اذا كانت ردة الفعل (الإسرائيلية) ضد ما يسمى (صواريخ حماس) قد أثارت حفيظة الكثيرين فذلك ليس فقط لأنها ذكرتنا بالأساليب التي استخدمت دون فائدة ضد حزب الله اللبناني منذ عامين بل لأنها أيضا أفقدت الأميركيين على وجه الخصوص المفاوض الوحيد وموضع ثقة الجميع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس.
يقول دانييل: إنه بالرغم من رغبته عدم الكلام ثانية عن الصراع (الإسرائيلي)- الفلسطيني كي لا يجرح بعض الأصدقاء عندما يدلي برأيه لكن الأحداث فرضت عليه أن لا يبقى صامتاً ووجد أنه من واجبه على الأقل التعليق على نصين تم نشرهما..
الأول: نشرته صحيفة هاآرتس (الإسرائيلية) وفيه تعبير عن آراء الصحفيين الذين يعيشون في أرض المعركة ويعرفون تماماً عما يتحدثون وبشكل أفضل من المثقفين الذين يجلسون في مقاهي إيطاليا وفرنسا وانكلترا والمتهمين أنهم من اليسار المتطرف ومؤيدين للقضية الفلسطينية, هؤلاء العاملون في هاآرتس الذين يخافون على اطفالهم ويحبون بلادهم كثيراً توصلوا إلى النتيجة الواضحة بأن القوات (الإسرائيلية) قتلت من الفلسطينيين خلال يومين أضعاف ما قتلته الصواريخ الفلسطينية من (الإسرائيليين) خلال شهور كثيرة ولم تدخر في هجومها على المدنيين لا الأطفال ولا النساء هذا هو النص الأول الذي يتحدث عن العقاب الجماعي وغياب التكافؤ في القوى بين حماس و(إسرائيل), وفي الحديث عن النتائج يظل السؤال ما ذنب الأطفال الذين قتلوا? أم كما يقول المثل:( الآباء يأكلون الحصرم والأبناء يضرسون) أي إن أبناء فلسطين هم الضحية.
أما النص الثاني: فقد صدر عن المجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية في فرنسا (CRIF) والذي أيد دون تحفظ الحكومة (الإسرائيلية) بحجة أنها تقوم بواجبها لحماية مدنييها, فبدلاً من أن تكون هذه المؤسسة التي تدعي الإنسانية متضامنة مع الأطفال الضحية في هذه المأساة تقف إلى جانب حكومة يعارضها معظم الكتاب (الإسرائيليين) والمثقفين.
يقول دانييل: أعلن صراحة أني لا أشعر بأن هذا المجلس يمثلني وأتمنى من جميع الشخصيات اليهودية في فرنسا ألا تعترف بالإعلان الذي صدر عنه وعلينا أن نقول إننا إلى جانب الصحفيين في هاآرتس وما توصلوا اليه إلى جانب الكتّاب (الإسرائيليين) الذين يعارضون ذلك ولا نؤيد رجال السياسة والجنرالات الذين فقدوا أنفسهم من أجل أن يكسبوا أصوات المنادين بالأرض الموعودة, ويقول: إن الذين يقومون بضرب الفلسطينيين في غزة ويتحملون مسؤولية القمع الجماعي يعيشون دوماً الأوهام ذاتها رغم الدروس التي تلقوها في لبنان والعراق ومازالوا يعتقدون أن لديهم القدرة على تنفيذ مشروعهم بقوة السلاح, هذا المنطق يقتضي البقاء على استراتيجية موازين القوى في الوقت الذي لم يعد هناك من يعتقد بأن الحل العسكري هو الحل المناسب للصراع, فالحل السياسي موجود ويتطلب أن نعلن وعلى الملأ ضرورة تجميد المستوطنات التي كانت منذ عام ,1967 السبب الأساسي في احتدام الصراع كما يجب أن ننادي بضرورة إطلاق سراح آلاف السجناء القابعين في السجون (الإسرائيلية), وأن ندعو الأوروبيين إلى استثمار المليارات التي وافقوا على منحها في مؤتمر باريس 2007 في الضفة الغربية.
أما جورج بوش الذي وعد بولادة دولة فلسطينية قبل نهاية ولايته هل يعتقد أنه قادر على ذلك? هل يستطيع أن يدفع (بإسرائيل) نحو مشروع السلام, توني بلير يؤكد أن البلد الوحيد الذي مازال يتمتع فيه بوش بشعبيته هو (إسرائيل), وربما حصل الأميركيون على وعد من (الإسرائيليين) بانسحابهم من غزة لكن حتى الآن لا يلوح في الأفق ما يذكر بالموقف الذي اتخذه جيمس بيكر وزير خارجية بوش الأب والذي هدد فيه رئيس وزراء (إسرائيل) حينئذ اسحق شامير بقطع الإمدادات عنه إن استمر في موقفه المعارض لمؤتمر مدريد عام ,1990 وينهي جان دانييل مقاله بالقول:إن السلطة الفلسطينية الحالية في موقف لا تحسد عليه وإن قرار تعليق المفاوضات أمر لابد منه كي لا تخسر ثقة شعبها وكي لا تصبح عاجزة عن لعب دورها المنتظر.