تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الإسمنت: الطحين الأسود!

خارج السرب
الأحد 15/7/2007
عبد القادر حصرية

أزمة الاسمنت التي تعيشها السوق السورية من حيث توفر المادة وسعرها أعادت الاسمنت إلى واجهة اهتمامات الحكومة وعاد الحديث عن ضرورة توفير حلول لهذه الأزمة.

صحيح أن أزمة الاسمنت تشاركنا فيها حالياً الدول الأخرى في المنطقة, لكن عمر هذه الأزمة في سورية هو عدة عقود فدائماً هناك انتظار لاستلام الكميات ودائماً هناك سعر في السوق السوداء يتجاوز في بعض الأحيان ضعف السعر الرسمي ما يكوي المواطن ويحرم الخزينة العامة من موارد مهمة. وما فتئت أزمات الاسمنت المتتالية تعالج بحلول آنية تنتهي في كثير من الأحيان بزيادة السعر على المستهلك حيث يبلغ طن الاسمنت حالياً بين 6000-6500 ليرة سورية بينما يتجاوز السعر في السوق السوداء ثمانية آلاف ليرة سورية في وقت يتراوح سعر طن الاسمنت في دول الجوار بين ستين وثمانين دولاراً أميركياً, أي ما يعادل 3000 إلى 4000 ليرة سورية. أزمة الاسمنت, الذي يعد حاجة لكل مواطن, حتى سماه البعض الطحين الأسود, هي نتيجة حتمية لثوابت سلسلة التوريد التي وضعتها عقود من الإدارة بطريقة معينة لأسواق المواد الأساسية.‏

تشمل سلسلة التوريد لأي مادة كل الحلقات بدءاً من استخراج المادة الأولية مروراً بتصنيعها وقنوات توزيعها وصولاً إلى يد المستهلك النهائي للمادة.‏

تعاني سلسلة توريد الاسمنت من مشكلات في التصنيع والتوزيع, يتم إنتاج الاسمنت من خليط من مادتين موجودتين بكثرة في بلدنا, وهما الكلس والبازلت, عبر عمليات طحن وشي. لكن لعدة أسباب لم تتم عملية إنشاء أي معمل جديد منذ الثمانينيات من القرن الماضي وتعاني معامل القطاع العام التي تستفيد من دعم الطاقة من نقص في الكفاءة بسبب تخلف التكنولوجيا المستخدمة, والتوسعة الوحيدة في الطاقة الإنتاجية هي تلك التي تجري في معمل حماة والتي تعثرت لعدة سنوات. أما مؤسسة عمران المسؤولة عن التوزيع هي بدورها الحالي من بقايا نظام الحصر والتقيد والتقنين بينما تفرض ضريبة انفاق استهلاكي على الاسمنت قيمتها 1400 ليرة سورية وهو ما يتجاوز 50% من سعر الطن في الدول المجاورة. والنتيجة نزيف في مواردنا من القطع الأجنبي لاستيراد الاسمنت وسعر في السوق السوداء يقترب من ضعفي الأسعار في الأسواق المجاورة. المطلوب اليوم هو استراتيجية متوسطة وطويلة الأمد ترمي إلى إعادة هيكلة سلسلة التوريد وتوفر هذه المادة الحيوية للبناء في الأسواق وتبقي على معامل القطاع العام عبر تجديدها في ظل فورة البناء المتوقعة مع استكمال صدور قوانين الاستثمار العقاري.‏

ليس المطلوب من الحكومة أن تدعم سعر الاسمنت, بل أن تعيد هيكلة سوقه لتجعلها أكثر تنافسية وتجعل صناعته وتوزيعه حرين بالنسبة للقطاعين العام والخاص ما سيجعل سعره موازياً لما هو موجود في الدول الأخرى التي تبنت اقتصاد السوق دون المفهوم الاجتماعي!‏

خبير مالي ومصرفي‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية