مشترك تفاعلت معه ابداعات الثقافتين العربية والاسبانية وتمازجت في ظلاله الرؤى والافكار الفلسفية والفنية والمعمارية فأعطت نسيجاً حضارياً غنياً وارثاً مشتركاً يبعث على الاعتزاز ويعطي البرهان على أن الثقافة العربية في أبعادها ومكوناتها ثقافة تفاعلية تأخذ وتعطي وأنها بفضل هذه السمة استطاعت أن تغني الحضارة العالمية بشكل عام والحضارة الغربية بشكل خاص وأنها دون منازع كانت الاساس والركيزة لما تشهده الحضارة الاوروبية المعاصرة من تقدم في مضمار الصناعة والتقانة والعلوم التطبيقية.
وقال خلال لقائه المشاركين في الملتقى السوري الاسباني الثالث لرجال الاعمال ان هذه العلاقة بين سورية واسبانيا تعززت في وقتنا الحاضر ونمت واتسعت جوانبها في مجالات الاقتصاد والتجارة والثقافة انطلاقا من الارادة المشتركة والرغبة المخلصة بالارتقاء بها لتكون النموذج والمثال لما ينبغي أن تكون عليه الصلات بين ضفتي المتوسط وقد زادت هذه العلاقات عمقا وقوة الزيارات المتبادلة لكبار المسؤولين في البلدين وفي مقدمة ذلك زيارة صاحب الجلالة الملك خوان كارلوس والسيدة عقيلته الى سورية وكذلك الزيارة التاريخية التي قام بها السيد الرئيس بشار الأسد والسيدة عقيلته الى اسبانيا حيث بنت هذه الزيارات صرحا عاليا من علاقات التعاون والصداقة الوثيقة بين بلدينا وشعبينا الصديقين.
وأضاف المهندس عطري قائلا: لقد شهدت سورية خلال السنوات القليلة الماضية انطلاقة واسعة في مجالات التطوير والاصلاح الذي طال مختلف الميادين التشريعية والادارية والاقتصادية والمالىة والمصرفية في اطار رؤية تدعو الى الحداثة ومواكبة ثورة التقانة والمعلومات والانفتاح على اقتصادات العالم والاندماج في الاسواق العالمية.
وكان منطلق هذه الاصلاحات الاخذ بمبدأ التحول التدريجي باتجاه اقتصاد السوق الاجتماعي وتحفيز طاقات المجتمع على الابداع والابتكار عبر تعزيز مبدأ التشاركية بين قطاعات الاقتصاد الوطني وتوسيع المجال أمام القطاع الخاص ليسهم بدوره في عملية التنمية الشاملة في المجالات كافة.
وأشار الى ماتحقق في سورية من اصلاحات في ميادين التنمية المختلفة فقال: أصبحت لدىنا مصارف خاصة ومشتركة وشركات تأمين تمارس نشاطاتها الاقتصادية والتنموية في مختلف المحافظات وعما قريب ستنطلق في سورية سوق الاسهم والاوراق المالىة وأصبحت لدىنا جامعات خاصة موازية للجامعات الحكومية واتسعت آفاق الاستثمار في القطاعات الصناعية والزراعية والسياحية ومجالات النقل والصحة وسواها من المجالات الاخرى.
وأوضح رئيس المجلس أن توجهات الخطة الخمسية العاشرة للدولة وتوجهات الاصلاح الاقتصادي عادت بنتائج هامة على صعيد زيادة معدلات النمو الاقتصادي وزيادة الناتج المحلي الاجمالي الذي وصل الى نسبة تفوق 6 بالمئة في عام 2006 وازدادت مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الاجمالي من 61 بالمئة عام 2004 الى 64 بالمئة 2006 ورافق ذلك تأمين فرص عمل واسعة في القطاعين العام والخاص وانخفاض معدل البطالة من 9,3 بالمئة عام 2004 الى 8,5 عام 2005 و 8,2 بالمئة عام .2006
وأكد أن هذه النتائج الايجابية التي نلمس آثارها في القطاع الاقتصادي بشكل واضح انما كانت ثمرة الاصلاحات النقدية والمالىة والمصرفية التي قامت بها الحكومة وما رافقها من اجراءات على صعيد تحرير الاقتصاد والتجارة وتطوير أداء المصارف وتحديث أسالىب عملها والسماح باحداث المصارف الخاصة وشركات التأمين فضلا عن الاجراءات المتخذة على صعيد السياسة المالىة ومارافقها من اصلاحات في هيكلية القطاع الضريبي بما يحقق عدالة التكليف الضريبي ويحفز النشاط الاستثماري من خلال تعديل بعض القوانين والمراسيم المالىة التي أدت الى تخفيض المعدل الضريبي من 35بالمئة الى 28 بالمئة وكذلك تخفيض الضرائب والرسوم على عمليات التصدير والاستيراد والبيوع العقارية وريع العرصات والعقارات.
وتحدث المهندس عطري عن تطور بيئة الاستثمار في سورية مؤكدا اهتمام الحكومة بتوفير بيئة مثالىة للاستثمار في سورية وتشجيع الاستثمار من خلال تخفيض شرائح الضريبة على الدخل والرسوم الجمركية وتبسيط الاجراءات الادارية واقامة المدن الصناعية الكبيرة في ريف دمشق وحمص وحلب ودير الزور وفتح المجال أمام القطاع الخاص في معظم القطاعات الانتاجية والسياحية الى غير ذلك من الاجراءات والسياسات المحفزة للاستثمار وجذب المشاريع الاستثمارية مشيرا الى أن حصيلة الخطوات التشجيعية التي قامت بها الحكومة تجلت من خلال زيادة عدد وحجم المشاريع الاستثمارية حيث وصل حجم التكالىف الاستثمارية للمشاريع الاستثمارية التي تم تشميلها عام 2006 وفق قانون الاستثمار رقم 10 لعام 1991 قرابة 470 مليار ليرة سورية من بينها مبلغ 123 مليار ل.س تكالىف المشاريع التي تم تشميلها لمستثمرين عرب أشقاء وأجانب أصدقاء وذلك بالطبع عدا تكالىف المشاريع المشملة في القطاعين السياحي والصناعي وفق بعض القوانين الاخرى.
وأوضح المهندس عطري للسادة المستثمرين من اسبان وسوريين مغتربين ان مجالات الاستثمار في سورية ماتزال واعدة ومتنوعة وذات جدوى اقتصادية وعائدية ربحية مضمونة حيث إن موقع سورية وتنوع مواردها وتوفر العمالة الفنية فيها وغناها الثقافي وتنوع بيئتها الطبيعية تشكل مجتمعة عناصر داعمة في هذا المجال ونحن اذ نرحب بالتعاون بين رجال الاعمال والشركات الاقتصادية وغرف التجارة والصناعة السورية والاسبانية فاننا ندعو رجال الاعمال والمستثمرين الاسبان للاستثمار واقامة الشركات الاستثمارية في سورية ونرحب على وجه الخصوص بالاستثمار في مجالات الطاقة وانتاج الكهرباء واقامة مصافي تكرير النفط ومشاريع التقانة والصناعة والسياحة ونرى أنها السبيل لاقامة شراكات مستقبلية تعزز الروابط والصلات بين الجانبين وتعود بالفائدة المرجوة على الجميع.
وأكد رئيس مجلس الوزراء ان حاجة منطقة الشرق الاوسط الى التنمية ونجاح الخطط والبرامج التنموية وانعكاس ذلك على جوانب الحياة الاقتصادية والاجتماعية للسكان فيها تقتضي توفر مناخ الامن والاستقرار وهذا ماتفتقده هذه المنطقة بشكل عام جراء احتلال اسرائيل للاراضي العربية من جهة واحتلال العراق من جهة ثانية وتفاقم نزعة الهيمنة وتعطيل لغة الحوار والتفاهم وتغليب منطق القوة على قوة المنطق في تسوية وحل الخلافات والصراعات الاقليمية.
وقال ان سورية عملت بكل امكانياتها لتحقيق الامن والاستقرار في المنطقة وبذلت غاية ما تستطيع من اجل تحقيق السلام العادل والشامل في المنطقة مؤكدة ان السلام المنشود ليكون عادلا ودائما وشاملا ينبغي أن يرتكز على قرارات الشرعية الدولية ومرجعية مؤتمر مدريد ومبدأ الارض مقابل السلام اي عودة الجولان السوري المحتل وما تبقى من الاراضي اللبنانية حتى خط الرابع من حزيران عام 1967 وضمان الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني في العودة واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
ودعا في ختام حديثه رجال الاعمال السوريين والاسبان الى ترجمة ماتم اتخاذه من قرارات وتوصيات في هذا المؤتمر الى واقع ملموس يحقق الغاية المرجوة من هذا المؤتمر ويعزز آفاق التعاون بين سورية واسبانيا ويلبي مصالحها المشتركة في كافة المجالات.
وقدم انطونيو اوليفر ممثل غرفة التجارة الاسبانية السورية عرضا عن وكالات التعاون الدولي الاسباني والتنمية الاقتصادية والاجتماعية منوها بالتسهيلات التي تقدمها سورية للاستثمار في مختلف المجالات.
وقد اختتمت فعاليات الملتقى حيث تضمنت تنظيم 284 لقاء بين رجال الأعمال السوريين والاسبان لمئة وأربع شركات سورية وإحدى وعشرين شركة اسبانية إضافة إلى عدد من الاجتماعات غير الرسمية التي تم خلالها عرض مشاريع مشتركة وبحث توطيد وتفعيل وزيادة علاقات التعاون المشترك.
وتمخض عن الملتقى توقيع اتفاقية أولية لتشييد مشروع غرفة تجارة حلب الفندق والمجمع التجاري وكذلك تم التعاقد على إقامة شركات مشتركة بين رجال الأعمال السوريين والاسبان لقطع وتشذيب المرمر الاسباني في سورية, وإقامة معمل لإنتاج الهواتف الخلوية, وإقامة مزارع بقر نموذجية لإنتاج الحليب والألبان بشكل آلي كامل, إضافة إلى إقامة عدد من الفنادق ذات المستوى 3 و4 نجوم وغيرها من المشاريع الاستثمارية المشتركة في سورية.
وفي ختام أعمالهم رفع المشاركون في الملتقى برقية محبة وولاء للسيد الرئيس بشار الأسد عاهدوه خلالها على بذل المزيد من الجهود لبناء الوطن والإنسان.
وحضر فعاليات الملتقى الدكتور أحمد خالد العلي وزير الكهرباء وأمين فرع الحزب ومحافظ حلب ورئيس الغرفة التجارية السورية الاسبانية ونائب رئيس غرفة تجارة حلب وعدد من المسؤولين والفعاليات الاقتصادية السوريين والاسبان.