فليس المطلوب من المتعلم التهجئة والقراءة السليمة فقط بل فك رموز الخطاب أو النص وذلك تمهيدا لإعادة بنائه أي اختبار قدرته على البناء أو تدريبه على بناء نص جديد من خلال فك وتركيب النص الذي بين يديه.
أي إن هذا الرهان على عملية القراءة بما تتضمنه من فك رموز الخطاب هي المؤسس لعملية بناء الخطاب. وهذا سبب تأكيدنا على أهمية القراءة وجعلها حصة مركزية في منهاج اللغة العربية، دون المساس،طبعا، بوحدة مكوناته وتماسكها وتكاملها.
يلاحظ البعض منا وربما غالبيتنا أثناء الاشراف على كتابة الأبناء لوظيفة التعبير ، أي عند إنتاج نص جديد صعوبة كبيرة بالنسبة إليه كمتعلم، لأن فعل القراءة كان بعيدا عن تفاعلاته وميوله، وهنا تغيب متعة الإدراك وينعدم الفرح بالإنجاز وتبقى المعرفة متعالية في برجها، ويجد المتعلم نفسه دائما في حاجة إلى وسيط للقراءة.
إن القراءة، أي قراءة، لا تكون مجدية وفعالة إلا إذا ارتقت إلى مستوى السلطة النقدية، أي أن تكون في حد ذاتها سلطة نقدية. تمنحها صلاحيات الوصول نحو جوهر النص و تناوله وتفكيكه، وخطط الوصول الى قيمه الجمالية. وكل قراءة مجردة من هذه الصلاحيات لا يمكن أن تكون ذات قيمة أو جدوى. فالقراءة ليست فعلا اعتباطيا ولا يجب أن تكون كذلك، إنما يجدر أن تكون فعلا مشروطا بمجموعة من السياقات والمحددات والمرتكزات التي من دونها لا تنجح مغامرة القراءة، ولعل الجهل بتلك السياقات والمحددات والمرتكزات هو ما يخلق لدى المتعلم مأزق القراءة.