مررتَ دون إذني.. وسترحل دون رضاي.
عشرة العمر هانت.. واقتسام الهموم تجاهلت.. فأين الوداع؟
سجنتني خلف قضبان السنين، والزمن السجان.
أيها الثلاثون! ذاهب إلى غير رجعة! بيديك مفتاح الزمان.. وقد تركتني بين الأيام
شبابي يتسرب بين مسامات الزمن.. وصباي في ضياع.
أيها الثلاثون! أين العمر الماضي؟ أين خبأت صباي؟ هلا جلسنا نتعاتب؟
عشتُ بك، وعشت فيّ.. وبيننا خبز ودمع.. فلتبقى نتسامر.
عشاء على طاولة عمري؛ العشاء الأخير قبل الصلب على محرقة العمر
هنا شموع تذوب.. ونبيذ من خمرة قصصي وأيامي، وبعض من أطباق
أحلامي..
اليوم فقط لأجلك.. يا أيها الثلاثون!
أيها الثلاثون لما العجلة؟ ما زال القمر خلف مسرح السماء يتهيأ ولم نبدأ نخبنا بعد..
يا ثلاثون الصبا: هل خسرتُ أنا عمراً.. أم ربحتُ زمناً؟
قبلاً كنت حلماً تأتي مع كل زلة فأرمي أخطائي عليك.. وفي زوايا مراهقتي
أقترف الخطايا وأستنجد بك لتعقّلني..
والآن أنت ههنا، لم تزد من عقلي إلا جنوناً.. ومن نضجي طفولة.
أيها الثلاثون! ها قد جئت؛ محملاً بخطايا الماضي وعبق الانتظار.
ناديتك في زمن أسبق لتعينني في طفولتي.. لكنك أصمّ
وعندنا أتيتَ، أوصدتُ أبواب حياتي وأزماني، ولكن عبثاً، فلديك كل المفاتيح.
خشيت اقترابك.. وها أنا أركض هاربة في صحراء العمر، بعدما تساقطت زهور الصبا ولا من ساقٍ.
عشنا جنوناً، مراهقة، وأحلاماً. وتاريخنا المليء بالخسارات واحد.. هلا جلسنا نتقاسم الغنائم؟
يا صديق كل ثانية! أتيتَ مرة ولن تعود.. فهلا أعطيتني قبل الوداع الأخيرة؟
باغتني قدومك ورحيلك.. ودقات قلبي خائفة حائرة ويداي ترتجفان..
تشبثت وغرزت مخالب أمنياتي بك.. فأدماني التعلق.. لكن قسوة عينيك وشغفك بالرحيل تركاني في خوف من الوحدة.
أيها الثلاثون! أنت ذاهب لتسقي من عمر روح أخرى، بعدما تطفلت على عمري ثلاثة عقود.. وامتصصت شبابي.
أما أنا؛ فلا بد أن أنتظر عمراً جديداً أشيب، يوصلني إلى نهاية المطاف
عمراً حكيماً زاهداً يقلني القطار إلى محطة أخيرة؛ لا وداع فيها.. ولا وحدة ولا حتى رشفة حزن، بل ليس إلا راحة أبدية.