والمتابع أيضا لهذه الفعاليات سيجد نفسه بين أنشطة تتشابه بكل شيء من الجمهور إلى المحاضرين فالأمسية الشعرية التي تابعناها على هذا المنبر، سنجدها بعد أيام في غير منبر تصدح بما أجادت به قريحة فرسانها، والمعرض الذي انتصبت لوحاته في تلك الصالة، ستشد رحالها أيضا إلى صالة أخرى.. والقائمة تطول..
ولكن أين الحصاد، وكم من الفعاليات والأنشطة استطاعت أن تحدث فعلا ثقافيا امتد تأثيره إلى تلك العقول المتعطشة لحراك ثقافي حقيقي ولطالما ترددت على مسامعنا بأن الثقافة هي أساس تقدم الأمم وربما الحجر الأساس في بناء الحضارات.
لاشك لكل مجتهد نصيب، ونحن هنا في هذه العجالة لاننتقص من شأن أي جهد يقدم، بل نشد اليد على كل من ينبت فكرة أو يضيء شمعة على دروب الحياة بناء وازدهارا وتقدما، ولكن وفي الآن نفسه ألم يحن الوقت لنصوغ آليات جديدة نتوجه بها في خطابنا إلى المتلقي الذي يتجشم عناء الحضور سعيا منه في تلقف مايمكن أن يشكل قيمة مضافة في حياته ويردم الهوة التي تفصله عن أصحاب الشأن في تبني قضاياه وتكون لسان حاله في تقديم مايكابده يومه المعيشي.
ولأن الثقافة ليست ترفا بل حاجة وضرورة ورسالة تحمل في مضامينها معاني الوعي المجتمعي والحضاري والقيمي، لابد أن نسعى إلى خلق منافذ جديدة للتواصل مع شرائح المجتمع كافة، لنعيد ثقتهم بنا من جديد وخصوصا فئة الشباب المهمة والفاعلة في حمل راية بناء الوطن وعزته.
وهنا نؤكد على دور المثقف في مهمته لخلق حراك ثقافي حقيقي يتمتع بالمنهجية والموضوعية، يلحظ به الواقع بسلبياته وإيجابياته، ينثر فيه بيادر الوعي والانتماء من أجل أن يزهر هذا الحراك عملا فاعلا وبناء شامخا يطال عنان السماء.