وفي منتصف هذا الشهر عقد المجلس القطبي العالمي اجتماعاً وزارياً في «كيرونا» بالسويد لبحث واقع ومستقبل التنمية في هذه المنطقة الخاصة جداً، وهذا المجلس هو الهيئة التي تأسست لتيسير التعاون بين الدول التي تضم حدودها أراضي في القطب الشمالي وهي فقط التي يحق لها الاستمتاع بالعضوية الكاملة وعددها ثماني دول هي: كندا والدانمرك وفنلندا وآيسلندا والنرويج وروسيا والسويد والولايات المتحدة،وإلى جانب تلك البلدان يضم المجلس ستة مراقبين دائمين من دول كبرى مثل ألمانيا وفرنسا وبريطانيا والآن تمارس الصين والهند واليابان الضغوط للانضمام إلى المجلس .
ذاب الثلج
ومما سرع الإغراء للانضمام هو سرعة ذوبان الثلوج التي تبلغ أربعة أضعاف ما كان عليه الأمر في الماضي وكذلك صار النهر الجليدي في القطب الشمالي في أضيق حالة له منذ أن بدأت مراقبته عن كثب العام الماضي . الدول المحيطة بالقطب الشمالي والشركات العالمية الكبرى صارت في حالة تنافس متزايد من أجل الفوز بحقوق تطوير وتنمية القطب وفتح الطرق إلى هناك . وتشير معلومات الهيئة الجيولوجية الأميركية إلى أن منطقة القطب الشمالي تضم نحو 25 % من احتياطات العالم من النفط والغاز أي نحو 90 مليار برميل من النفط، وهي كمية كافية لتغطية الطلب الأميركي على النفط خلال 12 عاما، وتحوي أيضا 47 تريليون م3 من الغاز، في حين قدرت وزارة الموارد الطبيعية الروسية احتياطيات بحار الشمال الروسي المؤكدة من النفط والغاز بنحو418 مليون طن و7 .7 تريليون متر مكعب على التوالي .
المياه المفتوحة
وبينما تزداد ظاهرة الاحتباس الحراري العالمية، فإن غطاء الجليد القطبي ينخفض بسرعة ويساور العلماء الاعتقاد أنه بحلول نهاية القرن فإن المحيط المتجمد الشمالي كله قد يكون مياها مفتوحة لأول مرة منذ ما قبل التاريخ، ومن جانب آخر فإن عدد السفن القطبية تضاعف تسع مرات خلال العامين الأخيرين وطريق القطب الشمالي يوفر 30% من المسافة وستة أيام من الوقت للسفر، ما أدى إلى زيادة كبيرة في الطلب على صناعة السفن والشاحنات القطبية المتخصصة وكسارات الثلوج ،فمثلا الموانئ الكورية المطلة على السواحل المؤدية إلى القطب الشمالي صارت موعودة بفرص هائلة للتطور والتوسع في الخدمات، حيث صار ميناء «بوسان» الآن أحد أكبر المحاور البحرية ومن أكثر المستفيدين من الطريق الشمالي القطبي .
تحديات وفرص
وهكذا فإن الزيادة المتسارعة في الاحتباس الحراري ومن ثم في ذوبان الجليد في المناطق القطبية وإن كانت تشكل مخاطر ومهددات للمناخ العالمي فإنها في الوقت نفسه تفتح الطريق القطبي الشمالي وتوفر فرصاً اقتصادية وتنموية ضخمة وهائلة ، لهذا بدأت الدول المطلة على القطب الشمالي ومن بينها روسيا والولايات المتحدة وكندا تتدافع من أجل تأمين حقوقها في المنطقة وشغل مواقع مهمة داخل المجلس القطبي الشمالي .
بعد أن أصبح القطب الشمالي أسهل قابلية للاستكشاف صار التنافس بين الدول المعنية أكبر وأشرس ما زاد من عدد النزاعات الإقليمية والأرضية والبحرية القائمة بينها ،ويقول أحد الباحثين الكنديين: إنه في عام 2001 تقدمت موسكو رسميا بادعاء لها بالحق في 2 .1 مليون كيلومتر مربع من الأراضي الإضافية في نصف المحيط المتجمد الشمالي، بما في ذلك القطب.وتنوي روسيا تقديم طلبٍ للأمم المتحدة لترسيم حدودها بشكل كامل في منطقة القطب