مشينا مسافة أربعة كم، وأقنعتها أن تحصيلها العلمي ونجاحها هما اللذان يفرحان والدها ويساعدانه على الشفاء، فعادت بحالة كبيرة من الايجابية وتكون في عداد المتفوقين.. تضيف: اعتمدت تشجيع الطلاب على مساعدة بعضهم البعض، الأشطر يساعد الأضعف، عندها أقدم له بطاقة شكر، حتى تحولت حصة الفرنسي لمجموعة من المتعاونين، والطالب المشاغب حيدر رسلان بعد أن كان والده يعنفه، عاد إلى المنزل ليضمه بعد أن رآه وقد سجل مقطعا تعليميا ونشره على الفيس بوك: (صاير أستاذ فرنسي يا شقي).
إن روح التعاون والعمل الجماعي بين طلابها، أدخلا الفرحة لقلب المعلمة سلام الزعرور، أكثر من شهادة التقدير التي قدمتها لها مديرية التربية في حماة.
هنا يمكن الكتابة عن دور المدارس والمعاهد والمؤسسات التربوية عموماً، في تنمية روح العمل الجماعي لدى الأجيال.
لقد فرضت الحرب واقعا مشحونا بكلّ أشكال الضغط النفسي والاقتصادي والاجتماعي، ومن المهم العمل على مواجهته، من خلال زرع وتشجيع روح التعاون والانفتاح بين الطلاب والشباب، في إطار العمل الجماعي والتطوعي، ليُقبل بعضهم على البعض الآخر بكلّ محبّة وتسامح، ويسمع بعضهم للبعض الآخر، فالتنوّع في المعتقدات والخلفيات العلمية والاجتماعية، لابدّ من أن يكون مدعاة للوحدة، كما لابدّ من التأسيس عليه لمزيد من الانفتاح والعطاء، فلا ينفر بعضنا من البعض الآخر، أو نقطع العلاقة معه على أساس انتماءٍ معيّن أو فكرة معيّنة.
ما يدفعنا للحديث عن دور الروح الجماعية وتعزيزها وتنميتها بكلّ الوسائل المتاحة، عبر برامج تربوية واجتماعية واعية ومسؤولة، تهدف إلى زرع التعاون بين الأجيال، وأنشطة لاصفية يتم خلالها تدريبهم على إقامة أنشطة حوارية أو ثقافية حول مواضيع متنوّعة، وفسح المجال للجميع للمشاركة وإبداء الرأي، وتدريبهم أيضاً على القيام بأنشطة تطوعية إنسانية واجتماعية وصحّية، لتعليمهم أهميّة الشعور الإنساني في الواقع عبر الممارسة، من خلال جمع التبرعات، والتبرع بالدم، وإقامة نشاطات تعليمية وكشفية، لتعريف الجميع بمناطق بعضهم البعض، وكسر حاجز الخوف من الآخر، وتقوية الثقة بالذات، والتعويد على حبّ الغير، وفتح آفاق التسامح.
إنّ العمل الجماعي يفتح المجال أمام كلّ الطاقات والقدرات، لأن تتلاقى وتجتمع، وبالتالي فإن دور المدرسة لا يقتصر على الجانب التربوي فحسب، بل يتعدّاه إلى المشاركة الفاعلة في الحياة الاجتماعية والثقافية، بما يفيد هذه الحياة، من خلال طاقات طلابها وأجيالها، وما يملكونه من إبداعات وإمكانيات، فالانخراط في العمل الجماعي يعزز روح المسؤولية والعمل التطوعي عند الطالب تجاه مجتمعه، ليصبح أكثر تقبّلاً للعمل الجماعي المتعاون، ويعزز روح المسؤولية العامّة لدى الجميع، وينمّي روح المبادرة والانفتاح فيصبح الطالب مشاركا بتنمية مجتمعه ومحيطه من سن مبكرة.
إن مجتمعنا اليوم يحتاج أكثر من أي وقت مضى، إلى العمل على تعزيز روح المسؤولية الاجتماعية من وقت مبكر، عبر تعزيز هكذا أنشطة في المدرسة وإعطائها المجال لتنشط وتتحرّك وتعطي ما لم يعطه الآخرون من أمل وأمان واستقرار، فإنهاء مفهوم الأنا والتشرذم والحالات السلبية ، وفضّ المشاكل يبدأ من المجتمع التربوي الناشط والفاعل والمسؤول.
عندما تبني المدرسة المسؤولية الاجتماعية لدى الطالب والأجيال المتعاقبة، وتعمل على زرع الروح الجماعية في القلوب والعقول، عندها تبني مجتمعا معافى، تضيق فيه مساحات الفوضى والعنف، وتتسع مساحات التعاون والعمران في سبيل الصالح العام.