وترى الباحثة منى المؤذن في كتابها خزف دمشق الإسلامي المحفوظ في المتحف الوطني بدمشق من القرن الثالث عشر إلى القرن الثامن عشر ميلادي أن هذا النوع من الصناعة يعطي فكرة واضحة وجيدة عن النشاط الفني والعلمي والصناعي وذلك من خلال تصنيع الآنية باليد أو الدولاب أو القالب ومن ثم شيها بأفران خاصة يليها تركيب الأصبغة أو الألوان المستحضرة من المواد الطبيعية ثم تنفيذ الموضوع الزخرفي على الآنية ذات الأشكال المختلفة.
وتبين أن الفنان الذي يقوم بزخرفة الآنية الخزفية يكون متميزا حرفيا فعليه حمل وتحريك الإناء بيد وباليد الأخرى يحمل الفرشاة ويقوم أولا بتقسيم الآنية إلى حقول او نطاقات ويقوم ثانيا بتوسيع الزخارف ضمن تلك المساحات ليتم غمر القطعة الفخارية بمادة زجاجية وشيها مرة اخرى ليحصل على آنية خزفية.
وتشير المؤذن إلى أن لصناعة الفخار والخزف أهمية كبرى فهي تلازم المواقع الأثرية ومن خلالها يمكن أن تساعد على تاريخ الموقع كما أن الخزف يساعد بشكل خاص على تأريخ المواقع الإسلامية ويعود ذلك إلى انتشار الخزف وتنوعه بشكل واسع في العصور الإسلامية مبينة أن العلماء والمختصين في هذا المجال قاموا بتقديم دراسات عن أنواع الخزف وتحديد ميزاته وتصنيفه.
وتذكر المؤذن أن أهم الذين عملوا في هذا الميدان الدكتور ارثرلين الذي شغل منصب امين متحف فكتوريا والبرت وهو من أكبر المتاحف العالمية في لندن إضافة إلى تخصصه باقتناء التحف الخزفية. وتكشف المؤذن أن القطع الأثرية الخزفية الدمشقية مغمورة وأن كان قد وصل بعضها إلى المتاحف العالمية عن طريق بعض التجار وهواة جمع الآثار.
وتعمل الكاتبة في بحثها على اعداد بطاقة خاصة لكل قطعة أثرية عرضت من خلالها المعلومات الأساسية لها مثل تسميتها ورقمها المتحفي ومصدرها ونوع خزفها وقياسها مبينة إذا كانت القطعة كاملة أو ناقصة أو هي كسرة من الجزء العلوي أو الأوسط أو السفلي للإناء.
كما تقوم الباحثة بحصر جميع القطع الخزفية الدمشقية سواء الموجودة في المستودع أو المتحف وحددت مصدرها وركزت على القطع الواردة من التنقيبات ومن ثم صنفتها بحسب أنواعها وكل نوع تم تصنيفه حسب التسلسل الزمني التابع له.
أما عن الصعوبات التي واجهت الباحثة فهي تحديد تاريخ أكثر القطع الخزفية الواردة في البحث نظرا لتداخل الطبقات في تنقيبات دمشق بسبب السكن المستمر في المنطقة ما اضطرها لمقارنة القطع بمواقع إسلامية أخرى في سورية أو عن طريق القرائن الموجودة مع القطعة مثل النقود أو الكتابة.
وتتابع في بحثها لتبين أن التنقيبات الطارئة والسريعة هي سبب صعوبة الاستفادة منها حيث يعود معظمها إلى فترة الخمسينيات من القرن الماضي حيث بدأ التوسع العمراني في دمشق ما جعل التوثيق العلمي الدقيق محدودا.
وتختم الكاتبة بالقول بأن الإنسان عرف الفخار في العصر الحجري الحديث وكان من أوائل صناعته ومن أهم أدواته بعد الأدوات الحجرية وهذا ما جعل لهذه التحف الأثرية قيمة تاريخية باقية.
يذكر أن الكتاب يقع في 216 صفحة من القطع المتوسط وهو من منشورات المديرية العامة للآثار والمتاحف.