يلقى معارضة قوية من جانب روسيا والصين وغالبية الشعوب الأوروبية لقناعتها بأن هذا الدرع من شأنه الإخلال بالتوازن الاستراتيجي العالمي وعرقلة الجهود الدولية للحد من التسلح والانتشار النووي ووضع العالم من جديد على حافة الهاوية.
الولايات المتحدة الأميركية نجحت سابقاً في توقيع ثلاث اتفاقيات عسكرية استراتيجية مع اليابان وكوريا الجنوبية وألمانيا ولها قواعد عسكرية في بعض دول الشرق الأوسط,وفي وسط آسيا توجد قواعد أميركية في قندهار وفوست ومزار شريف وغيرها من مناطق افغانستان وفي جورجيا نذكر بعض القواعد منها فازياني وخرجستان وماناس وطاجكستان وأوزبكستان وفانرباد, كما أن هناك قواعد في أوروبا مثل قاعدة بويدير وكرزيستي الجوية في بولندا ومرفأ البحر الأسود في رومانيا ومطار سارا فوفو العسكري في بلغاريا وغيرها من القواعد التي تغطي الأراضي الأوروبية بالكامل وتسعى من جديد للتمدد في بقية أنحاء العالم حيث تحاول تركيب رادار حديث للغاية في تشيكيا وبطارية لصواريخ اعتراضية متطورة في بولندا وصواريخ أخرى في ليتوانيا بحجة حماية هذه الدول من الهجمات النووية, كل ذلك وسط تساؤل مواطني هذه الدول عن جدوى مثل هذا الإجراء والأسباب الحقيقية لإقامة هذا المشروع ولاسيما أن معاهدة الحد من الأسلحة البالستية ABM تحظر إيجاد مثل هذه الأنظمة الدفاعية »كنظام الدرع الصاروخي الأميركي المضاد للصواريخ« والمبنية أساساً على إيجاد شبكات حماية مكونة من أنظمة صواريخ أرضية تستند إلى نقاط ارتكاز جغرافية قادرة على إسقاط أي صاروخ بالستي عابر للقارات, هذا التمدد الأميركي في أنحاء العالم أثار تخوفاً من قبل روسيا والصين اللتين عبرتا عن ذلك في بيان مشترك للرئيس الروسي ديمتري مدفيديف ونظيره الصيني هوجينتاو اللذين أظهرا قلقهما حيال الدرع الصاروخي الأميركي واعتبرا أنه يحول دون تعزيز الثقة بين الدول وتحقيق الاستقرار الاقليمي .
كما أن شركاء المستشارة الألمانية إنجيلا ميركل في الائتلاف الحاكم انتقدوا بشدة خطط الولايات المتحدة لوضع أجزاء في الدرع الصاروخي في وسط أوروبا قائلين: إن المشروع قد يؤدي إلى سباق جديد للتسلح ويعيد للأذهان فترة الحرب الباردة, وفي نفس الوقت حذر وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير واشنطن في مقال بصحيفة »فرانكفورتر الغمانية تسايتونغ« نشر مؤخراً من محاولة تقسيم أوروبا إلى قديم وجديد . وكانت ردود الفعل الأعنف على نشر الدرع الصاروخي الأميركي, هي تلك التي صدرت عن موسكو لما يبدو بأنه يشكل خطراً محدقاً يطوقها ويحصرها في زاوية ميتة, ما يؤدي إلى شل حركتها وتقويضها لتمسي بمرور الوقت دولة ضعيفة بمستوى الدول النامية فكان قرار الرئيس الروسي السابق فلاديمير بوتين تجميد التزام بلاده بالمعاهدة الأوروبية للرقابة على التسلح ولم يخف الرئيس مدفيديف قلقه في قمة الثمانية التي عقدت في اليابان في السابع من الشهر الجاري تموز 2008 من نشر الدرع الصاروخي بل إن موسكو عرضت مؤخراً أول قاذفة نووية استراتيجية متطورة طراز توبوليف 160 ,حيث قال مسؤول سلاح الجو الروسي إنها ستساعد على مواكبه القدرات النووية لعدو البلاد المحتمل , كما أن التقارير تقول إن الطائرة النووية الاستراتيجية والتي سرعتها أسرع من الصوت إلى جانب الطائرة العملاقة توبوليف 95 قامتا بدوريات على مدار الساعة في شتى أنحاء العالم وخصوصاً على حدود الدول المتحالفة مع الولايات المتحدة اعتباراً من العام الماضي وذلك في خطوة لعرض القوة وتوجيه رسالة قوية إلى الولايات المتحدة الأميركية.
إن سعي الولايات المتحدة الأميركية للانفراد بشؤون العالم من خلال الاستعانة بقوات الناتو ومشروع الدرع الصاروخي وما يقابله من توجس من قبل روسيا التي بدأت بتحريك قواتها والاتجاه نحو بناء ترسانة عسكرية جديدة تريد من خلالها إعادة التوازن المفقود بينها وبين واشنطن ,كل ذلك يعيد للأذهان أجواء الحرب الباردة,الأمر الذي يصعد من توتر الأوضاع في أصقاع العالم ويزيد من مخاطر الحروب والكوارث ويضع العالم الذي يشهد الآن شحاً في الغذاء وارتفاعاً بالأسعار ونضوباً بموارد الطاقة على فوهة بركان وهي المرحلة التي تسبق المرحلة الأخيرة التي تخطط لها امبراطورية إثارة الفتن والنزاعات والفوضى الخلاقة.