براندون براينت المتعاقد الذي عمل لدى سلاح الجو الأميركي كمشغل لطائرات من دون طيار على مدى ستة أعوام كشف في هذا الصدد لصحيفة (ذا صن) البريطانية تفاصيل مخيفة عن برنامج الجيش الأميركي لتسيير هذه الطائرات من أجل قتل الأبرياء في عدد من الدول باستهتار وقصف منازلهم دون التأكد من هوياتهم أو أعمارهم.
براينت الذي عمل على تسيير هذه الطائرات التي يشبه تسييرها بالألعاب الالكترونية من غرفة صغيرة مظلمة في ولاية نيفادا أدرك متأخراً الجرائم التي يرتكبها بحق المدنيين سواء في أفغانستان والعراق، حيث قصف ما بين عامي 2006 و2011 أكثر من 1600 هدف حددها له المسؤولون عنه في سلاح الجو الأميركي، لكنه اكتشف فيما بعد أن من بين هؤلاء الذين قتلوا جراء الغارات التي يشنها من غرفته الصغيرة وباستخدام الطائرة من دون طيار التي يقوم بتسييرها من على بعد آلاف الأميال أطفالاً ونساء أبرياء.
ووفق ما ذكرته وكالة سانا، يروي براينت للصحيفة موقف المسؤولين عنه لدى مواجهته لهم عند إدراكه بأنه قتل طفلاً في أحد الغارات التي شنها في أفغانستان وسخريتهم منه ثم توبيخهم له، مشيراً إلى أن الموقف الأسوأ والأكثر إثارة للاستغراب كان بالنسبة له ما صدر عن زملائه الذين يمارسون القتل وكأنه لعبة الكترونية، ولم يهتموا أصلاً بكونهم يقتلون أطفالاً ونساء في بلدان أخرى فقط لتنفيذ الأوامر.
اعترافات براينت الذي ترك الجيش الأميركي وأدلى بشهادته حول برنامج الطائرات الأميركية أمام الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى تشكل دليلاً على استهتار الولايات المتحدة بأرواح المدنيين والأبرياء في كثير من البلدان التي تتدخل فيها بشكل غير شرعي بحجة القضاء على الإرهاب وكانت أفغانستان إحدى هذه الدول.
الطائرات الأميركية من دون طيار والتي يطلق عليها الأفغانيون اسم (ملائكة الموت) تشارك في جميع الحروب التي تشنها واشنطن وتسببت بمقتل مئات المدنيين في بلادهم وفي العراق والصومال واليمن، فيما يلف عمليات القتل هذه السرية التامة .
الولايات المتحدة الأميركية ترفض الكشف عن العدد الحقيقي لضحاياها، حيث ألغى الرئيس الأميركي دونالد ترامب في آذار من العام الماضي إجراءً يلزم الحكومة الأميركية بنشر تقرير سنوي بعدد القتلى جراء الغارات التي تشنها الطائرات الأميركية المسيرة أو أي عمليات أخرى تصنفها في إطار ما تسميه (مكافحة الإرهاب) خارج مناطق الحرب حول العالم.
ولم يكتف ترامب بالتغطية على نتائج الغارات الجوية باستخدام طائرات من دون طيار وعدد الضحايا بل قام أيضاً في عام 2017 بتغيير قواعد استهداف المشتبه بأنهم (مسلحون أو إرهابيون) ما يضاعف مرات كثيرة خطر قتل مدنيين بهذه الهجمات.
الجرائم التي ترتكبها الولايات المتحدة في أنحاء العالم واحدة في بشاعتها، لكنها تختلف بطريقة ارتكابها وتتنوع ما بين الحروب المباشرة كما حدث في الغزو الأميركي للعراق وأفغانستان أو عبر تسخير وكلاء لها من تنظيمات إرهابية ومرتزقة كما حدث في سورية، أو عبر استخدام التكنولوجيا الحديثة مثل طائرات من دون طيار كما في الصومال واليمن في حين تتناسى منظمات حقوقية ودولية وقوع هذه الجرائم لتبقى في أدراج التاريخ دون حسيب أو رقيب.