والشكل الذي ينظر اليها هنا? فقد حصلت لنا مؤخرا أمور طيبة. توصلنا الى اتفاق مع حزب الله على إعادة الجنديين المخطوفين, بثمن بخس نسبيا, كان بوسعنا أن ندفعه حتى بدون حرب لبنان الثانية. توصلنا الى اتفاق تهدئة مع حماس في غزة, وان كان لا ينفذ كما ينبغي بعد, ولكنه كفيل بان يضمن لنا فترة طويلة من السكينة في الجنوب.
ونحن قريبون, على ما يبدو, من اتفاق لإعادة جلعاد شليت أيضا. ظاهرا, كان يتعين علينا إذن ان نرحب بحظنا ونفرح بنصيبنا غير أن هذه الإنجازات تعتبر عندنا بالذات إخفاقات, أي تشكل مساسا خطيرا بالأنا الصهيونية, المضخمة بمشاعر التفوق والمليئة بثقوب مشاعر الدونية.وسلسلة هذه الإصابات للانا تقودنا, نحن, وبهذا المفهوم الشعب, الإعلام والحكومة هي هنا جملة اعتباطية واحدة, الى الغريزة الثابتة عندنا هيا نهاجم أمهم, نريهم من نحن, نمزق لهم وجوههم ونعود الى قواعدنا بسلام. غير أن المشكلة مع هذه الغريزة هي ان نجاحها الأخير كان قبل أربعين سنة.
منذئذ أخفقنا في كل الحروب التي انطلقنا اليها, لم نحقق فيها أهدافنا, وعدنا منها المرة تلو الأخرى مضروبين ومرضوضين, لنشكل المرة تلو الأخرى لجانا للتحقيق كيف عدنا وأخفقنا.
قبل سنتين فقط انطلقنا بكل قوتنا الى حرب ضد منظمة صغيرة, كي نهاجم أمها ونريها من نحن وعدنا على أربعة, مباشرة الى لجنة تحقيق. حسنا, الان إذن نحن سنعود لنكرر ذات الخطأ, فقط بسبب الغريزة العتيقة الفاشلة إياها? فإذا ما هاجمنا ايران, واضح أن هذه لن تصفق لنا, بل سترد بكل القوى والأدوات التي بأيديها. ومن المتوقع مثلا, ان تطير علينا ردا على ذلك صواريخ من كل حجم وصوب من ايران, من سورية ولبنان. فهل بنينا قبل هذا الهجوم المتوقع ولو ملجأ واحد لحماية مواطنينا? لا شيء. مرة اخرى تركنا ما ينبغي عمله من قبل الى لجنة التحقيق اللاحقة. ناهيك عن ان هجوما إسرائيليا كهذا من شأنه أن يضرم النار في كل المنطقة بل وان يدفع نحو الانهيار, بسبب الارتفاع المتوقع في أسعار النفط, بالأنظمة الاقتصادية العالمية.
بشكل ساخر, فان الأمر الوحيد على ما يبدو الذي يمكنه أن يمنع العربدة الانتحارية الإسرائيلية المتوقعة (هذا الشهر? هذه السنة?) هو بالذات قنبلة ذرية لدى ايران. ذلك أنه لو كان لدى الإيرانيين بالفعل قنبلة كهذه, لكنا جلسنا صامتين لا نفعل شيئا كي نحرق أنفسنا كفتيل الولاعة للعالم. ولمن يخاف القنبلة الايرانية نقول التالي: خلاف لإسرائيل, ايران هي دولة عقلانية لن تفعل شيئا يمس بها نفسها, بحيث أن قنبلتها ستردع فقط دولة معينة في المنطقة من العربدة والتدمير لحياتها وحياة المحيطين بها.