واللافت للانتباه أن تلك المخابر انتشرت بشكل واسع في العديد من الأحياء وضواحي دمشق, ما يجعلنا نتساءل عن الأسباب التي تجعل الأهل يسجلون أولادهم وماذا تركوا للصفوف والمراحل المتقدمة?
- في لقاءاتنا التالية مع الأهالي والمختصين حاولنا عرض الأسباب والآثار ورأي الوزارة في تلك الظاهرة.
اتكالية
المحامية هيفاء حبيب تحدثت عن صعوبة المرحلة التي يعيشها الطلاب وأشارت إلى أن تعليم الطالب أصبح يأخذ وقتا طويلا والسبب وجود كل المغريات والأسباب التي تجعله بعيدا عن التفكير بالدرس وبسبب عدم وجود الحافز والدافع من أجل ذلك وقالت: إننا نلقم الطفل المعلومة (لقمة لقمة) منذ بداية حياته الدراسية وحتى نهايتها لأنه تعود على ذلك ولم يعد يعتمد على نفسه بشيء وتعوده على الأستاذ في متابعة دروسه ووظائفه سواء في البيت أو في معهد خاص يجعله اتكاليا وستموت لديه (ملكة البحث) وحب التجربة والقراءة, وهذا بحد ذاته مشكلة كبيرة لأنها ستؤثر على شخصيته ونموه وبالتالي على سلوكه ومستقبله لاحقا.. وللأسف نجد الأهل لهم دور كبير في نشر تلك الثقافة ولا بد من التنبه لذلك.
صعوبة المنهاج
أما رأي الأهالي الذين يستعينون بتلك المعاهد يقولون إن السبب الذي جعلهم يفكرون بذلك صعوبة المنهاج وكثافته وعدم قدرتهم على متابعتهم اليومية لهم, وتقول إحدى الأمهات: إنها تعاني من تعليم ابنها وهو في الصف الخامس وتجد صعوبة في حل بعض المسائل العلمية وعندما سمعت بوجود معهد يقوم بتلك المهمة قريب من بيتها لم تتأخر في تسجيل ابنها فيه حيث يذهب إليه بعد الغداء حتى المساء.
حتى طلاب الخاصة
وعند سؤالنا بعض الأهالي وجدنا أن التسجيل في تلك المعاهد ليس محصورا بطلاب المدارس العامة بل وطلاب المدارس الخاصة يذهبون إليها ليمضوا بقية يومهم فيها يكتبون واجباتهم ويحفظون دروسهم.
الدكتورة رانيا قالت: من الصعب على الطفل قضاء يومه بأكمله متنقلا بين المقاعد المدرسية ومقاعد المعهد الخاص, فهذا بحد ذاته شيء غير صحي لينمو نموا طبيعيا وسليما, فالطفل بحاجة للهو والحركة حتى أثناء دراسته, فكيف في بقية النهار فلن يتسنى له الحركة لأنه سيبقى محصورا في المقعد هذا إضافة لشعوره بالملل والضجر.
غياب الأهل
السيدة أم سليمان قالت إنها اضطرت لتسجيل ابنها في المعهد لأنها غير قادرة على متابعته يوميا لغيابها الطويل عن المنزل إضافة لزوجها الذي يعمل طبيبا ونادرا ما يتواجد فيه وابنها في الصف السادس وبحاجة لمن يساعده في كتابة وظائفه الكثيفة.
برستيج
وأصبح التباهي بذهاب الأولاد إلى المعاهد الخاصة, أو بوجود أستاذ خصوصي ينتظرهم في المنزل أمرا طبيعيا لدى بعض السيدات بل صار موضة ونوعا من البرستيج لدى البعض وقال عبد الله (موظف): إن بعض السيدات ليس لديهن الوقت الكافي لمتابعة وظائف أولادهن فوقتهن موزع بين الزيارات والاستقبالات والذهاب إلى المطاعم والأسواق.. وغيره, ما يجعل الطالب وحيدا قد يقضي وقته بمتابعة التلفاز أو اللعب على الكمبيوتر والأتاري لذلك يفضلن تسجيله فيها ولتتابعه المعلمة المختصة بذلك, وتكون مطمئنة على دراسته أكثر من بقائه في البيت لوحده.
أسباب
تشير الموجهة سبيت سليمان إلى ضرورة بذل الجهود الكبيرة سواء من التربية أو المدرسة أو الأسرة لوضع حد لتلك الدروس التي باتت ظاهرة ملموسة والتي قالت: إنه لا بد من الحديث عن الأسباب التي ساعدت لظهورها وهي الازدحام الموجود في الصفوف من ناحية وعدم تقيد المدرسة بقبول معلمين غير معدين اعدادا علميا من ناحية أخرى, إضافة إلى المدة الزمنية للحصة الدرسية والتي تقدر بخمس وأربعين دقيقة وبوجود أكثر من 40 طالبا ما يجعل لقاء الطالب مع المعلم لا يتجاوز نصف دقيقة أو أكثر خلالها وهذا ينطبق على المدارس الخاصة والعامة, أضف إلى السلوكيات السلبية التي يتمتع بها بعض الطلاب وعدم اهتمامهم بالمتابعة مع المعلم ,والأمر الهام الذي لا بد من بحثه وأخذه بعين الاعتبار موضوع الفروق الفردية ووضع الأسرة ومستوى تعليمها الثقافي والمهني.
كل تلك العوامل تلعب دورا في الاعتماد على الدروس التعليمية في المراحل الابتدائية وعدم متابعة المدرس في الصف وهناك أسباب تتعلق بالمدرس منها عدم توفر الكفاءة لدى بعض المدرسين وعدم التزام البعض منهم بواجبهم المهني والمعاناة التي يعاني منها لزيادة دخله وعدم تقيدهم بالأنظمة التعليمية, فمن الملاحظ أن الأطفال في المرحلة الابتدائىة لا يوجد لديهم معرفة بالطرق التي يجب اتباعها في تحضير الدروس كواجب منزلي بشكل مسبق واعتماد استراتيجية توعوية للطالب من قبل مدرسي أسرته في سد الفجوة مابينه وبين كتابه فنلاحظ كثيرا من الطلبة مازال لديه حذف من الكتاب وحجم معلوماته المجردة التي تقف حاجزا بينه وبينها.
اللامبالاة
وتضيف أ. سليمان: إن اعتماد الطفل على تلك المعاهد في حل الوظائف والحفظ فسوف تعلمه الاتكالية واللامبالاة والاستهزاء بالمدرسة والمعلم وإثارة الشغب في الصف والتململ من الحصة الدرسية, ونجد ظاهرة الابتزاز ولا سيما إذا كان المعلم هو نفسه من يقوم بتدريس الطالب في المدرسة وفي المنزل, وثمة إيجابيات لا بد من ذكرها وهي الفروق الفردية لدى لطلبة من حيث مستوى الذكاء التي تعمل على سد الفجوة العلمية لدى الطالب مقارنة بزملائه وهذا مبرر للطالب على ألا يتكل على المعلم في كتابة الوظائف.
رأي الوزارة
أجابنا الأستاذ محمد غيث شيكاغي على تساؤلاتنا حول دور الوزارة في الإشراف على تلك المخابر والتي تعرف بين العامة بالمعاهد وعن الهدف الأساسي من وجودها قائلا:
إن الهدف من تلك المعاهد هو زيادة معلومات الطالب في المجالات اللغوية حصرا, ولكن نتيجة ضغط الأهالي على ضرورة الدروس الخصوصية وللتخفيف من الأعباء المادية التي تكلف الأسر في حال كانت تلك الدروس في المنزل, سمحت وزارة التربية بتعليماتها التنفيذية للمرسوم التشريعي 55 لعام 2004 لإجراء دورات تعليمية لطلبة الشهادات حصرا (الأساسية والثانوية) بكافة المواد على ألا تزيد مدة الدراسة فيها عن 6 أشهر للمواد العلمية, أما في المواد اللغوية فهذه المخابر تعتمد سلاسل أو كتب المنهاج الرسمي لتقوية الطلاب فيها والاستعانة بكافة الوسائل الحديثة للتواصل في تطوير اللغات.
بعض المخابر اللغوية استغلت ظروف بعض المدارس الرسمية والخاصة وصفوف الطلبة في بعض المواد وقامت بافتتاح شعب صفية لطلبة مرحلة التعليم الأساسي الصفوف الأولى والصفوف الانتقالية لمرحلة التعليم الثانوي للقيام بحل الواجبات المدرسية ,ولكافة المواد خلافا للأسس الناظمة لعمل المخابر اللغوية والأسس التي افتتحت لأجلها وهذا مخالف للقانون.
والوزارة بصدد متابعة هذه الظاهرة منعا للاستغلال أو العمل على إيقافها وفقا للقوانين النافذة ومنها الاغلاق للشعب المفتوحة خلافا للترخيص الممنوح وأىضا عقوبات التعويض مقابل الضرر, ويحرم صاحب المخبر من الاستفادة من هذه الدورات.