسكرية روسية خاصة بعد مماطلة النظام التركي لأشهر طويلة وكذبه ومراوغته مع روسيا فيما يتعلق بالتزامه باتفاق سوتشي .
وأضاف الدكتور أبو عبدالله إنه في بداية هذه العمليات العسكرية الواسعة السريعة والهامة والمؤثرة جداً لم تعتقد العديد من الأطراف المعادية للدولة السورية بما فيها النظام التركي وحلف الناتو أن الجيش العربي السوري والحلفاء سيتمكنون من خلال هذه الانطلاقة السريعة انجاز هذا التقدم الميداني الكبير والواسع وكانوا يعتقدون بأن الأمر سيتحول الى حرب استنزاف وسيجبر السوريين والروس على أن يفاوضوا الاتراك وسيكون وضع النظام التركي أقوى .
ونوه بأن الصدمة الكبيرة التي أصيبت بها هذه الأطراف هي سرعة الانجاز ودقته وحجم الانهيار الكبير داخل الجماعات الإرهابية التي تتلقى الدعم من النظام التركي وحلف الناتو، وهذا الأمر صدمهم وهذه التحولات في الموقف بدأت بشكل تصعيد واضح جداً، خاصة أن تحرير طريق دمشق - حلب هو أيضاً توسيع طوق الأمان لمدينة حلب الذي فاجأهم باتجاه الدخول عدة كيلو مترات في طريق M4 « طريق حلب اللاذقية «، مبيناً انه تم البدء برؤية المتغيرات في الموقف من خلال الانخراط التركي العدواني الواضح جداً معنى دخول الاصيل وخصوصاً بعد انهيار الوكيل بشكل كبير لم يكونوا يتوقعونه، وبالتالي بدأ لتصعيد التركي الذي لا يزال حتى هذه اللحظة .
وعن رسالة تحرير حلب وتأمينها من الهجمات الارهابية التي يقودها النظام التركي الداعم والراعي للإرهاب في الأراضي السورية أكد الدكتور أبو عبدالله أن انهاء هذا الوجود الإرهابي في محيط مدينة حلب ظهر مباشرة سواء من خلال ردود أفعال النظام التركي أم من خلال ردود أفعال الدول الغربية ومن خلال جلسة مجلس الأمن الذي اعتدنا أن تعقد فقط للدفاع عن الإرهابيين .
ولفت إلى أن انعكاسات الانتصار ستكون كبيرة وهائلة، فمن الجانب الاقتصادي فإن الانتصار سيعطي أملا كبيرا لأهلنا في حلب وهذا رأيناه في ردود الافعال الشعبية وافراح أهالي حلب، والحركة الجوية ستعيد الكثير من الناس في الخارج للبدء بنشاط حقيقي وفعلي في مجال الصناعة ذات التأثير الكبير على الحركة الاقتصادية في سورية، وهذا الأمر سيربط حلب بالمحافظات السورية عبر الطريق السريع بحماة ودمشق وكل المدن السورية.
ونوه بأن للانتصار تأثير معنوي ايضاً فقد أنهى حالة المراوحة في المكان التي استمرت لفترة طويلة وشكلت نوعا من الابتزاز التركي عبر اللعب على حبال الاتفاقات وإبقاء الوضع الراهن وإطالته من خلال محاولة تثبيت واقع سيفرض على السوريين كما كان يفكر النظام التركي، والآن كسرت حالة الجمود هذه من خلال كسر هذه المعادلات وفرض تحرير الأرض بالقوة العسكرية الأمر الذي جعل النظام التركي عاجزا عن الدفاع عن تدخله العدواني أو حتى أمام الرأي العام داخل تركيا وأمام الرأي العام على صعيد المنطقة.
ولفت إلى أن تداعيات الانتصار سنجدها كبيرة جداً وخاصة أن ورقة حلب التي كانت إحدى أدوات الضغط السياسي قد أزيحت ولم يعد بإمكان أردوغان ابتزاز سورية من خلال لجنة مناقشة الدستور أو غيرها، إضافة الى أن ذلك سيمهد لابقاء إدلب محاصرة ومعزولة ومقطوعة الأوصال وهذا سيضعف واقع الجماعات الارهابية وواقع النظام التركي الذي يبتز في كل مرحلة وفي كل نقطة وفي كل اتفاق سواء في سوتشي أم آستنة .
وختم الدكتور أبو عبد الله بالقول إن ارتدادات الانتصار بدأنا نراها من خلال جنون النظام التركي وتصريحات وزير حربه أو من خلال ردود الفعل الأميركية التي تريد أن تزيد الشرخ بين الروس والأتراك.