تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


هل سينجح كيري في مهمته؟

جيروزاليم بوست
ترجمة
الأحد 2-6-2013
ترجمة: ليندا سكوتي

من دواعي الاستغراب ما نشهده من إجحاف ولامبالاة للدور الفعال الذي ينهض به جون كيري الذي ما انفك يعمل جاهداً لإعادة إطلاق عملية السلام بين إسرائيل والفلسطينيين على الرغم من أن بذل مثل هذا الجهد يقع في مسؤولية الخصمين للمباشرة بها بدلاً من أن ينأى كل منهما بنفسه عنها،

وكان من المسوغ أن يبذل كل جانب منهما قصارى جهده بشكل يفوق بكثير ما تبذله الولايات المتحدة في هذا المضمار، وأن يضع هذا الأمر في أعلى سلم أولوياته لما لذلك من تأثير فعال في حل النزاع بينهما. كما وأننا نشعر بالدهشة والاستغراب عندما نجد الطرفين يكرسان مساعيهما لإيجاد المبررات والذرائع لاستئخار التفاوض بدلا من العمل على سرعة إجرائه.‏

لقد سبق وأن فشل السيناتور جورج ميتشل في ذات المهمة التي أوكلت الآن لكيري لأنه عمد إلى تركيز جل طاقاته وجهوده باتجاه جلب الطرفين إلى طاولة المفاوضات ويبدو أن كيري يسير بذات المنوال مضيفاً بعض الحوافز وبشكل عام يبدو أن ما ينهجه من أسلوب وإستراتيجية لا يختلف عن أسلوب ميتشل من حيث حث الطرفين على الجلوس وجها إلى وجه لإجراء المفاوضات بينهما.‏

قد يكون كيري محق بتصريحه بأن هذه المفاوضات لها ديناميكية خاصة بها وأنه من المتعذر التنبؤ بما ستتمخض عنه من نتائج منذ البدء بها ولاسيما أن التحدي الذي يواجهه هو ذات التحدي القائم منذ أربع سنوات والذي يتركز على كيفية البدء بالمفاوضات. لكن ربما يعمل كيري على نهج مختلف يعطي ثماره في المستقبل حيث نجده قد لجأ إلى طلب إيضاحات من الطرفين ويتوقع أن يتلقى إجابات جدية عنها خاصة بالنسبة للمواقف المتعلقة بالقضايا النهائية وإننا في هذا السياق نستطيع القول بأن المفاوضات قد بدأت وأنه ليس من الضروري جلوس الطرفين في ذات الغرفة للتفاوض بشأن النزاع.‏

لقد أجرى كيري جولات مكوكية متنقلاً بين الإسرائيليين والفلسطينيين حاملا مواقف كل منهما إلى الآخر بشأن القضايا العالقة لعله يتمكن من ردم الهوة واقتراح الحلول لسد الثغرات بينهما ويبدو أنه أضاف إغراءات جديدة بغية المساعدة في تشكيل واقع أكثر إيجابية على الأرض عندما كان يتنقل بينهما بهدف التوصل إلى اتفاق.‏

لا ريب بأن الإغراءات والحوافز الاقتصادية لا تمثل بديلا عن العملية السياسية، لكن لها ميزة قد تنجم عنها آثار إيجابية على كلا الجانبين ذلك لأن تحسن الوضع الاقتصادي للفلسطينيين لن يفضي إلى تحقيق منافع اقتصادية فحسب بل سيكون له آثاره الإيجابية على إسرائيل عندما يعمد الفلسطينيون إلى شراء أغلب احتياجاتهم من إسرائيل، كما سيكون له دوره الفعال في منع تدهور الأوضاع الأمنية على الأرض نتيجة الاستقرار الاقتصادي.‏

من المسلم به بأن وقف النشاط الاستيطاني أثناء التفاوض لن يغير الموقف الإسرائيلي حيال المناطق التي يجب إلحاقها بها في إطار تبادل الأراضي وسيكون عاملاً مساعداً أيضاً في تحسين مناخ التفاوض.‏

ليس ثمة فرصة لعقد اتفاقية مؤقتة، وإن كيري على حق في سعيه للتوصل إلى اتفاق شامل بشأن كافة القضايا. ونتيجة لجولته المكوكية فإنه قد يكون من الحكمة استخدام تكتيك التفاوض على غرار ما فعله وزير الخارجية الأميركية السابق وارن كريستوفر عندما تلقى «وديعة» من إسحاق رابين بشأن مرتفعات الجولان حيث أخبره بأنه في حال قيام سورية بتلبية مطالب إسرائيل فيما يتعلق بالأمن وقضايا التطبيع والسلام الحقيقي فإن بلاده ستكون على استعداد للانسحاب من مرتفعات الجولان إلى حدود 4 حزيران عام 1967. ومن ثم استخدم كريستوفر «وديعة رابين» للسعي إلى الحصول على إجابات مناسبة من السوريين فيما يتعلق بالمطالب الإسرائيلية.‏

وكما نعلم فقد قتل رابين وعُلقت المفاوضات ومن الممكن استخدام مثل هذا النهج مرة أخرى بشأن الأجندة الإسرائيلية-الفلسطينية للمساعدة في التوصل إلى الاتفاق الذي لن يتطلب تبادل الأراضي بين الطرفين فحسب بل يكون ثمة حاجة للمقايضة على بعض الأمور في قضايا محددة.‏

القضية الأكثر شيوعاً في التبادل والتفاوض التي تم اقتراحها على مدى عدة سنين هي تقديم تنازلات إسرائيلية في القدس مقابل تنازلات فلسطينية بشأن عودة اللاجئين. والفكرة هي التوصل إلى صفقة شاملة تتضمن جميع القضايا وتعطي كل جانب ما يكفي إلى إرضائه بالاتفاق الذي تم التوصل إليه. ولا شك بأن أياً من الطرفين لن يحصل على كل ما يطلبه لكن كل طرف سيحصل على ما يكفي لجعل غالبية شعبه يقف إلى جانب دعم الاتفاقية بشكلها الكامل.‏

إن التفاوض على أمر معين بشكل منفصل عن القضايا الأخرى لن يسهل التوصل إلى اتفاقية كاملة حيث بينت استطلاعات الرأي في كل من الجانبين بأنه في حال طلب تقديم تنازلات في قضايا محددة منفصلة فإن كل من الإسرائيليين والفلسطينيين سيرفضها بينما في حال تقديم ذات التنازلات كجزء من اتفاقية سلام شاملة تضع حداً للنزاع ونهاية لكل الخلافات فإن الغالبية في كلا الجانبين سيقبل بهكذا اتفاق.‏

إن تحقيق النجاح للمفاوضات والتوصل إلى اتفاق بين إسرائيل والفلسطينيين يتطلب بالضرورة أن تقام بسرية تامة بحيث لا يرشح عنها إلا النزر اليسير الأمر الذي سيفضي للتوصل إلى نتائج إيجابية لكن هذا الأمر سيكون في غاية الصعوبة ومثار لتساؤلات جمة لأن الجمهور يريد أن يعرف ما تم التوصل إليه في كل مرحلة والصحفيون سيعملون بجد لكشف حقيقية ما يجري.‏

بتقديرنا إن عقد مفاوضات علنية أمر غير مجد ذلك لأنه ليس لدى أي من الطرفين القوة السياسية الداخلية للتفاوض بحرية لكن يجب عرض ما تم التوصل إليه من نتائج على الاستفتاء العام كل وفق الطريقة التي تتناسب وواقعه القانوني.‏

قليل من الناس لديه الأمل بنجاح بأن مهمة كيري ذلك لأن لدى كل جانب تجاربه الخاصة بهذا الشأن لكننا نرى انه يتعين على الإسرائيليين والفلسطينيين تشجيعه والصلاة من أجل نجاح مساعيه لأنه ما انفك يبذل الجهود من أجلنا وليس ضدنا، ولأن السلام يقع في قمة سلم اهتماماتنا ونحن بحاجة لتحقيق النجاح فيما فشل الآخرون بتحقيقه لذلك يتعين علينا الاستفادة من تجارب الماضي وعدم الوقوع في الأخطاء التي ارتكبها من سبقنا.‏

إن الصراع بين الأمم والشعوب يمكن حله، والتوصل إلى سلام حقيقي بين شعبين أمر ليس بالعصي على التحقيق خاصة بعد مضي 20 عاماً من المفاوضات وبعد أن أصبحت مكونات الصفقة معروفة ويمكننا أن نجمع تلك المكونات مع بعضها باتفاقية سلام شاملة ولا ريب بأن كيري بحاجة ماسة لدعمنا وتشجعينا ونحن بحاجة إلى استمرار جهوده إلى الحين الذي يتم به التوصل إلى الاتفاق المنشود.‏

 بقلم: غيرشون باسكن‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية