تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الشعب السوري قوي ويزداد قوة في مواجهة الإرهاب .. الرئيس الأسد لمحطة فينيكس الصينية: داعش هو العقيدة السعودية الوهابية وتركيا شريانه.. وينبغي تصحيح الانحطاط الأخلاقي في السياسات الغربية

دمشق
الثورة
الصفحة الاولى
الأحد 22-11-2015
أكد السيد الرئيس بشار الأسد أنّ وباء الإرهاب حدث بدعم إقليمي وعالمي، وأنّ ما يحدث في سورية ليس حرباً أهليةً، مشيراً إلى أنّ الجيش السوري يحقق التقدم في العديد من المناطق.

وقال الرئيس الأسد في حديثٍ لمحطة فينيكس الصينية إنّ الشعب السوري قويٌ، ويزداد قوةً في مواجهة الإرهاب، وإنّه لا يمكن اتخاذ خطوات سياسية ملموسة قبل القضاء على الإرهاب، مشيراً إلى أن أيديولوجية تنظيم داعش الإرهابي هي العقيدة السعودية الوهابية، وأن تركيا والسعودية وقطر يقدّمون كلَّ أشكال الدعم للتنظيم الإرهابي.‏

وأوضح الرئيس الأسد أنّ سورية كانت مصممةً منذ اليوم الأول على محاربة الإرهاب، وفتحت الأبواب لكل أشكال الحوار، مشيراً إلى أنّ إجراء الانتخابات جزء من الحوار بين السوريين، وأنّ الدستور سيحدد النظام السياسي، وسيحدد مستقبل سورية.‏

وقال الرئيس الأسد إنّ معظم البلدان التي تدعم الإرهاب لا تمتلك الإرادة لمحاربته، وإنّ قوة داعش تأتي من تركيا التي تشكل شريان الحياة الوحيد له، وبدعم شخصي من أردوغان وداوود أوغلو، مشيراً إلى أنّ العديد من الأتراك ضد أردوغان، ويفهمون أنّ ما يحدث في سورية حريق، وأنّ النار سوف تحرق تركيا لاحقاً.‏

وفيما يلي النص الكامل للمقابلة:‏

صباح الخير، سيادة الرئيس. شكراً لاستقبالكم لنا في هذا القصر الرئاسي السابق. كما تعلمون، فإن الناس عندما يتحدثون عن الأزمة السورية فإنهم غالباً ما يستخدمون تعبير «الحرب الأهلية»، لكن يبدو أنكم لا توافقون على استخدام هذا التعبير. أنتم لا تعتقدون أن ما يحدث في سورية هو حرب أهلية، أليس كذلك؟‏

الرئيس الأسد: أود أولاً أن أُرحب بكم في سورية، ويُسعدني إجراء هذه المقابلة الأولى مع تلفزيون «فينيكس». فيما يتعلق بتعريف هذه الأزمة، فإنها ليست حرباً أهلية. يمكن وصف الحالة بأنها حرب أهلية عندما يكون هناك خط يفصل بين مختلف مكونات مجتمع ما، سواء كان هذا الخط طائفياً أو عرقياً أو ربما سياسياً، وهذا ليس هو الحال في سورية. للحرب الأهلية عوامل داخلية، ولا يكون هناك دول تدعم إرهابيين يأتون إلى سورية، في حين أن تلك الدول تعلن على الملأ أن هدفها هو تغيير الدولة، أو النظام كما يحبون أن يسمونه. وهكذا، فإن ما يحدث ليس حرباً أهليةً، بل إنها حرب.‏

كيف هو الوضع الآن في سورية، سواء على الأرض أو سياسياً؟‏

الرئيس الأسد: لنقُل أنه مضى حوالي خمس سنوات منذ حلّ وباء الإرهاب في سورية، وقد حدث هذا بالطبع بدعم من دول إقليمية وعالمية، فقد تمكن الإرهابيون من الاستيلاء على العديد من المناطق في سورية. وبالطبع فإن الجيش السوري يحاربهم، وقد انتصر في عدة معارك، إلا أنه لا يستطيع التواجد في كل مكان على الأرض السورية. لكن مؤخراً وبعد مشاركة سلاح الجو الروسي في محاربة الإرهاب، فقد تحسّن الوضع بشكل جيد جداً، وأستطيع القول الآن إن الجيش يحقق تقدماً على كل جبهة تقريباً، رغم أن مصطلح الجبهة ليس دقيقاً تماماً، وليس خاطئاً، لكن لنقُل إن الجيش حقّق تقدماً في العديد من الاتجاهات والمناطق على الأرض السورية.‏

كما ترون فإن هناك نشاطاً عسكرياً تقوم به روسيا وحلف شمال الأطلسي على الأراضي السورية وفي أجوائها. ما هو الفرق برأيكم بين وجود هاتين القوتين في سورية، وهل هناك تنسيق فعال مع الحكومة السورية؟‏

الرئيس الأسد: دعينا نجري هذه المقارنة من خلال الوقائع. قبل بداية المشاركة الروسية منذ حوالي شهرين من الزمن، كان قد مضى أكثر من عام على بداية الحملة الأمريكية، أو ما يسمّونه التحالف الذي تقوده أميركا ضد الإرهابيين. وقد كانت النتيجة أن الإرهابيين حققوا المزيد من المكاسب والتحق المزيد منهم من سائر أنحاء العالم. وخلال الشهر الأول من المشاركة الروسية، تراجعت نفس المجموعات الإرهابية وشرعت بالهروب من سورية بالآلاف إلى تركيا ومن ثم إلى بلدان أخرى، بعضهم إلى أوروبا، وبعضهم إلى اليمن، وبعضهم إلى مناطق أخرى. هذه هي الوقائع.‏

الأمر الثاني يتعلق بخرافة محاربة الإرهاب من الجو. لا يمكن محاربة الإرهاب من خلال الغارات الجوية فقط. ينبغي أن يكون هناك جنود على الأرض. أما الأميركيون فيقاتلون باستخدام طائراتهم.‏

وماذا عن الروس؟ هل يرسلون قوات برية؟ إنهم لا يفعلون، صحيح؟‏

الرئيس الأسد: الروس يعتمدون على القوات البرية السورية. إنهم يتعاونون معنا. وهكذا فإن الاختلاف الرئيسي هو أن الأميركيين لا يتعاونون مع أي قوات برية على الأرض، في حين أن الروس يقومون بذلك.‏

تعني أنه لا وجود لأي تنسيق بين القوات الأميركية والحكومة السورية؟‏

الرئيس الأسد: ليس هناك أي تنسيق على الإطلاق، ولا حتى اتصال واحد.‏

بالحديث عن التنسيق، نرى أن الطائرات الروسية والأميركية أجرت مناورات جوية الأسبوع الماضي. طبعاً بالنسبة لواشنطن، فإن ما جرى كان ذلك اختباراً للاتصالات، وطبقاً لموسكو فإن ذلك كان عبارة عن مناورات عسكرية مشتركة. ماهي حقيقة الأمر؟ أيّ التعابير المستخدمة من قبل الطرفين أكثر دقة، وما هو هدف هذا الاختبار أو التمرين، بصرف النظر عن اسمه؟‏

الرئيس الأسد: لقد أُعلن أن الهدف هو تجنب أي صدام بين الطائرات الروسية والأميركية، لأن الطرفين يعملان في نفس المنطقة أحياناً. هذا هو السبب الوحيد.‏

هذا كل ما هنالك؟ للتحقق من إجراءات السلامة وحسب؟ ليسوا مستعدين بعد للقتال معاً ضد الإرهاب؟‏

الرئيس الأسد: الأميركيون ليسوا مستعدين. لقد قاموا ببعض العمليات ضد إرهابيين في بعض المناطق لمنعهم من مهاجمة مناطق معيّنة لا يريدونهم أن يتواجدوا فيها، لكنهم لم يفعلوا ذلك على سبيل المثال، عندما هاجم الإرهابيون تدمر، وهي مدينة مهمة جداً في العالم من حيث التراث الذي تحويه، لم يفعلوا شيئاً حينذاك.‏

سيادة الرئيس، كيف لكم أن تكونوا متأكدين من عدم وجود أي معارضة معتدلة في سورية؟ وإذا كان الأمر كذلك فعلاً، كيف تنظرون إلى قيام الطائرات الروسية الأسبوع الماضي، وفي يوم واحد، بقصف عشرات الأهداف مستخدمة إحداثيات زوّدتها بها مجموعات المعارضة. هل أُبلغتم بذلك؟‏

الرئيس الأسد: في الواقع، ليس هناك « مجموعات معارضة» ملموسة. أولاً، من حيث تعريف مجموعة المعارضة، فإنها لا تعني مقاتلين. عندما تتحدثين عن المعارضة فإن ذلك مصطلح سياسي وليس مصطلحاً عسكرياً. عندما تحملين رشاشاً، فأنت مقاتلة أو إرهابية، أو سمي ذلك ما شئت، لكنكِ لا تستطيعين إطلاق اسم «معارضة» على أشخاص يحملون الرشاشات أو أي نوع آخر من الأسلحة. لكن إذا أردنا الحديث عن الجهات المرتبطة بالمتطرفين -وهذا هو الجدل الدائر الآن - فإن أغلبية هذه المجموعات مرتبطة بالقاعدة، سواء كان من خلال داعش أو النصرة. هذا ليس تعريفنا نحن، بل تعريفهم لأنفسهم من خلال الفيديوهات التي يصدرونها، تستطيعين إيجاد ذلك في اليوتيوب على الانترنت. لقد نشروا صوراً منذ اليوم الأول الذي بدأوا فيه بعمليات الذبح، وأكل قلوب البشر، وقطع الرؤوس والأعضاء، وما إلى ذلك. إذاً، هم عرّفوا أنفسهم بأنهم مجموعات متطرفة، أما إذا أردتِ الحديث عن المعارضة المعتدلة، فبوسعكِ الحديث عن المعارضة السياسية الموجود بعضها داخل سورية وبعضها الآخر خارج سورية. جزء من هذه المعارضة قدّم دعماً سياسياً للإرهابيين، وجزء منها لم يفعل ذلك، بل وقف ضد الإرهابيين ودعم الحكومة، رغم أنه في المعارضة.‏

لكنّ النشاط العسكري الروسي يتم بالتعاون مع مجموعات معارضة؛ فهل أخبروكم باعتزامهم فعل ذلك قبل حدوثه؟‏

الرئيس الأسد:نعم. مرة أخرى، المسألة لا تتعلق بمجموعات معارضة. إنهم يعملون مع بعض المسلحين، ونحن أيضاً نتعامل مع بعضهم لأننا بحاجة للمصالحة في سورية. وإذا أردتِ تحقيق المصالحة، أو المصالحات المحلية، يترتب عليكِ التحدث مع أشخاص لديهم السلاح. وهكذا، فقد تعاملنا معهم، وثمة تعاون بين السوريين والروس فيما يتعلق بهذا النوع من المصالحات. إذاً، نعم، لقد فعلوا ذلك مؤخراً؛ ونحن نشجّعهم على فعل ذلك لأن هذه هي الطريقة الأكثر فعالية لتحسين الأوضاع وتحقيق السلام في المستقبل.‏

ما هو فهمكم لوجود داعش؟ البعض يقول إنه نشأ في العراق، والبعض يقول إنه نشأ في سورية. من أين أتت ايديولوجيتهم، ومن يموّلهم؟‏

الرئيس الأسد: في العام 2006 تم الإعلان عن نشوئه في العراق تحت اسم «الدولة الإسلامية في العراق». وكان زعيمها الزرقاوي الذي قتله الأميركيون. الأميركيون أعلنوا عن اغتياله. وهكذا أعلنوا أن ثمة دولة إسلامية في العراق تحت إشرافهم أو لنقل تحت الاحتلال الأميركي. إذاً الأميركيون هم الذين قالوا ذلك. لا أحد يستطيع القول أن داعش لم يكن موجوداً في العراق أو أنه لم يكن موجوداً تحت الإشراف الأميركي. هذا واضح.‏

داعش والنصرة انبثقا عن القاعدة في أفغانستان. وكما قالت كلينتون، وكما يعرف الجميع، فقد تم إنشاؤها في أفغانستان لمحاربة السوفييت حينذاك بتمويل سعودي وإشراف وتعليمات أميركية. إذاً، هذا واضح جداً، وهو الواقع. إن ايديولوجيتهم هي العقيدة الوهابية، العقيدة السعودية الوهابية. أما فيما يتعلق بالجهات الداعمة لهم، فإن العائلة الحاكمة في السعودية كانت تدعم المؤسسات الوهابية علناً وبشكل رسمي، وبالطبع هناك العديد من الشخصيات الوهابية التي تستطيع إرسال المال لهم. أما من الناحية اللوجستية، فإن جميع اشكال الدعم المقدَّم لداعش، سواء من حيث موارده البشرية، أو أمواله، أو بيع نفطه، وما إلى ذلك، فإنه يمر عبر تركيا وبالتعاون مع السعوديين والقطريين. دون هذا الفضاء اللوجستي، أو لنقُل هذه الحديقة الخلفية المتوافرة لداعش، فإن داعش لا يستطيع البقاء، لأنه لا يمتلك حاضنة شعبية في سورية.‏

لا يمتلكون هذه الحاضنة؟‏

الرئيس الأسد:لا. حتى الآن ليس لديهم مثل هذه الحاضنة. إنهم أشبه بالجسد الغريب في بلادنا. لكن بسبب الخوف، والقمع، والقتل، تمكّنوا من الاستيلاء على بعض المناطق، لكن في الواقع، فإن قوتهم تأتي من تركيا وبدعم شخصي من أردوغان وداوود أوغلو.‏

هل لديكم قوائم بالجهات التي تشتري منهم النفط، وهل تعرفون كيف يتم إجراء المعاملات المالية المرتبطة بذلك؟‏

الرئيس الأسد: يتم ذلك بشكل أساسي من خلال تركيا، سواء فيما يتعلق بتلقّيهم المال أو ببيع النفط. المال يأتيهم من قطر والسعودية، ومن الحكومة التركية نفسها بالطبع. يتم نقل النفط من سورية إلى تركيا لأن معظم حقول النفط تقع بالقرب من تركيا والعراق. هم لا يستطيعون بيع نفطهم من خلال العراق لأن الحكومة العراقية نفسها تحارب داعش، في حين أن الحكومة التركية تدعمه. إذاً، شريان الحياة الوحيد بالنسبة لداعش هو من خلال تركيا.‏

لكنني فعلاً لا أفهم ما حدث. يبدو لي أن سورية والسعودية، وسورية وتركيا من جهة أخرى كانت بينهما علاقات جيدة قبل الأزمة. ما الذي حدث؟ يبدو وكأنهما تحوّلتا ضد سورية بشكل مفاجئ أو ضدك شخصياً. كيف تفسّرون ذلك؟‏

الرئيس الأسد: السبب هو أن رئيس تركيا الحالي، الذي كان رئيساً للوزراء حينذاك ينتمي إلى الإخوان المسلمين بعواطفه. وهكذا، عندما رأى الإخوان المسلمين يستولون على الحكم في تونس، ومن ثم في ليبيا، وبعدها في مصر، اعتقد أن بوسعه إعادة إحياء الإمبراطورية العثمانية في العالم العربي لكن ليس تحت اسم ٍعثماني، بل تحت اسم إسلامي. وكانت العقبة الوحيدة في وجهه هي سورية. هذا هو السبب. بالنسبة له كشخص عقائدي، نسي كل شيء وكل خطة وضعناها لتحسين العلاقات، وتحقيق الرخاء لشعبينا، وما إلى ذلك، ووضع أيديولوجيته فوق كل شيء. بالنسبة له، ينبغي أن يستولي الإخوان المسلمون على سورية. عندها يستطيع أن يصبح «إمام» الإخوان المسلمين في هذه المنطقة.‏

وماذا عن السعودية؟‏

الرئيس الأسد: السعودية وهابية في كل الأحوال. ولم تبنِ السعودية علاقات حميمة مع سورية. ولذلك لا نستطيع القول إن موقفهم كان جيداً وتغيّر. إنهم مختلفون عن تركيا، مختلفون تماماً. السعودية مزيج من مكوّنين: آل سعود والمؤسسة الوهّابية، وهذا مستمر منذ أكثر من مئتي عام، قبل العائلة الحاكمة الحالية، وحتى قبل العائلة السعودية الأولى، إذاً، هناك علاقة؛ فأسرة آل سعود ستلتزم دائماً بما تطلبه المؤسسة الوهّابية.‏

حتى لو لم يستمر داعش بالبقاء كما تقول، فإن تركيا ستستمر والسعودية كذلك. كيف تستطيع التصالح مع هذين البلدين؟‏

الرئيس الأسد: بالنسبة لنا، كسياسيين، وكدولة، وكحكومة، فإن الهدف الرئيسي هو العمل لمصلحة الشعب. وهكذا، فإننا سنستجيب لأي مقترح جيد. إذا كانت تلك البلدان مستعدة لوقف دعمها للإرهابيين، لن يكون لدينا مشكلة. المسألة لا تتعلق بالعيش بالماضي؛ إننا نتطلع إلى المستقبل. علينا أن نعمل على الوصول إلى تلك النقطة. بعد ذلك، فإن الناس، ومصالحهم ومشاعرهم ستحدّد نوعية العلاقات التي ستربطنا بتلك البلدان. لكننا لا نستطيع القول بأننا لن نقيم علاقات معهم. في النهاية، لدينا شعب، ولا يتعلق الأمر بالحكومة وحدها. هناك في تركيا أكثر من 70 مليون نسمة، والعديد منهم ضد أردوغان، والعديد منهم يفهمون ما يحدث في سورية ويفهمون أن ثمة حريقاً في سورية وأن النار ستحرق تركيا لاحقاً.‏

ماذا عن الشعب السوري؟ هل سيقبل بإقامة علاقات مع تلك الدول؟ لقد قُتل عدد كبير من السوريين وجُرح الملايين.‏

الرئيس الأسد: مشاعر الناس لا تزال مُلتهبة. لكن في المحصلة، فإن الناس سيحددون ما هي مصالحهم وسيكونون واعين لكل ذلك. بالطبع، لا تستطيعين القول إن كل السوريين ضد هذا الشيء أو كل السوريين معه؛ فالناس مختلفون، لكن في المحصلة، أعتقد أن الناس سينسون ما حصل عندما يصبح بإمكانهم رؤية أن ثمة مستقبلاً مشرقاً في الأفق.‏

سيادة الرئيس، لقد ذكرت عدة مرات في الماضي أن ثمة حاجة لاتخاذ المزيد من الخطوات السياسية لحل الأزمة السورية، ونفهم أن هذا سيحتّم إجراء حوار بين جميع الفرقاء في سورية، حوار سيفضي في النهاية إلى توافقٍ حول مستقبل سورية السياسي. لكنك زعيم البلد، وأنصاركَ يتطلعون إليكَ. هل لديكَ خطة أساسية أو رؤية كبرى حول مستقبل سورية؟ ما هو شكل سورية الذي ترغب برؤيته بعد نهاية الأزمة؟ وما هو الدور الذي سيكون لك فيها؟‏

الرئيس الأسد: عند الحديث عمّا بعد الأزمة، علينا تعريف النظام السياسي الذي نريده، هذا هو الأمر الأهم. يمكنكِ مناقشته الآن، لكنه لا يتعلق بقضية الإرهاب. قضية الإرهاب ربما تتعلق بعوامل مختلفة كلياً، عوامل داخلية وخارجية. إذا أردتِ التحدث عن مستقبل سورية، فإن الحديث هو حول النظام السياسي بشكل أساسي: برلماني، رئاسي، شبه رئاسي، فيدرالي، كونفدرالي، وما إلى ذلك. إلا أن الأمر الأكثر أهمية، بالنسبة للسوريين ولي هو أن يكون الدستور والنظام بمجمله والبلاد بشكل عام علمانية. العلمانية ليست ضد الدين. العلمانية هي حرية الأديان. إنها النظام الذي يستطيع أن يستوعب جميع أتباع الديانات، كل طائفة، وكل عرق، تحت مظلة واحدة هي المظلة السورية. هذا أولاً. ثانياً، أعتقد أن الاهتمام الرئيسي سينصبّ على الاقتصاد وإعادة البناء، وهذا سيكون قطاعاً مهماً في إعادة بناء سورية.‏

سنعود إلى الناحية الاقتصادية لاحقاً، لكن إذا كان سيتم إجراء انتخابات قريبة، فهل تعتقد أنك ستترشح في الانتخابات؟‏

الرئيس الأسد: هذا حق لي، لكن من المبكّر جداً القول: سأترشّح أو لا أترشّح. ذلك يعتمد على ما أشعره حيال الشعب السوري: أعني ما إذا كانوا يريدونني أو لا؟ قد أقبل أو لا أقبل. وهكذا، لا نستطيع التحدث عن أمرٍ سيحدث ربما في السنوات القليلة القادمة. أحياناً تستطيعين تحديد ذلك قبل حدوثه بعدة أشهر فقط، لكنني لن أقول إنني لن أترشّح إذا شعرت بوجوب ذلك.‏

كيف كانت زيارتك الأخيرة إلى موسكو؟ وأفترض أنك والرئيس بوتين تحدثتما عن الأزمة السورية. أعني هل هناك خطة محددة تعملان عليها، أو كم من الوقت برأيك وبرأي الرئيس بوتين ستستغرق الحرب قبل أن تنتهي؟‏

الرئيس الأسد: تقصدين فيما يتعلق بالوجه السياسي للأزمة؟ تعلمين أن روسيا تقود النشاط السياسي فيما يتعلق بسورية على الساحة العالمية، وقد قمت بزيارتي لروسيا قبل أسبوعين أو ثلاثة من انعقاد مؤتمر فيينا. ولهذا السبب قمت بتلك الزيارة، من أجل معرفة آفاق الناحية السياسية فيما يتعلق بهذه الأزمة، وما يمكن فعله. الآن، حدّد مؤتمر فيينا بعض العناوين العامة بالطبع. وفي النهاية، أشار المؤتمر إلى إجراء الانتخابات ووضع دستور جديد، وما إلى ذلك. لكن الأمر في المحصلة يتعلق بما يتفق عليه السوريون، وبالتالي ينبغي أن يكون هناك حوار. ولهذا السبب قلت في موسكو إننا مستعدون لموسكو3، لأننا بحاجة للحوار، بصرف النظر عمّا يقوله مؤتمر فيينا أو أي مؤتمر آخر. في المحصلة الأمر يعتمد على ما يقوله السوريون: مع أو ضد.. هذا ما نعمل عليه مع الروس، أي عقد حوار جديد بين السوريين، ربما في موسكو، وإذا حدث ذلك سيكون تحت عنوان موسكو3.‏

هل تحدثتما عن نهاية هذه الأزمة؟ أعني هل كان هناك أي برنامج زمني اتفقتما على تبنّيه؟‏

الرئيس الأسد: نعم، ناقشنا ذلك وأعلناه قبل نهاية الزيارة. قال الروس، كما قلنا نحن، إنه لا يمكن اتخاذ خطوات سياسية ملموسة قبل القضاء على الإرهاب، لأن هذه هي العقبة الأكبر، وهذا هو مصدر القلق الأكبر لكل سوري. كل سوري يريد أن يحصل على الأمن والأمان. كيف تستطيعين تحقيق أي شيء في حياتك إن لم تكوني آمنة، سياسياً أو اقتصادياً أو من أي ناحية أخرى؟ إذاً، هذه هي الأولوية. ما نفعله بموازاة محاربة الإرهاب هو إدراكنا للحاجة لإجراء الحوار، لكن الخطوات الملموسة ينبغي أن تعقب على الأقل إلحاق هزيمة رئيسية بالإرهابيين وسيطرة الحكومة على منطقة رئيسية من المناطق التي كان الإرهابيون قد استولوا عليها. عندها تستطيعين اتخاذ مثل تلك الخطوات، والخطوة الرئيسية فيما يتعلق بالجانب السياسي للأزمة هي مناقشة الدستور، لأن الدستور سيحدد النظام السياسي وسيحدد مستقبل سورية. إذاً، هذا هو هدفنا. في مرحلة لاحقة، وإذا تم إجراء الحوار، إذا أراد السوريون اتخاذ إجراء آخر، كالذي ذكرته فيما يتعلق بالانتخابات الرئاسية فإن ذلك سيكون جزءاً من الحوار بين السوريين. لا أستطيع القول إن هذه خطتي أو إن هذه ليست خطتي، لأن الأمور لا تتعلق بالرئيس وحسب. نحن نقترح قضية رئيسية وسيكون الباقي نتيجة الحوار بين السوريين.‏

يبدو أن هناك أفكاراً واضحة، هل هناك أي جدول زمني لذلك؟‏

الرئيس الأسد: لا. والسبب في ذلك هو عدم وجود جدول زمني للقضاء على الإرهاب. هذه حرب، ولا أحد يستطيع أن يحدد متى يتم ذلك، لأن الأمر لا يتعلق فقط بالتقدّم الذي نحرزه أو بما نعتزم فعله. ذلك يعتمد على الدعم الذي سيتلقاه الإرهابيون من بلدان أخرى، لأن العديد من البلدان، في الغرب، كما في منطقتنا لا مصلحة لها في التوصل إلى حل سياسي. إنهم يؤمنون فقط بدعم الإرهابيين من أجل إسقاط الدولة وتحقيق انهيار سياسي في سورية. ولذلك، فإنهم يريدون إطالة أمد الأزمة، يمكنني القول أنه إذا لم يكن ذلك الدعم موجوداً يمكن تغيير الوضع خلال أقل من سنة، وعندها يمكن إلحاق الهزيمة بالإرهابيين والشروع في هذه العملية. لكن إذا أردت الحديث عن العملية بعد إلحاق الهزيمة بالإرهابيين، يمكن التحدث عن فترة أقصاها سنتان لتنفيذ كل شيء. عندما تتحدثين عن الحوار ستتم مناقشة الدستور، وسيتم إجراء استفتاء. من الذي سيحدد ذلك؟ إما أن يقبل الناس بذلك أو لا يقبلون. لا نعلم. وقد يكون هناك احتمال آخر. إذاً، لسنا بحاجة لأكثر من سنتين. سنتان ستكونان كافيتين. لنقُل إن هذا الإطار الزمني الذي نفكر فيه.‏

عندما التقيت الرئيس بوتين، هل تحدثتما عن إشراك الأميركيين في نظام العمليات؟‏

الرئيس الأسد: تقصدين في العمليات العسكرية؟‏

نعم، عسكرياً.‏

الرئيس الأسد: لا، كان ذلك قبل بداية العمليات عندما أعلن الرئيس بوتين عزمه على تشكيل تحالف ضد الإرهاب. لهذا السبب فكرنا أنه ينبغي إشراك الجميع، حتى البلدان التي نعتقد أنها تدعم الإرهاب على الأقل نعطيها فرصة لتغيير موقفها. وكما نعرف، فإن معظم تلك البلدان لم ترغب بالمشاركة لأنها لا تمتلك الإرادة لمحاربة الإرهاب. كنا قد أجرينا هذا النقاش مع الروس قبل بضعة أشهر.‏

زرتم الصين في عام 2004. بعد كل هذه السنوات، خصوصاً بعد السنوات الخمس الماضي، هل لا زال لديكم قناة اتصال مع الحكومة الصينية؟ وهل لديكم رسالة ترغبون بإيصالها إلى الصين، إلى الشعب الصيني، في هذه المرحلة؟‏

الرئيس الأسد: لقد زار مسؤولون سوريون الصين مؤخراً. في الواقع فإن العلاقات مع الصين لم تتراجع، والاتصالات لم تتوقف. لا يزال لدينا سفارة هناك، وسفيركم لا يزال نشطاً خلال الأزمة، ولم يغادر قط. والأمر الأكثر أهمية من هذه الشكليات، إذا جاز التعبير، هي المواقف الصينية. لقد استعملت الصين الفيتو أربع مرات خلال الأزمة السورية، دعماً للحكومة وللشعب السوري، ودعماً للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة. إذاً، نعم، العلاقات مستقرة جداً، لنقُل منذ عقود. في الواقع، إنها لم تتأثر بالأزمة. لكن الأمر الأكثر أهمية بالنسبة للشعب الصيني، خصوصاً وأن الصين باتت إحدى أعظم دول العالم، والعظمة لا تكمن بالقوة العسكرية والاقتصادية وحسب، بل بوجود القيم العظيمة، وهو ما يملكه الشعب الصيني اليوم. عندما تتحدثين عن الحكومة الصينية والمواقف السياسية الصينية، فإنها تعكس عادة قيم الشعب الصيني ولا تنفصل عنها. وهكذا، فكلما كبر الدور الذي تلعبه الصين في العالم، وكلما كبُر نفوذها، وكلما كبُر وزن الصين كبلد، كلما ازدادت مسؤوليتها إزاء مناطق العالم الأخرى، كل العالم. ينبغي استعادة التوازن في العالم وينبغي دعم القيم وميثاق الأمم المتحدة. ينبغي تصحيح الانحطاط الأخلاقي الذي يعتري السياسات الغربية والذي ندفع ثمنه نحن. وهكذا فإننا نتطلّع إلى ما سيفعله الشعب الصيني والحكومة الصينية لعالمنا في المستقبل، القريب منه والبعيد.‏

إذا، هل بدأتم فعلاً بالعمل على إعادة الإعمار بعد انتهاء الحرب؟‏

الرئيس الأسد: لقد بدأنا فعلاً، وأصدرنا بعض القوانين المتعلقة بذلك، وباتت المنطقة الأولى قرب دمشق جاهزة تنظيمياً، وقد بدأوا بالفعل بوضع البنية التحتية قبل شهر. إذاً لقد بدأنا، ونحن نعمل على ذلك، ونحاول التعاقد مع رجال أعمال، خصوصاً في البلدان والحكومات الصديقة.‏

ما مدى الضرر الذي لحق بالاقتصاد السوري؟ نعلم أن العملة السورية فقدت سبعين أو ثمانين بالمئة من قيمتها خلال السنوات الخمس الماضية.‏

الرئيس الأسد: في الواقع لقد تأثر بشكل سيء جداً. نتحدث عن أضرار تقدر بمليارات الدولارات. لقد دُمّر 10% من المدارس و30% من المستشفيات العامة، أو لنقل إنها خرجت من الخدمة. وكذلك الأمر بالنسبة للبنية التحتية، كالكهرباء. هذا هو الجانب السيء في كل حرب. هذا سيء جداً. لكن وفي الوقت نفسه، فإن هذا يشكل فرصة للانتعاش وتحقيق الرخاء بعد الحرب، لأن إعادة البناء هي القطاع الأكثر أهمية في أي اقتصاد، خصوصاً بعد الحرب.‏

ما الذي ستفعلونه حيال الأضرار الذي لحقت بمواقع التراث الثقافي، وما هي كلفة مشروع استعادتها وترميمها؟‏

الرئيس الأسد: بقدر ما هو تراث سوري، فإن هذا في الواقع تراث عالمي، وأنتِ تفهمين ما أتحدث عنه لأنكِ من بلد يمتلك واحدة من أعرق حضارات العالم، والبلدان المجاورة لكم مثل أفغانستان وغيرها تُعاني من نفس الكارثة الثقافية. الأمر نفسه حدث في العراق بعد الغزو الأميركي. الآن، هذا ما يحدث في سورية. لقد تم هدم بعض المواقع المصنّفة بوصفها جزءاً من التراث العالمي؛ وهذه لا يمكن ترميمها وهناك وجه آخر لهذه المشكلة يتمثل في أن العديد من الأوابد قد يكون تم تهريبها خارج سورية لبيعها في الأسواق الدولية. لكن لحسن الحظ، أعتقد أنها جميعاً موثّقة ومسجّلة لدى اليونيسكو. سنعمل مع البلدان الصديقة والمنظمات الدولية بما فيها اليونيسكو من أجل استعادة تراثنا.‏

كما تعلمون، سيادة الرئيس رأينا هذا الصيف صورة تحطم الأفئدة لجثة طفل سوري وجد ميتاً على شاطئ يوناني. هل رأيت تلك الصورة؟ وكيف شعرت عندما رأيتها للمرة الأولى؟ كما تعلمون، فقد باتت أزمة اللاجئين مشكلة كبرى في العديد من البلدان الأوروبية، والبعض يقول إن الحكومة السورية تتحمل مسؤولية ذلك. ما رأيكم في ذلك؟‏

الرئيس الأسد: في الواقع رأيت تلك الصورة، لكننا رأينا العديد من الصور الأخرى، وبالتالي لا تستطيعين اختزال الأزمة برمّتها بصورة واحدة، لأننا نحن من نعيش هذه الأزمة، ونعيش سفك الدماء الذي يمارسه الإرهابيون يومياً. ولذلك فإننا نشعر بالحزن يومياً. لكن تلك الصورة استُخدمت كأداة دعائية من قبل الغرب، وللأسف بطريقة مروّعة، لأن هناك سببين دفعا أولئك اللاجئين لمغادرة سورية. بعضهم غادر بسبب التهديدات الخطيرة من قبل الإرهابيين أنفسهم، وبالتالي تركوا مناطقهم. وبالطبع فقد توجّه بعضهم إلى المناطق التي تسيطر عليها الحكومة، وغادر بعضهم سورية. البعض الآخر ترك سورية بسبب الحصار الذي فرضه الغرب، وليس بسبب الإرهاب وتأثيراته. لقد ترك الحصار الذي فرضه الغرب آثاره على كل شيء، وخصوصاً قطاعي التعليم والصحة وأساسيات الحياة اليومية. مشكلة الغرب عندما يستخدم تلك الصورة كأداة دعائية لإظهار عطفه وتعاطفه مع الشعب السوري هو أنه يستخدم المعايير المزدوجة، كما دائماً، لأنه يقدم للشعب السوري الغذاء بيد وقنبلة باليد الأخرى. هذا هو الواقع، لأنهم هم الذين دعموا الإرهابيين، وقد عانى أولئك الناس وذاك الصبي وأطفال كُثر آخرون وقتلوا بسبب السياسات الغربية في العالم، وفي هذه المنطقة وبشكل خاص في سورية.‏

يُقال إن الضربة التي لا تقتلك تقوّيك.. هل تعتقد أنك أصبحت رجلاً أقوى مقارنة بما كنته قبل خمس سنوات؟‏

الرئيس الأسد: شخصياً، أستطيع أن أشعر بأنني أقوى كرئيس أو كمسؤول عندما يكون الشعب السوري قوياً. المسألة ليست مسألة قدرة شخصية، بل مسألة قدرة وطنية. عندما تتحدثين عن القدرة الوطنية، ينبغي أن تربطي ذلك بالشعب السوري. لقد عانينا كثيراً، وخسرنا كثيراً كسوريين، لكن في الوقت نفسه، إذا زُرتِ مختلف المناطق في سورية، فإنك سترين هذا التصميم. نحن نقاتل الإرهابيين القادمين من أكثر من مئة بلد من بلدان العالم، بما في ذلك من الصين بالطبع ومعظم البلدان الأوروبية وروسيا وبلدان أخرى؛ وهؤلاء يتلقون الدعم من أقوى دول العالم، بما في ذلك الولايات المتحدة، ومن أغنى البلدان، بما فيها السعودية وقطر. ورغم ذلك لم يهزموا السوريين، وهكذا أستطيع أن أقول، نعم، الشعب السوري قوي وهو يزداد قوة في مواجهة الإرهاب.‏

لقد بقيت في منصبك لفترة أطول بكثير مما توقع أعداؤك وخصومك. ما الذي جعلك تعتقد بأنك ستتجاوز هذه الأزمة، وما الذي جعلك تعتقد، قبل خمس سنوات، أنك ستستمر حتى الآن؟‏

الرئيس الأسد: هذا لأني أؤمن بالشعب السوري أولاً. أؤمن بأني أعمل من أجل بلدي ومن أجل الشعب السوري، وليس من أجل نفسي. أراد الغرب أن يصوّر الوضع على أنه مشكلة تتعلق برئيس يرغب بالبقاء في السلطة، أن يبقى في كرسيه، وأنه يريد قتل شعبه لأن هذا الشعب يريد التخلص منه. هذا ليس هو الواقع. كيف تستطيع البقاء عندما يكون في مواجهتك، ليس الإرهابيون داخل سورية وحسب، بل أقوى وأغنى بلدان العالم، ورغم ذلك تستمر لخمس سنوات؟ هذا يعني أنك تتمتع، على الأقل بدعم أكثر من نصف السوريين. لن أتحدث عن الأغلبية، بل أكثر من نصف السوريين. كيف للمرء أن يستمر دون ذلك؟ ليست المسألة مسألة سوبرمان، بل مسألة شخص طبيعي يتمتع بتأييد الرأي العام. مشكلة الغرب هي أنه لم يفهم الشعب السوري. إنهم لا يفهمون هذه المنطقة. ولهذا السبب أخطأوا في حساباتهم منذ البداية. اعتقدوا أن المسألة ما هي إلا مسألة أسابيع أو أشهر قليلة، كما حدث في تونس وفي مصر. والآن، ولأنهم فشلوا، يريدون تحميل المسؤولية لطرف آخر. إنهم يبحثون عن كبش فداء ويريدون القول إنني السبب، أو أن هناك أسباباً أخرى، وما إلى ذلك. لكن الواقع هو أنهم أخطأوا في حساباتهم، وأني أؤمن بالشعب السوري.‏

إذا عُدنا خمس سنوات إلى الوراء، وأنا متأكدة من أنك تعرضت لبعض الضغوط الهائلة والخطيرة، هل كنت لتتصرف بطريقة مختلفة لو أُتيحت لك فرصة؟‏

الرئيس الأسد: في الواقع، يمكن التحدث عن استراتيجيات، ويمكن التحدث عن تكتيكات. فيما يتعلق بالاستراتيجية، فقد استندت إلى أمرين اثنين: أولاً ومنذ اليوم الأول، كنّا مصممين على محاربة الإرهاب. لم يكن لدينا أي موقف آخر. أردنا محاربة الإرهاب والدفاع عن شعبنا. الأمر الثاني هو إجراء الحوار، ومنذ اليوم الأول فتحنا الأبواب لكل أشكال الحوار. بعض أطياف المعارضة قبلت بذلك، والبعض لم يقبل. وهكذا فإن منهجنا واستراتيجيتنا لم تكن خاطئة. أعتقد أن علينا الاستمرار بفتح باب الحوار ومحاربة الإرهاب، ولن نغيّر ذلك. معظم الأشياء التي ذكرتها قد ترتبط بالتكتيكات. وبالطبع فإن ذلك قابل للتغيير، لأن المرء يرتكب الأخطاء كل يوم، وما هو صحيح اليوم قد يكون خطأً في الغد. على سبيل المثال، كنّا على ثقة بأن كثيرين في سورية كانوا يعملون من أجل بلدهم ثم اكتشفنا بأنهم يعملون لمصالح الإرهابيين، وأن بعضهم يعمل لمصالح دول أخرى ولتنفيذ أجندات بلدان أجنبية وهكذا. إذاً، فإن المرءَ يرتكب الأخطاء دائماً عندما يتعلق الأمر بالتكتيكات.‏

وإذا كان لك أن تختار مرة أخرى، فهل كنت ستفضّل البقاء طبيباً أو أن تصبح رئيساً لسورية؟‏

الرئيس الأسد: حتى عندما كنت طبيباً كنت أعمل في القطاع العام، ولم يكن لديّ عيادتي الخاصة. وهكذا فإن كوني رئيساً يعني أني أعمل في القطاع العام لكن على نطاق أوسع. في الواقع، فإن العمل في القطاع العام ومساعدة عدد أكبر من السوريين أكثر أهمية بالنسبة لي من اختيار المهنة التي أعمل بها، لكني لا أعتقد أن عمل الرئيس هو مهنة. إنه خدمة عامة. وهكذا فإن جوابي لا. أنا الآن أستمتع أكثر بكثير عندما أقدم المساعدة لشريحة أوسع بكثير من المجتمع السوري مما لو كنت طبيباً أعمل في قطاع واحد.‏

شكراً جزيلاً سيادة الرئيس على إتاحتكم هذا الوقت لمقابلتنا.‏

الرئيس الأسد: شكراً لكم على زيارة سورية.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية