( احصلوا على الحرية بأنفسكم ) , ( بوركت امريكا.. بورك العراق الحر.. حرروا العراق) كلمات وكأنها تنزيل ملائكة السماء تنصب من افواه جنود امريكيين يحاربون في العراق لتدفع بالعراقيين المذعورين المختبئين للثورة ضد صدام المخلوع فإذا هم رغم كل البؤس والفقر وكمن صحا من سبات يهللون للجنود الامريكيين ( الفاتحين) وتعلو زغردة النساء . في فيلم ( الملوك الثلاثة) الذي عرض ليل الاربعاء 11 تموز على قناة Dubai one ثمة ما يثير الرعب والدهشة من قدرة الصورة والفن على تسويق الافكار والانطباعات وحشد التعاطف حتى مع الغزاة .. هم جنود ثلاثة في الجيش الامريكي قدمهم الفيلم بصورة انسانية فتعاطفوا مع شعب احدى القرى النائية شمال شرق العراق المذعورين من حكم صدام وصل هؤلاء الجنود بمساعدة العراقيين الى كنز من السبائك الذهبية الكويتية المخبأة فسرقوها لكنهم وزعوا بعضها على المواطنين الذين ساقوهم للهرب الى الحدود الايرانية .
وفي موضع آخر يزجر أمريكي عراقيين عن حمل السلاح ويقول :
( لا تحملوا السلاح! وحدهم الجنود الامريكيون يحملون السلاح)
إذاً يخالف الملوك الثلاثة تعليمات قادتهم ويعرضون أنفسهم للخطر والعقوبة لانقاذ العراقيين وايصالهم الى الحدود الايرانية. وهم يتراكضون نحوها سقطت امرأة على الارض فجاء احدهم وساعدها على النهوض والمضي مجددا ونجحوا في ذلك لانهم اعطوا العراقيين ( عهد الجنود) وفاوضوا امريكيين آخرين وأعطوهم بعض الذهب ليسمحوا لهم بمتابعة مهمة إنقاذ العراقيين وحين دخل آخر عراقي الحدود الايرانية التمعت دمعة في عيني الجندي الامريكي فرحا والاكثر من ذلك أن أحد الجنود وبعد أن أصيب طلب ان يذهب الى أحد المقامات لأنه يشعر بالراحة فيها وبعد ان قضى نحبه حمله الجنود الامريكيون ليذهبوا به الى مقام في مدينة /قم/ الايرانية..
لن يفوت اي مشاهد هذا الضخ العاطفي واستجداء التعاطف ولا كل الرموز والرسائل المغلفة بالحلوى وهي تسوق صورة غاية في الانسانية والالتزام بالعهد بل والايثار لجنود امريكيين في العراق أقول : ربما كان بين آلاف الجنود الامريكيين المقاتلين في العراق من يملك كل تلك المزايا لكن كم عددهم ?
الفيلم قدم صورة ايجابية للامريكي المقاتل وتناسى المجازر الجماعية والاقتتال الطائفي وفضائح التعذيب في السجون والتي كان بطلها جميعا جنوداً امريكيين.
ترى هل يجهل العرب اثر الاعلام وخطره على تكوين القناعات ?
أم أن الجميع ( ينام في العسل) وما همهم طالما ان قنواتنا تربح الملايين من تجارة الفيديو كليب والفن الهابط وتسويق قيم الدعارة بكل أشكالها ! هل تجرأت الرساميل العربية على انتاج فيلم يصور المجازر والتعذيب وكل ما لم يكشف عنه في العراق ? ولماذا ?!
Suzani@ scs- net.org