التي ربطت أبناء هذا العالم بعضهم بالبعض الآخر، بحيث باتت سياسات الدول مكشوفة لأن العالم كله قد أصبح قرية كونية مفتوحة.
لكن بالرغم من هذا التطور الحضاري العظيم، ما زال الغرب يمارس بربريته اللعينة على شعوب الأرض قاطبة حيث الأوطان الضعيفة في أميركا اللاتينية وإفريقيا وآسيا وبعض دول أوروبا الشرقية، التي لا تماثل غطرسة دول الاستعمار القديم كفرنسا وبريطانيا، ودولة الاستعمار الجديد الولايات الأميركية المتحدة.
فمنذ حروب المئة عام في أوروبا بين الأكليروس من كاثوليك وبروتستانت وأبناء الشعب من مفكرين ومثقفين في بداية القرن السادس عشر والسابع عشر ،ما زال السلوك الغربي المطعم بعنتريات القوة قائما ، لأن أهدافهم السياسية ومصالحهم الشخصية والاقتصادية ما زالت من ضمن أولويات سلطتهم القوية، وهي تتسم بالتعصب الديني والعرقي والقومي والعنصري الشديد والتمذهب، الذي ما زالوا يبثونه بين الشعوب فتنة مدمرة ، رغم ما يظهرونه من حرص على حرية الشعوب والديمقراطية والعدالة الاجتماعية التي تتصف بالنظرة الفوقية إلى شعوب الأرض قاطبة، بدليل أنهم ينهبون ثروات الشعوب من معادن وبترول وغاز وذهب وما شابه، من أجل رفاهية شعوبهم فقط.
من يقرأ التاريخ والماضي المؤلم، وينظر إلى ما يحدث في بلاد العرب من حروب عسكرية وباردة وناعمة وأيضا في بعض دول آسيا وافريقيا، يقر أن التاريخ فعلا يعيد نفسه ، فلو نظر كل منا إلى مضامين الانتفاضات التي حدثت في بلادنا العربية بدءا من تونس إلى مصر وقبلهما العراق وليبيا وحاليا سورية واليمن ودائما لبنان،لابد من أن يعترف أن ما يجري من قتل ودمار وصراعات وانقسامات واتهامات بالكفر والزندقة والإلحاد ما هو سوى صورة مصغرة لما حدث في اوروبا سابقا، وما نتج عنها من حروب دينية خلفت الكثير من الخراب والدمار والاضطراب والفوضى، بحيث عجز الكثير من الأوروبيين يومها عن تأدية طقوسهم وشعائرهم الدينية، لأن الحرب بين رجال الدين من كاثوليك وبروتستانت كانت فاجعة العصور، وقد تم خلالها إجبار الناس على اعتناق مذاهب دينية تخالف عقيدتهم الأساسية، مما أجبر الكثير من الناس على ترك بلادهم إلى أوطان أكثر أمنا وأمانا وملاذا للتسامح.
تماما كما يحدث اليوم في شرقنا العربي، حيث من يقرأ التاريخ يجد الصورة نفسها ، حيث أن هذا الغرب المتعجرف لم تكفه الحروب ومشهديات القتل والذبح والتدمير والتهجير، ولم تهزه عمليات النزوح والتشريد ولم يرف له جفن حين تباع النساء في سوق النخاسة في عصر العولمة ، لأن مصالحهم فوق كل اعتبار وما يتشدقون به من حرص على حقوق الإنسان أكان شيخا أم امرأة أم طفلا أم نازحا مشردا، ما هو سوى لعبة ملغومة بحقدهم على دول الحضارات القديمة، امتدادا من بلاد الهند والسند حتى إيران وبلاد الشام.
هذا الغرب الغبي بسياساته المدمرة ، التي تنشر الشتاء والصيف على سطوح الأوطان والدول بمعاييرها الخاصة، ولا فرق لديهم إن اكتوى بنيرانها الآلاف بل الملايين من الناس، ولاقوا مصرعهم بسبب السياسات الغربية التسلطية والاستعمارية، لأنهم على يقين أن مشاعر العظمة والسيطرة التي تم تطويبها لهم بعقوبات دائمة في مجلس أمن، اخترعوه وسيطروا عليه، وجعلوه مرآة لأدواتهم الاستعمارية الجديدة، من حيث إصدار الأحكام بمعاقبة الدول و رؤساء الدول الوطنيين في أي بقعة من العالم، إن بالمحاكمات المزيفة او بالموت والحروب التدميرية أوالتنحي بعد سوق الاتهامات بالديكتاتورية واستعباد الشعب وعدم منحه الحرية المطلقة في التعبير، حين بعض الدول التي تمشي في ركابهم ويسلبونها ثرواتها يعفى عنها، بل تمجد وتمنح الدعم الكامل المتكامل، وهذا يثبت أن الغرب غبي ومتسلط، وأن الشعوب الآن التي تعيش في ظل عصر الانفتاح التكنولوجي لم تعد تصدق خزعبلاتهم وفبركاتهم الإعلامية المزيفة، وأن الشعوب الوطنية ما زالت مصرة على المقاومة والصمود في وجه العدو الصهيوني ووجه هذا الغرب القبيح .
سأورد بعضا مما حصلت عليه من موسوعة الويكبيديا من معلومات، بعد بحث دقيق عن أسباب الحرب الدينية في أوروبا، وأترك للقارئ مقارنتها بما يجري حاليا في بلادنا، خصوصا في سورية منذ خمس سنوات، حيث سيتمكن القارئ من المقارنة الفورية التي تجعله يبصم على صحة أن التاريخ يعيد نفسه وأن الغرب ما زال بربريا في العمق وان من يؤيدهم شريك لهم في الهمجية والتسلط واستعباد الشعوب. إليكم نبذة مما قرأت واستخلصت:
«حين قامت الحرب الدينية في أوروبا انتشر السلب والنهب والسرقة والفساد والتبرم بسبب الفوضى والاضطراب المستمر، وانتشرت المذابح وسالت الدماء أنهارا ، وكذلك القمع والترويع والإرهاب والتخويف، وعمت الفوضى في أرجاء الغرب الأوروبي، وأصبح المرتزقة من الجنود يعيثون في البلاد فسادا عبر قطع الطرقات وتدمير البنى التحيتية وسلب ونهب الناس ومقدرات الدولة، فاختفى الهدوء وأصبح الغرب الأوروبي عالماً لا سلام فيه مع انتشار الموت والإبادات وإحراق الناس المخالفين للعقيدة أحياء وقطع الرؤوس وانتشار المكائد والمؤامرات والخيانة والخديعة، واختفاء الحريات وحرق الكتب والمكتبات والكنوز الفنية والأدبية الثمينة ، وكذلك محاكمة علماء الدين والمفكرين وعلماء التراث والآثار وإحراقهم بعد تكميم أفواههم ، كل هذه الممارسات البربرية والهمجية انتشرت في الغرب الأوروبي وأعلن الحقد تعطيله للفضائل والقيم الدينية والإنسانية بشهوة الانتقام ولا شيء إلاها» . تماما كما حدث وما زال يحدث اليوم في سورية حين كل هذه الممارسات ساحت على الأرض السورية تحت أنظار هذا الغرب المتحضر الغبي ، وعبر ضوء أخضر منه لكل متطلبات الحرب والفوضى الخلاقة من مال وسلاح وعصابات تكفيرية مأجورة ، واليوم يتحفوننا بالمضحك المبكي لهم، وهو الموافقة على الحل السياسي في سورية بشرط تنحي رئيس البلاد ، كأن سورية العروبة ملك مطوب لهم ولعملائهم والخونة في سجلات التاريخ، باستطاعتهم ممارسة اعمالهم وبربريتهم وهمجيتهم التي ما زالت متجذرة في باطن عقولهم وضمائرهم كما يبغون، من أجل كبح جماح مقاومتها البطولية النابعة من تاريخها الحضاري العظيم .
مقارنة بسيطة بينهم وبين سورية واليمن والعراق ومصر ولبنان، تبين كم هم همج ورعاع ، وكم أن صمود ومقاومة شعوب هذه الدول العربية التي ذكرت،لا تبالي بالموت استشهادا من أجل حماية الأرض كرامة الوطن، بالرغم من حثالة بعض الحكام العرب المستزلمين لأطماع هذا الغرب الذي لا يحترمهم ولا يقدرهم وينظر إليهم نظرته الفوقية المتعالية والمتعجرفة.