تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


تسللات ماكين وأبعادها

شؤون سياسية
الأحد 2-6-2013
عبد الحليم سعود

مستعيداً بعض ذكريات الزيارات السرية للرئيس الأميركي السابق جورج دبليو بوش للعراق خلال فترة احتلاله، تسلل النائب الأميركي الصهيوني الهوى والهوية جون ماكين تحت جنح الظلام إلى منطقة غير محددة في شمال سورية برفقة عدد من قادة العناصر المسلحة الإرهابية العاملة تحت إمرته وإمرة إدارته،

ليفضح جانباً من التدخل والانخراط الأميركي المباشر في الأزمة السورية، لاسيما وأن زيارته تمت بعلم إدارة أوباما ومعرفتها، وما يزيد من افتضاح الدور الأميركي أن زيارة ماكين تأتي في وقت تدعي فيه إدارة أوباما سعيها لحل الأزمة السورية سلميا بالتعاون مع روسيا، وفي ذروة التحضير للمؤتمر الدولي حول سورية المزمع عقده في جنيف خلال الشهر الجاري.‏

في القراءة الأولية لزيارة ماكين لشمال سورية وتوقيتها نجد أن وظيفتها الأولى رفع معنويات التنظيمات الإرهابية التي تتلقى ضربات موجعة في الآونة الأخيرة وتقوية موقفها التفاوضي خلال مؤتمر جنيف، فمن حيث الشكل قدم ماكين نفسه كزعيم مباشر للجماعات الإرهابية التي تضعها إدارته على لوائح الإرهاب، حيث أبدى حرصه على التقاط الصور التذكارية مع بعض المرتزقة الذين أمنوا له عملية تدنيس التراب السوري، ولعل من وظائفها أيضاً إعطاء دفعة معنوية للكيان الصهيوني بعد فشل عدوانه الأخير على سورية وانكشاف تدخله المباشر إلى جانب الجماعات المسلحة في القصير وفي الجولان حيث ظهرت مؤشرات ودلائل كثيرة تؤكد مثل هذا التدخل ليس أقلها الأسلحة والآليات الإسرائيلية التي صودرت من يد الإرهابيين، وكذلك المشافي الميدانية الإسرائيلية التي تعالج جرحى الإرهابيين في الجزء المحتل من الجولان.‏

يبدو واضحاً أن الولايات المتحدة تتقن لعبة توزيع الأدوار، ففي الوقت الذي يجوب وزير خارجيتها جون كيري المنطقة والعالم من أجل التحضير لمؤتمر جنيف بعد أن فشلت أدواتها على الأرض في تنفيذ أجندتها العدوانية، توفد ماكين بوصفه معارضا من الحزب الجمهوري للعب الدور الآخر وهو دعم المسلحين وقيادتهم على الأرض والوقوف على مطالبهم ومعاناتهم، وقد سبق للسفير الأميركي في سورية روبرت فورد بلعب هذا الدور في بداية الأزمة، حين تخلى عن ثوبه الدبلوماسي وانخرط في العمل الميداني إلى جانب المسلحين وهنا تحضر زيارته لداريا وحماه وغيرهما من المناطق وتواصله المباشر مع بعض المعارضين في الداخل وتدخله السافر في الشأن السوري وهو ما لم يقم به أي سفير آخر.‏

زيارة ماكين لشمال سورية يكشف عن وجود تنسيق أميركي تركي مع الجماعات المسلحة، ويشير إلى وجود استخبارات أميركية وصهيونية وغربية تعمل داخل سورية وتساهم في تأجيج العنف والإرهاب والفوضى والاغتيالات، لأن بعض الممارسات الإجرامية التي يقوم بها هؤلاء التكفيريون في سورية لها بعد استخباراتي كاستهداف المطارات والرادارات والجامعات والأدمغة والكفاءات العلمية، بالإضافة إلى استهداف التاريخ والحضارة والآثار في مدينة حلب وغيرها، إذ ليس من المنطقي أن نصدق أن مرتزقة وإرهابيين من جنسيات مختلفة قدموا للقتال في سورية دون وجود استخبارات أجنبية تسهل وتنسق عملياتهم الإرهابية وتشرف عليها بشكل أو بآخر.‏

جريمة ماكين أو زيارته لمنطقة تسيطر عليها الجماعات الإرهابية المسلحة هي محاولة أميركية للقول بأن اللعبة لم تنته بعد، وإن عقد مؤتمر جنيف لايمثل نهاية اللعبة، إذ لا أحد يضمن النتائج، وأننا مستمرون في دعم هؤلاء الإرهابيين، لكي نستطيع الحضور بقوة في المؤتمر وبالتالي فرض الشروط والاملاءات التي تناسبنا، ولا شك بأن زيارة ماكين مرتبطة بالوضع القائم حالياً في القصير، ومحاولة التعويض عن خسارة معركة القصير الإستراتيجية بنصر تكتيكي في مكان آخر لتوظيفه في جنيف.‏

وانطلاقاً من هذه القراءة والمعطيات يجدر بأهلنا في حلب التنبؤ والحذر مما خطط له ماكين مع جماعاته التكفيرية لخلط الأوراق، فأين ومتى يحضر الأميركيون تحضر الأزمات والمشاكل، ولعل ما يعانيه العراق اليوم من إرهاب دام خير إثبات على أن الولايات المتحدة متورطة بالتفجيرات ومن ينفذها، لأن الغاية الأساسية من هذه التفجيرات هو إضعاف العراق وإدخاله في أتون الفتنة والفوضى، ومن أين لنا نصدق أن قطر والسعودية تجرؤان على تمويل وتسليح عناصر تنظيم القاعدة ومشتقاته في العراق وسورية دون الحصول على مباركة الولايات المتحدة وتأييدها.‏

يبقى أن نذكر بأن ماكين وفريقه السياسي في الكونغرس الأميركي هم من أخلص أصدقاء إسرائيل والصهيونية، وعندما يتواجد هذا الرجل على الأرض السورية فإنما يتواجد فقط لخدمة مصالح إسرائيل، ولا نذيع سراً إذا قلنا بأن من التقاهم في حلب ينفذون أجندة صهيونية واضحة.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية