ورغم أن أوباما اعترف بالأمس برومانسية ساذجة بأن السماء قد أظلمت بعد تفجيرات باريس وقد لا يرى سيد الجدار الإرهابي هذا خطواته المقبلة فوق جدرانه، إلا أنه لا يزال يتنقل فوقها بل ويتشبث بها رغم كل الاهتزازات.
في تزامن مؤتمر فيينا حول سورية مع ما جرى في فرنسا ثمة ما بات أوضح ولكن ليس على طريقة التصريحات التي شددت أوروبياً على مكافحة الإرهاب، بل إن ما فرز عن فيينا بعد أن وصلت أصوات الانفجارات إلى طاولتها أكد أن أميركا لا تزل تعض على أوراق الفصائل الإرهابية بأسنان وأنياب ضباعها في الرياض وأنقرة وإلا..
كيف يكون فرز المنظمات الإرهابية عن المعارضة المسلحة في سورية قائم فقط على أساس وثيقة غير داعشي، وكيف يكون الفرق بين فصيل إرهابي «معتدل» وآخر متطرف فقط بمبايعة الخليفة البغدادي أو عدمها..؟
يبدو أن ذهاب واشنطن وذيلوها الخليجية والعثمانية الجديدة إلى طاولة فيينا الدولية مذعنين لم ينتج عنه إلا فرز داعش على باقي الفصائل الإرهابية في سورية.
أما تلك الفصائل فيبدو أنها ستبقى بمثابة «إرهاب مشرعن» تحت غطاء المعارض السوري طالما لم يثبت وسمها بماركة داعش الإرهابية.
لا يزال الرهان الأميركي قائم على الإرهاب في سورية وأكبر دليل على ذلك هو أن واشنطن تناست تماماً معارضي الفنادق وذهبت إلى الميدان السوري تفصل حصاد ما زرعت من إرهاب لتضع في سلتها السياسية ميليشيات مسلحة تحت عنوان معارضة سورية..
لا تملك واشنطن أوراقاً سياسية سوى الإرهاب وهي إن تخلت ظاهرياً عن ورقة داعش فهي لا تزال تلعب بأوراق أخرى من مشتقات هذا التنظيم الإرهابي والتي في أي لحظة قد تعلن مبايعتها الخليفة البغدادي الذي بات خصم الولايات المتحدة الأميركية وحكم لعبتها السياسية في الشرق الأوسط وفي العالم.. بل إنه بات بمقام قطب لا يقل بقدراته - حسب ما يقول الغرب عن قدرات كبرى الأجهزة الاستخباراتية العالمية التي اخترقها البغدادي في مغازلة شبه مرئية مع الرئيس الأميركي أوباما يريد أن يفهمنا أنه متفاجئ بما حدث وأنه فجأة أصبح «أليس في بلاد العجايب» صغر حجمه وكبر كل ما حوله من إرهاب!!