تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الدكتور فواز الصَّياغ...الطبيب الناجح ... من يعالج هموم الناس ومشكلاتهم

تجارب شخصية
الأحد 17/2/2008
ميساء الجردي

من تلك المد ينة التاريخية المعروفة بنضالها الوطني التي كانت في وقت من الأوقات مركزا للقائد الظاهر بيبرس ( من مدينة الكرك) بدأت رحلته النضالية المبكرة في صفوف البعث.

فكان ذلك سببا في إبعاده عن أهله وبلده الأردن في هذا الحديث الهادئ حول تجربته الشخصية تفجرت ذكريات الشجون والسجون, وحب الوطن والانسان.‏

أنا من مواليد 1939 من عائلة ميسورة نسبيا تعيش في مدينة الكرك جنوب الاردن, وسمينا عائلة الصياغ لأن أجدادنا كانوا يعملون في مهنة الصياغة (صياغة الفضة).‏

درست الابتدائية والثانوية في الكرك وعملت لمدة عامين في مجال التدريس لطلاب قرية من قراها العديدة, لأن الظروف السياسية في ذلك الوقت عام 1957 لم تسمح لي بالذهاب لمتابعة دراستي الجامعية, حتى نهاية عام 1958 زمن الوحدة بين سورية ومصر حيث غادرت الأردن إلى مصر بهدف متابعة الدراسة, وهناك لم يرضهم نشاطي السياسي, وبعد سنة واحدة فقط, أبعدت عن أراضي الجمهورية العربية المتحدة ( آنذاك) إلى بغداد حيث درست في كلية الطب وتخرجت عام 1966 وأثناء دراستي ساهمت مع الحزب في جميع النضالات التي خاضها في العراق وعندما عدت إلى الأردن مارست مهنة الطب حتى عام .1970‏

رحلة النضال والاختيار الشخصي‏

انتسبت بوقت مبكر إلى صفوف حزب البعث العربي الاشتراكي الذي كان ينشط في الأردن منذ عام 1954 وطبيعي أن اخترت هذا الطريق حتى اليوم عن قناعة وفي البداية كنا شبابا نعتقد أن الانخرط في الحزب من أجل تحقيق الوحدة وحرية الانسان العربي وبناء اقتصاد اشتراكي, مهمة سهلة لكن مع مرور الزمن تبين لنا صعوبة تحقيق هذه الأهداف الكبيرة والتي تحتاج إلى جهود كبيرة جدا.وخصوصا أننا كنا نعرف المعوقات التي تواجه حزبنا وتواجه جماهيرنا العربية مما أذكره في رحلتي مع الحزب: أنني أثناء دراستي في بغداد اشتركت بثورة ,1963 وبعد سقوط حكم الحزب في نهاية العام نفسه , تم اعتقالي ومن ثم ابعادي عن العراق إلى الأردن.‏

في الأردن ساهمت في انشاء منظمة الطلائع الشعبية مع رفاقي في الحزب, ثم انخرطنا في صفوف العمل الفدائي حتى عام 1970 أي حتى وقت أحداث ايلول لكنني أيضا اعتقلت ثم ابعدت إلى القطر العربي السوري عام .1971‏

خلال وجودي في الاردن مارست مهنة الطب إلى جانب قيادة الحزب وقيادة منظمة الصاعقة, ومنظمة طلائع التحرير الشعبية, وحين ابعدت إلى سورية كنت عضوا في القيادة القومية للحزب. ومن ذلك الوقت وبعد الحركة التصحيحية تفرغت نهائيا للعمل السياسي الحزبي.‏

وفي سورية تسلمت مكتب الاعلام والنشر في القيادة القومية واستمريت رئيسا للمكتب حتى عام ,1975 حيث استلمت رئاسة مكتب العلاقات الخارجية في الحزب والقيادة القومية, وبعد انعقاد المؤتمر القومي الثالث عشر تسلمت مرة أخرى مكتب الاعلام والنشر كعضو في القيادة القومية الاحتياطي للحزب اضافة إلى عملي (كرئيس هيئة التحرير) في مجلة الحزب الداخلية ( مجلة المناضل) الذي أنا فيه حتى الآن.‏

ومن خلال عملي في هذه المواقع ساهمت في عدة نشاطات وفي عدة مهام في سورية وخارج سورية على سبيل المثال ترأست العديد من الوفود التي ذهبت لإجراء محادثات سياسية وحزبية مع الأحزاب الشقيقة والصديقة, وساهمت مع رفاقي في القيادة في جميع الأنشطة التي تمت في ذلك الوقت.‏

مواقف مؤثرة‏

هناك مشكلات عديدة تأثرت بها, منها الإبعاد الذي تعرضت له من مصر في بد اية حياتي الدراسية وكان عزيزا علي أن أبعد من بلد ناضلنا جميعا من أجل أن يكون جزءا من الوحدة العربية.‏

وكانت أول انتكاسة واجهتنا هي اختلافنا مع الرئيس الراحل جمال عبد الناصر حول قضايا الحكم والسياسة العامة, الذي نتج عنه تأخر القضية القومية وولوج القوى المعادية الذي أدى فيما بعد للانفصال.‏

أثر ذلك فينا تأثيرا كبيرا وتأثرت أنا بهذا الحدث الانفصالي الذي واجهنا في بداية نضالنا السياسي.‏

والحدث الثاني الذي تأثرت به هو انتكاسة حكم الحزب في العراق عام 1963 وهو ما سمي في ذلك الوقت ردة تشرين وكان موقفا صعبا أحاط بنا وأدى في النهاية إلى اعتقال عدد كبير من المناضلين وأنا من بينهم.‏

ثم نكسة حزيران التي نتج عنها احتلال سيناء والضفة الغربية والجولان السوري ووجود عدد كبير جدا من اللاجئين والنازحين الفلسطينيين.‏

وبما أنني في ذلك الوقت كنت أعمل طبيبا في مستشفى خاص للاجئين واجهت العديد من الكوارث الانسانية وجاءت جائحات مرضية أصابت الأ طفال أهمها ( التهاب السحايا الدماغي في عام 1967 وأمراض صيفية كثيرة).‏

الطموح الكبير‏

وبالنسبة للمواقف الصعبة والمؤثرة, فهي عديدة وكان أصعب موقف واجهنا هو وقف القتال في حرب تشرين على الجبهة المصرية وبقاء القطر العربي السوري يقاتل الاحتلال الاسرائيلي وحده, مما أدى إلى انتكاسات في التقدم الذي كنا نأمله من تحرير الجولان وسيناء.‏

ثم تبعته مواقف أكثر صعوبة وهي دخول مصر في مفاوضات منفردة مع العدو الاسرائيلي ( اتفاقية كامب ديفيد) وانفراد الإخوة الفلسطينيين في الحل المنفرد ( اتفاقية اوسلو) التي كانت مفاجئة لنا جميعا. والعدوان على لبنان وتشريد الكثير منهم سواء في 1982 أو عدوان تموز كل هذه الأحداث مواقف صعبة وبالنسبة لي تجسد مواقف فكرية ونفسية وجسدية وتوترا كبيرا جدا.‏

أما فيما يتعلق بالمواقف الشخصية الأمر لا يخلو من الأحداث والمواقف المؤثرة والصعبة لكنني لا أقف عندها كثيرا وأرى أنها أسهل بكثير من الانتكاسات الكبرى التي تحيط بناء وتؤثر على وجودنا وحياتنا وليس على وجودي وحياتي فقط.‏

فأنا لا أبحث عن خلاص شخصي وطموحي هو الخلاص الوطني والقومي لأبناء شعبي وجيراني وعائلتي فطموحي أن يكون الجميع مرتاحا.‏

أما الخلاص النفسي, فأنا قادر على تحقيقه بسهولة بمهنتي ووظيفتي وعائلتي وامكانياتي لكنني سأبقى أشعر بالنقص والألم والحسرة عندما لايكون الجميع بسوية واحدة.‏

الأسرة والمهنة‏

في حياة ممتلئة بالعمل يكون الوقت الذي يقدم للأسرة قليلا نوعا ما, وهي مسألة خاصة جدا, أنا دفعت ضريبتها, أولا ابتعاد عائلتي وأولادي عن الأهل والأقرباء في الأردن لفترة طويلة, كنت فيها ممنوعا من دخول الأردن لمدة عشرين سنة, وهذا أثر على حياتنا العائلية والاجتماعية, أولادي لم يكونوا يعرفون عائلتهم ( أولاد عمومتهم أو خالاتهم) الا بعد أن أصبحوا شبابا,هذا الأمر له انعكاساته السلبية في حياتنا, لكنه أسهل بكثير من المعاناة القومية التي تحيط بشعبنا.‏

عندي ثلاثة أولاد, ابنتي الكبرى متزوجة وتعمل في الأردن وابني تخرج من كلية الطب, وابنتي الصغرى تعمل في هيئة الإذاعة والتلفزيون في سورية وهي خريجة كلية الصحافة والاعلام.‏

وبالنسبة لمهنتي ان الكثير من الناس يعرفون أنني كنت طبيبا, ويستغربون لماذا درست الطب وأعمل في السياسة وعندما يقولون الدكتور فواز كانوا يعتقدون أنني دكتور علوم سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية وهذا الاستغراب للذين يعرفونني, ناتج عن أنهم يعرفون عملي في المجالات السياسية والاعلام وفي العلاقات الدولية ,فيستغربون هذا التنوع في التفكير وفي العمل لاعتقادهم أن الطبيب يجب أن يهتم بالطب فقط.‏

وأنا أعتقد ان الطبيب الناجح هو الذي يعالج مشكلات الناس وهمومهم الحقيقية لأن جزءا كبيرا من أمراض مجتمعنا هي أمراض ناتجة عن السياسات الخاطئة التي كانت تسير في بلدانهم وحكوماتهم:‏

الهدف السامي واختيار المواضيع‏

القومية العربية هدف سام وتاريخي ومستقبلي وبما أن القومية هي هدف مشروع لكل الأمم, فمن باب أولى أن تكون الأمة العربية بحاجة لمثل هذه الأهداف لتحقيق وجودها وغاياتها ومستقبلها وهي حق على كل أبناء الشعب العربي.‏

وصحيح أن هناك صعوبات لمثل هذا الهدف والأمل لكن مع مرور الزمن تزداد قناعة الجماهير العربية إنها أسمى الأهداف وهم يشعرون ما يواجهونه من أخطار التقسيم والشرذمة وطمس الهوية.‏

وسورية دائما كانت هي القلب النابض في هذا الخضم الكبير من التشويه الذي يلحق بالجماهير العربية.‏

وبالنسبة لنا في مجلة المناضل وكما هو معروف مجلة فكرية سياسية تهتم بالقضايا التي يطرحها الحزب والمنظمات القومية.‏

لكن هناك دائما قضايا سياسية راهنة يجب على الحزب أن يكون له رأي فيها وأن يعالجها, ودائما هناك أحداث ( محلية وعربية وعالمية) فالمواضيع الأكثر سخونة هي التي تكون محور كل عدد من أعداد مجلتنا العربية.‏

وهي مجلة شهرية نمر من خلالها على كل القضايا التي تحيط بالوطن العربي ونعالجها ونطرح المواقف التي نعتقد أنها المواقف الأصح.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية