على اعتبار أنهم أي التنظيمات الإرهابية التي لا يزال يدعمها ويحميها ويدافع عنها تشكل عصب وجود وبقاء احتلاله في سورية والمنطقة، وفي الداخل التركي أيضا.
النظام التركي وفي ظل التقدم المتواصل للجيش العربي السوري الذي يوسع في كل لحظة مساحات سيطرته، يحاول أن يلعب دور الضحية الغبية عبر استجداء الدعم من الشارع التركي الذي سئم مغامراته الحمقاء، وعنترياته الجوفاء التي لم يقارع فيها إلا طواحين الهواء، ولاسيما بعد تشكل قناعة عند الشارع التركي بعدم جدوى حروب أردوغان واستراتيجياته خارج الحدود التركية، كونها لم تجلب لتركيا إلا العار والمزيد من الكره من دول وشعوب الجوار والعالم، وبدلا من أن تصبح تركيا «صفر مشاكل» كما ادعى أردوغان ومسؤولوه مرارا وتكرارا، أصبحت تركيا في عهده صفر أصدقاء، وربما صفر حلفاء في وقت لاحق، وخصوصاً أن الاقتصاد التركي وصل إلى أسوأ حالاته على الإطلاق، ولا يتحمل تكاليف أي حرب خارج حدود البلاد، فكيف إذا كانت هذه الحرب التي يحاول أردوغان أن يجر شعبه إليه غير مفهومة الأهداف والغايات والأسباب إلا تلك التي تنطوي تحت سياق الدفاع عن إرهابييه وعن نظامه وحزبه المتطرف.
أردوغان يحاول أيضا استجداء حلفائه، ولاسيما الدول الأوروبية، لكنه رغم تلك الشراكة الاستراتيجية في الإرهاب، والمشاريع الاحتلالية لم يلق أي تجاوب حقيقي على الأرض سوى بعض المواقف الخجولة جدا، وهذا قد يعود إلى عدة أسباب، تعزى بعضها إلى رفض المزاج الشعبي الأوروبي لسياساته الحمقاء التي فضحت الأدوار والأهداف الأوروبية في دعم واحتضان الإرهاب، ويعزى أكثرها إلى اتفاق وتحالف خلف الكواليس بين حلفائه وشركائه - الولايات المتحدة والدول الأوروبية - على توريطه أكثر وأكثر في سورية وفي جغرافيا المنطقة عموماً، كي يتسنى لتلك الأطراف مواصلة استراتيجياتها الاستعمارية بعيدا عن الأضواء وبأقل الخسائر والتكاليف والأثمان وبأعلى المكاسب والأرباح، باختصار يمكن القول إن ذلك الأحمق بات غطاء وأداة للأميركي والأوروبي لاستكمال ما بدؤوه في الميدان، من هنا تبرز المصلحة الأميركية كأحد أهم العناوين التي تجهد لإبقائه متورما ومنتفخا حتى تبقى حالة الفوضى قائمة من أجل أن تحافظ على مساحات الابتزاز والاستغلال التي تتمدد وتتوسع في أجواء الاقتتال والصراع.
يبدو أردوغان اليوم وحيدا في الجبهة، رغم كل رسائل الطمأنة الأميركية والأوروبية التي يراد منها دفعه للتمسك بسلوكه العدواني وعنترياته وحماقاته أكثر وأكثر، وربما هذا ما يفسر مسارعته إلى فتح قنوات دبلوماسية وسياسية مع حلفاء دمشق للضغط عليها لوقف معركة إدلب والعودة بالأمور الى ما كانت عليه قبل بدء المعركة، إلا أن الجواب الروسي والإيراني كان واضحا في هذا الشأن، وهو أن من حق الدولة السورية الدفاع عن نفسها وطرد كل المحتلين والغزاة وتطهير كامل ترابها من التنظيمات الإرهابية.
النظام التركي يبدو في ذروة ضعفه وفي أعلى درجات تخبطه وجنونه، وهو اليوم يدرك أكثر من أي وقت مضى أنه أضحى يقف على حافة الهاوية، ولاسيما أنه بات على قناعة تامة أن أيا من حلفائه مستعد لدفعه لداخلها عندما تنتهي صلاحيته، وهذه حقيقة بدأت تطفو على السطح وبشكل ملفت خلال الأيام القليلة الماضية.
أردوغان الذي يخوض معركته الأخيرة في إدلب بأسلحة إخوانية وذاكرة عثمانية، بات عليه أن يفهم جيدا أنه يستحيل العودة إلى الوراء تحت أي ظرف من الظروف ومهما كانت الأثمان، فالدولة السورية وبدعم وتنسيق مع حلفائها قررت حسم ملف التنظيمات الإرهابية في إدلب، وخاصة تنظيم جبهة النصرة الإرهابي الذي كان وما يزال رأس حربة لأردوغان لتنفيذ مشاريعه وطموحاته الإخوانية والعثمانية، ليس في سورية، فحسب بل على امتداد المنطقة بأسرها.
المعركة التي يخوضها الجيش العربي السوري بكل شجاعة وبسالة تسير بخطى ثابتة، ولا يمكن لتلك العنتريات والتهديدات الجوفاء التي دأب النظام التركي على إطلاقها خلال الساعات القليلة الماضية في ضوء اندحار إرهابييه المستمر في ريفي حلب وإدلب، أن تعرقل وتوقف تقدم الجيش العربي السوري، أو تعيده خطوة واحدة إلى الوراء، ومحاولات أردوغان في هذا الإطار ستبوء بالفشل، لذلك عليه الخضوع والرضوخ لتحولات اللحظة، والواقع الميداني بقواعده وخطوط اشتباكه الجديدة، وغير ذلك هو صراخ في واد سحيق، واقتراب من الهزيمة أكثر وأكثر.