فالموهوبون منذ صغرهم يدلون على أنفسهم بحيويتهم وتفردهم وكذلك بتميزهم على أقرانهم سواء في البيت أو الحي أو المدرسة ولقد خصصت الدول مدارس خاصة للمتميزين تهدف إلى الكشف عن تلك الطاقات والمواهب لدى الإنسان عندما يكون في سن مبكرة لرعاية تلك المواهب وتنميتها باتجاه النضج الصحيح والعطاء الأكمل لذلك نرى أيضاً اهتماماً خاصاً من المؤسسات والهيئات المعنية بالإبداع والابتكار لما ينتجه أولئك الموهوبون من نتاج جديد وابتكار جديد ولعل وجود مؤسسة تعنى بشؤون الابتكار والاختراع والإبداع تحت مسمى حماية الملكية الفكرية دليل على أن هناك حرصاً على حماية الطاقات المبدعة في أوطانها على المستوى المحلي وكذلك على المستوى العالمي حيث قامت معظم دول العالم بوضع الأنظمة والقوانين والتشريعات الكفيلة بحماية الإبداع والمبدعين من الاختلاس والمبدع أياً وجد لابد أن يعاين الواقع ثم ينطلق من ذلك الواقع لرؤية مستقبلية صالحة فتأتي ثمرات النتاج العلمي والأدبي والفني جراء تجارب ومعاينات دقيقة لما يدور حوله من أحداث ومن مشكلات ورؤى.
ولقد أكد جميع الباحثين في حقول العلم والمعرفة على أن التجربة الحياتية للمبدع تؤثر تأثيراً واضحاً على مجمل إبداعه وتلعب الخلفية الثقافية والموهبة والجهد والقدرة على تخطي ما هو كائن إلى ما ينبغي أن يكون على صعيد الواقع دوراً هاماً في الوقوف على الإبداع ولا بد من الإشارة إلى أن أي تجربة إبداعية مميزة لابد أن تنعكس على مرآتها بشكل أو بآخر ثقافة المبدع وطريقة تفكيره وموقفه من الإنسان وفلسفته الخاصة بالحياة لذلك فقد كان اتساع هامش الطريقة الخاصة بكل مبدع في التعبير عن أفكاره وآرائه ضرورة لفهم سر الأشياء بعواطفه وبعقله وإبداعه وأي مصادرة لهذه الطريقة أو تلك يحول دون استفادة المجتمع من طاقاته الإبداعية التي لا ينبغي أن يحدها سوى شرط الإبداع .
والمبدع الحق لا يستطيع أن يعيش خارج دائرة التأثر والتأثير وهو الذي ينشد الحقيقة والموضوعية والصدق في إبداعه وليس الانحياز والتلفيق وهما طريقان مختلفان ومتناقضان ولكن هذا لا يمنع الاعتراف بحقيقة الاختلاف بين المبدعين الحقيقيين أنفسهم فاختلاف الرأي لا يفسد للحقيقة قضية .
ومن المفترض أن يعبر المبدعون عن آرائهم وأفكارهم بصراحة كي يشكلوا المنارة التي تجعل المتلقي يحترم المنتج الإبداعي ويتعامل مع المبدعين بوقار فهل يا ترى يدرك المبدعون مواقعهم وأدوارهم في هذا العالم فينطقون بالحق مهما كان ثمن ذلك لأن الإبداع الحق يعني إضافة حقيقية على دروب الابتكار والإبداع وهذا يعني الإشراق والتألق الموجه بالاتجاه الصحيح وقد ذهب عدد غير قليل من علماء النفس والتربية والانتروبولوجيا إلى أن التوهج الإبداعي يتفاوت بالعمل الإبداعي الواحد وكذلك يتفاوت من عمل إبداعي إلى آخر ومما لا شك فيه بأن بلدنا الحبيب أنجب عدداً كبيراً من المبدعين سواء على الصعيد العلمي أو الأدبي ورفدوا العالمين العربي والعالمي بكثير من العلوم والفنون ونحن نعول على مبدعينا الشباب المزيد من البحث والتنقيب على دروب الإبداع