إن الغني هو الغني بنفسه
ولو أنه عاري المناكب حافي
ماكل مافوق البسيطة كافيا
فإذا قنعت فكل شيء كافي
صحيح أن القناعة درجات تختلف من إنسان إلى آخر، وهذا ما سيوضحه استطلاعنا التالي، إلا أن السؤال يبقى هل تتعارض مع الطموح؟.
كنز لا يفنى
ماجد الأحمد (مهندس) المقولة التي نرددها منذ أن كنا صغاراً القناعة كنز لا يفنى، هي حقيقة لو تدبرها الإنسان لوجدها هي الكنز الحقيقي, لأنها الرضا النفسي لما يملك الإنسان سواء أكان ما يملكه قليلا أم كثيرا, فبعض الأشخاص عندهم تصور أن الإنسان القنوع هو الإنسان الذي يملك القليل بينما في الحقيقة حتى الإنسان الذي يملك الكثير إن كان مقتنعا" بما يملك عنده حالة رضى نفسي، والرضا هنا ليس الاقتصار أو الاكتفاء بالشيء وإنما هي حالة نفسية تدفع الإنسان إلى أن يعرف ما يملك وأن يعترف به وأن يسعى لاستغلاله الاستغلال الأمثل، فنجد أن الخطأ الذي يرتكبه الناس أنهم يركزون على ما لا يملكون وينسون ما يملكون، ولو عرفوا حقا قيمة الذي يملكونه وقيمة الذي بين أيديهم لأبدعوا في استغلاله ولتغيرت أحوالهم إلى الأفضل.
عماد الزعبي (سنة ثانية أدب عربي) القناعة كنز لا يفنى هي حقا كذلك ولكن بمضمون وجوهر مختلف لأن القنوع يظل على حاله طيلة حياته فمن الطبيعي أن تكون كنزا في تلك الحالة لأن الإنسان ترك كل الفرص للآخرين ولم يسمح لنفسه بأن يعطيها حقها من النجاح أو الفشل، وفي الواقع نجد كثيرين من الناس لا يفكرون حتى في طرق الأبواب المغلقة، فالتفكير بما يجب أن يحصلوا عليه من علم ومال وتحسين مستوى معيشي لن يأتي ليطرق الباب أو يقدم على طبق من ذهب أو حتى بلاستك.
القناعة قد تكون قاتلة
وتضيف السيدة شيرين لبابيدي (ربة منزل) من الواضح أن البهجة نفسها اختفت من حياة الناس وضاع معها القليل والكثير، ففرحة الناس كلها أصبحت بالمال وما بقي من الدنيا كله يدعو للحزن ,فهناك بشر يعيشون اليوم في نعم وخير لا يحصى مقابل ذلك لايشكرون ولاحتى يحمدون بل لا يعبرون عن ذلك بكلمة رضا واحدة ,بالإضافة إلى ذلك يطلبون المزيد ويظنون دائما أنهم لا يملكون شيئا ولا يعيشون السعادة المطلوبة التي يحلمون بها. وهؤلاء هم أكثر الناس حرمانا من نعمة سعادة لا يحلم بها غيرهم، وأكثر البشر شكوى من نقص هنا وهناك والأكثر تذمرا واحتياجا إلى المزيد والمزيد.
أما السيد أيمن الشهابي (مدرس فلسفة) القناعة قد تقتل الإنسان أحيانا عندما تكون ناتجة عن إيمانه بعجزه وضعفه وقلة حيلته وتصبح المحاولة لديه حلما مستحيلاً إذ يخيل إليه أن الوصول إلى المحاولة من جديد تشبه تماما حلماً بالوصول للقمر والإمساك بالنجوم، فكم من الناس لا يفكر حتى في التقدم بمجال عمله ضارباً عرض الحائط بتطوير مهاراته وصقل مواهبه فلا يحاول التغيير من مستواه للأفضل.
كنز أم نوع من الاستسلام
ويؤكد السيد بلال جمعه (موظف) أن القناعة والطموح خطان متوازيان لايتقاطعان , لكن أن نرضى بما لدينا دون التطلع للأفضل هذا هو الاستسلام , أما أن نطمح ونكافح ثم نرضى بما قسمه الله لنا فهذه هي القناعة , بمعنى أن القناعة هي رضا بالأمور التي هي خارجة عن إرادتنا مثلا كرضى الشخص بشكله أو بوضعه الاجتماعي كأن يكون نشأ في أسرة فقيرة أو متوسطة الحال فهذا كله من الأمور المسلمة التي لانقدر أن نغير فيها شيئا", فهذا لا يلغي أبدا أن يكون الشخص منا طموحا وصاحب أهداف وأحلام تستحق التجربة والمخاطرة ,فالطموح هو خصلة مختلفة عن القناعة وهما إن اجتمعا في شخص لابد أن يكون إنسانا متميزا ونافعا للأمة والمجتمع وهذا ما نحن بحاجة ماسة إليه وبالذات في زمننا هذا.
فلنبتســم ونحلق عاليا, فالحياة حلوة لديها جوانب وجدران كثيرة لا تعد ولا تحصى ,والحياة بمفهومها العميق تعني باختصار شديد أياماً من العسل وأخرى من البصل ,ودوائر سوداء وأخرى بيضاء ,ولكن تنقصنا العصفورة التي تحلق بنا إلى سماء الفرح والسرور لتشكل لنا جملة الحياة الحلوة.