والذي جاء تحت عنوان اعادة البناء على أساس الشفافية.. دخلت دول الاتحاد السوفييتي وبينها الاتحاد الروسي ودخل معها العالم في حالة من الضبابية التي لم تسيء للشفافية المزعومة فقط..
بل اساءت لمقدرة العالم في الرؤيا .. فتعاظمت قوى قزمة وتقزمت قوى عظمى . وكان الظلام سيد الاجواء لتهريب جهود العالم وتحطيم منجزات البشرية.
وكان اخطرما عانى منه العالم ان يصبح اتجاه الانهيار السوفياتي الكارثي كما وصفه الرئيس بوتين فيما بعد .. هو اتجاه للإصلاح , لولا بعض من مقدرة على الاستيقاظ قبل فوات الاوان جعل المصلحين او الإصلاحيين يتلمسون حدود المقدرة الذاتية من اجل المضي في برنامج للإصلاح.
وفي قراءة عامة من الخارج لمعظم تجارب الإصلاح التي تعهدها ماعرف بالنظام العالمي الجديد, نرى ان منهج إسقاط الاتحاد السوفياتي كان الدليل الأهم امامها.. بما يعني إسقاط تلمس الامكانيات الحقيقية لإقامة عملية الإصلاح.. فالاتحاد السوفياتي بما كان لديه من مقدرات غير محدودة او محددة..كان يستطيع ان يقيم اهم عملية اصلاح وتطوير و(اعادة بناء) في التاريخ .. لكن . . الهدف لم يكن الاصلاح فعلاً بل إسقاط التجربة وقيادة العالم بمفهوم القطب الواحد.
من الواضح اليوم ان الاتحاد الروسي يتجه الى اساس اخر لعملية الاصلاح اساس منهجه تلمس القوة الحقيقية لروسيا وعلى هذا الاساس يمكن قراءة مايجري اليوم بين روسيا واوكرانيا ,كان طابعة سياسياً أم اقتصادياً والامران متلازمان طبعاً أنا لست خصماً لاوكرانيا صديقاً لروسيا ولا العكس .. انا مواطن في دولة تصادق الدولتين معاً.. لكن.. مامن شك ان روسيا التي وجهوا لها الصفعة البرتقالية بنوع من الحماس في الشارع الذي تجاوز فهم المقدرة الفعلية للدول تعيد اليوم قراءة حجمها وقوتها ليس باتجاه اوكرانيا القريبة بل باتجاه العالم الذي تجاهل الى حد بعيد هذه المقدرة غير العادية.
ان روسيا اليوم في تعديل تسعيرتها للغاز المصدر لاوكرانيا, لاترتكب خطأ.. بل تعدل عن خطأ - في رأيي- الخطأ كان ان تبيع روسيا الغاز بربع ثمنه وهي تعاني من واقع اقتصادي يؤثر على تأثيرها في القرار الدولي, وعوضاً عن الشكر تجرجر العلاقات الخاصة الروسية الاوكرانية في الشوارع استصغاراً للشأن والمقدرة الروسية.
بودي الا اقف عند القرار الروسي والقرار لايقف عند حدود آثاره على الاقتصاد الاوكراني .. انما اريد ان اقول: ان تلمس روسيا لمقدرتها الحقيقية وحجم استطاعتها وتوظيف هذا وذاك سينجز:
1- اصلاحاً فعلياً لوضع روسيا الاقتصادي وموقعها في العالم.. وهذا ضروري لاستقرار التوازن العالمي والامن للبشرية..
2- اتجاهاً اخر في الاصلاحات التي قدم لها الانهيار السوفياتي على اساس انه الانموذج في الاصلاح.
3 هذا الاتجاه الاصلاحي الجديد الممكن ان يتابعه العالم.. والذي يقوم على قراءة وحسن استثمار الامكانيات وتجاوز الاخطاء التي تحولت الى اخطار في واقع الدول.
ونرى:
أننا في تجربة الاصلاح عندنا لسنا بعيدين جدا عن حالة اغفال المقدرات والامكانات وحدودها كأساس لعملية الاصلاح. ان الشكل الغيبوبي المستورد للاصلاح والذي غزا العالم بعد انهيار الاتحاد السوفييتي اثر بنا ايضا. وهذا اخّر في عملية الاصلاح السورية.
ان ثمة قوى (وصفها الرئيس بشار الأسد اكثر من مرة بالقوى الانتهازية ) تقف عامل إعاقة في وجه الاصلاح عن طريق الجهل والتجهيل بالمقدرة الوطنية للتطوير.
واعتقد ان اطلاق مقدرات الشعب وقواه الاقتصادية والاجتماعية للعمل بعيدا عن الضغط الذي يمارسه ومارسه دائما القادرون على الخروج على القانون.. ان كان ابطال الخروج عن القانون لايخجلون حتى من إدعاء انهم الاصلاحيون المصلحون. فيجب ان نعلم جيدا ان وجودهم ليس مقتصرا على مايعلنونه. بل لهم وجود فعلي له مصلحة في إبعاد المقدرات الوطنية عن عملية الاصلاح. والوقوف في وجههم يكون عن طريق حرية الشعب في مواجهتهم. لان التضييق على هذه الحرية هو الذي جعل منهم حيتان مقاومة الاصلاح وقد آن الاوان لاطلاق حرية الشعب ليقدم هذا الشعب ابطاله.