وفي مركز ثقافي «أبو رمانة»
كانوا على موعد مع الشعر حملوه عشقا وبوحا جميلا كل بأسلوبه، وكما أجادت به قرائحهم من المشاعر التي استطاعت بصدقها أن تلامس شغاف القلوب، وتنوعت أساليبهم بين النثر والموزون والمحكي.
زغبور: مزار الياسمين
اختارت لقصائدها أن تكون من الشعر الموزون لتعبر من خلالها عما يجول في داخلها من انفعالات وجدانية وتحكي قصة عشق أزلي للوطن كما عرجت إلى العديد من القضايا الاجتماعية والحالات الإنسانية بلغة تحكمها الرقة والعذوبة والإحساس الكبير النابع من القلب، تقول:
بحور الشعر أجملها الوفير
يطيب النظم والجني الغزير
يحن الناي من قصب لرجع
على الغدران يرشفه الأثير
يسمع لحنه من فيه صم
ويرمق صفوه الأعمى الضرير
بلادي جنة الخلق الجميل
يجوب بحضنها الكون الكبير
تلونها السماء بنور رب
يقدس أرضها العبق الوثير
ولدمشق دائما العشق الكبير ولها الصدارة وكيف لا وهي مزار للياسمين:
ياواردة إليك مني.. يامزار الياسمين دمشق.. أيتها المدينة التي تحتلني..
وأنا بها أكثر حرية كالغيم دمشق
يافاتحة الشعراء علميني
كيف أطوف حولك بالقصيدة والمنى
ويزهر من الروح الوطن
ومن بوحها الشفيف نقتطف:
يالجة التيه، اصمتي، خبري اليقين في المنفى
متقلب وجه الفصول
ياتقاسيم الظنون، أيتها البراري التائهة
هذا المدى الوحشي ينهشني
أعفر الكأس للكرم العقيم
أهز أراجيح اليباب وأشتهي صوت الظلال
فاضل: رسالة عشق
وربما وجدت الشاعرة مها فاضل في الشعر المنثور ضالتها لتشكله نصوصا تحمل من الدلالات الفنية مايمكنها من إيصال مكنونات روحها إلى المتلقي وتبث قصائدها الكثير من الحب والكثير من التقديس للشهيد الذي يتربع على عرش الكلمة، ولاتنسى أن تهب عبق روحها إلى دمشق وهي القادمة من اللاذقية تحمل فيض مشاعر حب ووفاء للوطن ليزهر مع كلماتها مجدا جديدا، تقول:
الخريف: شهقة وحيدة
أنجبها أخضر هرم في أواخر شهواته
وصدر الأرض الشهي مسفوح كقربان
هناك: حيث تضطجع الحياة
على الجانب الآخر للموت
في هيئة ورقة آيلة للصلاة
الأرض جائعة والورق خزان من ضياء
نحن أبناء الخريف الحمر
نلتثم ثدي الأرض العامر بجوعه
نحن كل هذا الضوء الذي يموت
نحن أرجوان الخريف المنفي قسرا
عن جسد أمنا الجميل
نحن شهقات وحيدة للسكون
ومن قصيدتها غياب نقطف أبياتا:
على وشك العناق، لكأنك الطقس صحوا
أضمك، وأعد أصابعي تحسبا
أزرق قميصك المسائي
حولني نورسا جائعا
كل أزرق هو بحر، يلهج سمكا ويفور
في لحظة معه، استعار شقتي
وهمس بما يشبه الكلام
هو لم يسمع، ولا أنا!!
وتقول في قصيدتها «أسرار»:
أزرع ابتساماتي على شفاه الغرباء
أضع أذني على قلوبهم وأصغي
أتمدد على إسفلت الطرقات
تسحرني مقاسات السنين
يجتازني الغادون والذاهبون
أصلب نفسي شاكية، أرأيت جزائي ياالله؟
سليمان: وجدانيات
رغم أنه اعتمد الكتابة المحكية في شعره لكن فراس سليمان استطاع بأسلوبه الرشيق وعذوبة كلماته أن يحتل مكانه في قلوب المتلقين، فقد كانت موضوعاته بوحا جميلا وطريفا استقى مضمونه من الهم اليومي والإحساس الذي يكمن في داخله، لتصبح قصائده في قائمة الشعر الإنساني الوجداني، يقول في قصيدة «غربة»:
اسحبي من كم الصبح خيطان
وخيطي جروحي قطبة ورا قطبة
صاير متل خرقة هالجسم هريان
بنشد عامود الضهر بتفرط الركبة
ماأضعفك عالأرض يابني الإنسان
بتوقع ع طولك من نسم هوا الغربي
بيضيع الحلم يلي من القدر هربان
وبيبقى كل العمر خايف ومتخبي
لاتحزني ياروح لاتقولي ضيعان
آل مضيع بقلبو وطن مابتقهرو غربة.