وإن كان للبعض عمل خاص ربما يضطر لمنح نفسه إجازة طارئة ، مضحياً بمردود مادي مقابل راحة جسدية و نفسية يجد نفسه بحاجة ماسة لها بين حين و آخر .
و لكن من منا قرر يوماً ما أخذ إجازة الكترونية؟ فأجهزة الاتصالات الذكية باتت لصيقة بأيدينا وعيوننا من التحديق برسائلنا الالكترونية أضحت مرهقة ، و أعصابنا في لهاث حثيث لا يعرف راحة ولا إجازة لمتابعة آخر الأخبار في ساحتنا الوطنية من أمنية و اقتصادية ، و رصد أحدث « بروفايلات» الأصدقاء و تسجيل الإعجاب ب «البوستات» والتهنئة بمناسباتهم الشخصية، والتعليق على بعض صورهم وإبداء الرأي و المجاملة المنمقة بخصوصيات بحتة بات الفيس بوك مسرحاً صاخباً لها .
نوع لعين من الإدمان أصابنا بشكل جماعي، وانتشر بين جميع شرائحنا الاجتماعية والعمرية كافة ، لا يعرف ترشيداً ولا تقنيناً في استهلاك جائر لأعصابنا و استنزاف لوقتنا ، و اختراق لا يعرف حدوداً لحرمة حياتنا الخاصة ، فأجهزة الاتصالات الذكية لم تدخل جيوبنا فقط، بل تسللت عنوة إلى غرف نومنا و انحشرت لتسكن تحت وسائدنا، لنجد أنفسنا في دوام الكتروني مرهق على مدار أربع وعشرين ساعة ، وأصابعنا في حركة دائمة مبدية مهارة عالية في صف الأحرف لصياغة كلمات عامية مشوهة ، وبث رسائل متتابعة تقطع جلساتنا الخاصة و تؤرق منامنا.
فهل نرشد استهلاكنا الالكتروني و نأخذ إجازة من دوام مرهق على جوالاتنا .. صحيح أنها قربت البعيد و لكنها بعدت القريب .. فهل نبدأ بإجازتنا الالكترونية و نترك عالمنا الافتراضي و لو لفترة وجيزة ؟