والمرة الثانية بعد عودته من هناك عندما دفن لغم «لا شريك» ، ولم يفككه، لينهي كل امكانية باحتمال التوصل الى تسوية سياسية مع الفلسطينيين.
اليوم، وبعد ما يقرب من عشر سنين يستطيع باراك ان يكمل النقص في قضية القدس وان يفكك اللغم. يستطيع ان يغير مسار التاريخ للمرة الثالثة باتجاه الاحسن أو الاسوأ.
نعم ان باراك هذه المرة هو مجرد رئيس حزب منحل، لكن وزنه في نظر رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو أكبر بكثير من ألقابه الرسمية، وقوة حزب العمل أكبر بأضعاف من نوابه الثلاثة عشر. تستطيع حكومته من ناحية سياسية ان تبقى دون قوة ، لكن نتنياهو يعلم أن ترك الشريك الوحيد من غير قوى اليمين التقليدية المؤتلفة معه، يمكن ان يجلب عليه كارثة في الخارج. وهذا هو سبب استماتته في جذب أي عضو كنيست من حزب كاديما. فالحقيقة إن حزب العمل برئاسة وزير الدفاع باراك يمنح الحكومة الوجه الجميل (كل شيء نسبي) الذي منحه حزب العمل برئاسة وزير الخارجية شمعون بيريز لارييل شارون. اذا اعلن باراك أنه لا يصدق بأن الحكومة معنية بدفع ثمن السلام، فمن يقنع باراك اوباما أن نتنياهو كان يقصد ما قاله في خطبته في جامعة بار ايلان بشأن اعترافه بحل الدولتين. هل يفعل ذلك الوزير افيغدور ليبرمان من اسرائيل بيتنا، ام ايلي يشاي من شاس؟ ام ربما يفعل ذلك الوزير دانييل هرشكوفيتس من البيت اليهودي!
لقد قطع باراك شوطا طويلا منذ جعل نفسه وكيل المبيعات الرئيسي لبضاعة لا شريك . وهو مقتنع كما يبدو أن فشل مسار سياسي هو مثل فشل عملية عسكرية، يمكن ان يشير الى مشكلة في التطبيق ويستدعي تاليا الحاجة الى تصحيح المعوج، وليس الى عيب في الفروض الاساسية الخاطئة التي قام عليها الامر برمته. وهو لا يضيع فرصة ليوضح أن البديل عن مبدأ حل الدولتين هو دولة ثنائية القومية، او نظام تمييز عنصري معزول. إن الدماغ التحليلي لباراك يحسن وصف الواقع، لكنه لا يفعل شيئا من اجل تغييره.
لقد تباهى باراك أخيرا على مسامع اعضاء مكتب حزب العمل، أن الوضع الامني لم يكن أبدا افضل مما هو عليه الان. لم يكن محتاجا الى الرشقات التي اطلقت في نهاية الاسبوع من غزة على غربي النقب كي يعلم ان هذا الامن غير مستقر تماما مثل مكانة السلطة الفلسطينية في رام الله. ان الحصار القاسي لقطاع غزة وتعثر بل انعدام المسيرة السياسية بدأا يضعفان في المدة الاخيرة من دافع قوى الامن في السلطة في الضفة الغربية لمواصلة السير على ذات النهج العقيم.
فإلى متى سيوافق رجال الشرطة الفلسطينيون على ان يكونوا مقاولين ثانويين للاحتلال؟
وفي القاهرة باتوا اما يلمحون أو يهددون بأن فشل المبادرة المصرية في تجديد المفاوضات بين منظمة التحرير الفلسطينية واسرائيل سيؤدي الى تجديد المبادرة المصرية للمصالحة بين منظمة التحرير الفلسطينية وحماس. وستكون المصالحة مع خالد مشعل احد القضايا المطروحة في المباحثات التي سيجريها محمود عباس قريبا في دمشق. وسوف تطرح مبادرة السلام العربية لتصديقها في القمة العربية التي ستعقد بعد شهرين في ليبيا. واذا لم يحدث تغيير جوهري للوضع في المناطق وفي القنوات السياسية حتى ذلك الحين، فقد تكون هذه المرة الثامنة والاخيرة التي يعرض فيها العرب مبادرتهم تلك على اسرائيل.
يتباهي باراك بأنه كشف في كامب ديفيد عن وجه عرفات الحقيقي. حان الوقت لان يكشف عن وجه نتنياهو الحقيقي. اذا كان رئيس الحكومة ينوي التوصل الى اتفاق دائم، فليضمن لعباس ان يؤخر مناقصات توسيع البناء في شرقي القدس حتى نهاية المفاوضات . واذا كان يقابلنا بيبي القديم، الذي بنى أحياء في شرقي القدس ليهدم اتفاق اوسلو، فلا يوجد لباراك ما يبحث عنه في حكومة اليمين. ما الذي يخسره؟ لقد كان رئيس حكومة، ولن يكون رئيس حكومة. وسوف يكتب في تاريخ اسرائيل فقط بوصفه دافن حزب العمل.
بقلم : عكيفا الدار