|
حديث المدينة... أن تسمع بمفيد فوزي خير من أن تراه! فضائيات ومؤخراً تابعت البرنامج لأكثر من حلقة, حيث تبثه قناة مصر الأولى ويحمل العنوان القديم ذاته (حديث المدينة). يقوم البرنامج على خلطة, لو شاهدنا مثيلها على التلفزيون السوري, لظننا بأن معدّه قد دخل التلفزيون بالواسطة ومن الأبواب السرية. أما طريقة التقديم وإعداد الحوارات فهي ليست سوى تبجحات تصيب المستمع بالأذى النفسي. يضم البرنامج مجموعة من التقارير والريبورتاجات والحوارات لا يجمعها إلا كونها خطرت على بال رجل تأخر قليلاً عن جلسة شيشة. رجل يسير رغماً عنه إلى عقده السابع, ويتصرف كأنه مقيم في العقد الثاني من عمره, فيضع الشعر المستعار والمصبوغ بطريقة بدائية, يرتدي الألوان الذهبية والحارة, يجلس بعجرفة واضحة, يتصرف كأنه مراهق يبحث عن نصر معركة ليرويها لأصدقاء الرصيف. فقرات البرنامج مفتوحة إلى درجة يمكن أن تجمع بين ريبورتاج عن لاعب كرة قدم, وحوار مع كاتب مسرحي, تقرير عن عبارات النيل المستهلكة وحوار مع هند صبري. تقرير عن شرطي مرور بلا مبرر إلى جوار ريبورتاج مع الفنانة نورا. وحين لا يجد ما يتحدث عنه يقف في مكان ما, ردهة بانسيون مثلاً, ويبدأ الحديث عن (لا موضوع). ما يجعلنا نطلق على هذه الخلطة المثل المصري (سمك لبن تمر هندي). أما أسلوب تقديم التقارير وصياغة الأسئلة, فتنم عن رجل يظن أن التلفزيون لم يتطور إلا لبث برنامجه, ففي حوار مع الفنانة نورا استخدم العبارات التالية: ( قال لي توفيق الحكيم, قالت لي هدى سلطان, قال لي عبد الحليم حافظ ونحن نشرب السحلب, قالت لي سعاد حسني عندما دعتني إلى بيتها في الإسكندرية...). أما إذا ما التقى بشخص عادي من (الغلابة) فتأخذ أسئلته طابعاً استفزازياً, لدرجة أن يتورط عامل بسيط في عبارات النيل مع إدارة النقل, أو أن يتهجم على موظف لأنه تحدث بصفة رسمية بينما ظل يلح عليه أن يتحدث بصفة شخصية. الأنكى من ذلك أنه إذا كان هناك موعد لبدء البرنامج, فمن الصعب أن تعرف متى ينتهي, فلا ضابط لأي شيء, حوار مع فنانة سينمائية يمكن أن يكون لربع ساعة بينما دردشة مع سائق يمكن أن تستمر لأربعين دقيقة. أتوقع أن هذا البرنامج مستمر بحكم شراسة لسان معده ومقدمه الشهيرة, حيث يهابه الجميع, لهذا نشكر الله أننا لسنا في القاهرة, وأنه إلى الآن لا يوجد من يريد التشبه به. وما نتمناه حقاً ألا يشاهده معدو ومقدمو البرامج في التلفزيون السوري كي لا يتشبهون به, فنترحم على الأصل.
|