العاملون في الترجمة بموسكو, لكونه اقدم المترجمين والذي وضع الكثير من اصول وقواعد الترجمة من الروسية والعربية. يعترف الكثير من الجيل الاقدم والاوسط من المترجمين العرب في العاصمة الروسية انهم غالبا ما كانوا يسألون المعصراني عن ترجمة هذا المصطلح, او التعبير الروسي او ذاك حين يستعصي عليهم ايجاد مرادف له باللغة العربية، وكان لا يرد طلب أحد. عرف المعصراني بين العاملين في اذاعة موسكو العربية حيث كان مقر عمله, وفي دور النشر التي تعاون معها, بأنه بشوش الوجه دائما, ودمث الخلق, ورقيق الكلمة في التعامل مع الناس, وعرف بالتواضع الشديد. انه مثال المثقف الواسع الاطلاع وذو المعرفة الواسعة بلغة الضاد واللغة الروسية على حد سواء . وقد ساعده ذلك في ترجمة واحدة من اصعب الروايات للترجمة هي « الاغوات غولوفلوف» للكاتب الروسي الساخر سالطيكوف شيدرين بلغة عربية رشيقة ما جعل النص يبدو وكأنه غير مترجم بل مؤلف.
بدأ محمد المعصراني حياته الابداعية حين كان في دمشق, حيث تخرج من كلية الحقوق فيها عام 1942. ابدى اهتماما كبيرا بالمطالعة الادبية, ومن ثم بكتابة القصص والمقالات التي نشرتها المجلات الادبية المعروفة مثل « الاديب» و «الآداب» و «الطريق». مارس التدريس في ثانوية الروم الارثوذكس في حمص لفترة قصيرة, وانتقل بعدها للإقامة في بيروت. عمل في مجلة « الانباء السوفييتية» الصادرة هناك باللغة العربية. وفي عام 1955 جاء الى الاتحاد السوفييتي في طليعة الرعيل الاول من المثقفين اليساريين العرب الذين عملوا في المؤسسات الاعلامية, ودور النشر السوفييتية, وكان من بينهم مواهب الكيالي وحسيب الكيالي ويوسف شاهين وغائب طعمة فرمان. علما ان عملهم في الترجمة كان يلتهم كل وقتهم وطاقاتهم ما جعل غالبيتهم في منأى عن العمل الابداعي الادبي, ولربما كان هذا سبب رحيل حسيب الكيالي من موسكو بعد فترة قصيرة, كي يواصل نشاطه الادبي في وطنه سورية, وفي دول الخليج. شعر محمد المعصراني حينذاك بوضعه ذلك, فطلب نقله للعمل في دار « التقدم» للنشر ، لكن ادارة اذاعة موسكو تشبثت به بحجة ضرورة وجوده لترجمة المواد والوثائق الخاصة بالحزب الشيوعي السوفييتي.
عمل محمد المعصراني عدة سنوات في تأليف قاموس اللغة العامية السورية الذي يعتبر مرجعا مهما للباحثين الذين يدرسون في روسيا اللهجة السورية ودورها الاجتماعي .
توفي محمد المعصراني وبقيت « مدرسته في الترجمة» بين رفاقه من المترجمين من مختلف الاقطار العربية.