فالعراق آيل إلى المزيد من الكوارث في وضعه اللامتوازن ومن واجب العرب أن يكونوا حاضرين فيه بكل ثقلهم كي يعيدوا إليه ذاك التوازن المفقود ويضمن للعراق حماية استقلاله ووحدته أرضاً وشعباً ولاسيما وأن الاحتلال الامريكي بات جهراً وعلناً يخطط للبقاء فيه إلى أجل غير مسمى وهو الذي يطمح لإقامة القواعد العسكرية الدائمة فيه من أجل ضمان السيطرة على ثروته النفطية وجعله في دوامة من الضياع كي لا يستعيد قوته وما يشكله من عامل اسناد جوهري في دعم القضايا العربية ولاسيما منها الصراع العربي الصهيوني.
وكذلك فلسطين وما يواجهه شعبها ومستقبلها من فصول مأساوية لتصفية هذه القضية وإنكار لحق شعب في استرجاع أراضيه وحق عودته إلى وطنه السليب هي أيضاً في قلب المؤامرة التي لا تزال تنفذ فصولها على مرأى ومسمع هذا العالم المتحضر بأنانيته وارهابه وعدوانيته وهو يصفق لما يجري ويقدم التهاني تلو التهاني كي تزداد الصورة خبثاً ومكراً ولاسيما بعدما أخفقت جميع الوعود والاتفاقيات والمعاهدات لإقامة الدويلة الفلسطينية الموعودة منذ عقدين من الزمن.
إن المأساة التي تمر بها القضية الفلسطينية وسط مباركة غربية ودعم أمريكي لا محدود وتنام عربي لا حول ولاقوة له إلا بالتباكي تارة وبالتبرير تارة أخرى يستدعي أيضاً من أمة العرب أن تنفض عنها غبار الذل.كما أن لبنان هو الآخر بحاجة لدعم عربي حقيقي يعيد إليه وضعه الطبيعي في أن يكون عنصراً فاعلاً في الجسم العربي لا عالة وموطناً للتآمر عليه كما يريده أصحاب المشروع الأمروصهيوني وكلما اقتربنا من النجاح في جعل لبنان موطناً لأحرار وشرفاء الكلمة والمسؤولية نجحنا في إبعاده عن الخطر الذي تتقاذفه أمواج المد الامريكي الصهيوني ليكون عبئاً وخنجراً مسموماً جديداً في جسد الأمة يضاف إلى الخنجر الصهيوني المسموم في ذاك الجسد.
نعم إن قضايا الأمة وما أكثرها الشديدة القسوة لم تعد بحاجة لأيِّ انتظار أو تردد أو محاباة من قبل أي طرفٍ عربي بل هي تستدعي استنفاراً عربياً سريعاً لمواجهتها بروح المسؤولية العربية الجماعية ولنا في قمة دمشق الفرصة المؤاتية لاتخاذ المواقف المسؤولة وما يدعو للفخر والاعتزاز أن نرى الأشقاء العرب وهم يتقاطرون إلى دمشق العروبة والمقاومة والوفاء للوقوف معاً في رحابها الطاهر كي نتلمّس الطريق الصحيح الذي يعيدنا إلى جادة الصواب ولا سيما أن الأعداء مازالوا على صهوة جيادهم متحفزين للوثوب علينا جميعاً دون استثناء للانقضاض دون تمييز ودون استثناء أحد من أرض العرب. ولكي يعلنوا شرف تحملهم الأمانة بمسؤولية وجدارة وشجاعة ليعيدوا لهذه الأمة مجدها الغابر وألقها المتجدد.
أيام قليلة وتفصلنا عن قمة دمشق, هذه القلعة الشامخة التي هي أشد تصميماً وعزماً على أن يكون أهل البيت العربي الواحد فيها محلاً رحباً ومرحّباً, فيما الجماهير العربية من المحيط إلى الخليج تتطلع بترقب وانتظار إليها وعما عنها لبناء مستقبل مشرق مزدهر لهذه الأمة