وقد حمل الكثير منها طابعاً تثقيفياً يقدم المعلومة الثقافية والتاريخية بأسلوب تشويقي يتمحور حول أكثر من هدف, ورأينا الناجح منها مثل (من سيربح المليون) حيث حقق جماهيرية لافتة على مستوى الوطن العربي, أيضاً (وزنك ذهب) وغيره, فمن الضرورة بمكان أن تتكامل عناصر تلك البرامج بأشكالها الفنية ومضمونها وآلية تقديمها, كما أن غالبيتها بشكل أو بآخر تعكس هموم الناس وواقعهم.
وهذا ما حصل مع برنامج (مدى الحياة) على قناة (MBC) عندما يستقبل مشاركيه من كافة الدول العربية, ليخرج البرنامج من الإطار الإعلامي ليصبح هو بحد ذاته جزءاً من صورة ذلك الواقع المؤلم, حيث البداية مع شباب دفعتهم الحاجة والديون كما يعلنون دوماً للذهاب إلى ذلك البرنامج, أما آلية الفوز والخسارة فتعتمد على الصدفة البحتة التي تصطدم بذلك الطموح الخاسر سلفاً ودون أي أسلوب فني مبتكر يخفف العبء على ذلك المشترك ولا على المتابع للبرنامج, فأحد الشباب المشاركين آت من مصر, وهو يعمل ويدرس في الجامعة, عليه مصاريف ويحمل طموحات مشروعه, حوارات في البداية تنم عن رغبة بتغيير واقع مادي قاسٍ يرهق شباباً من المفترض أن تكون حياتهم مختلفة, ويعيشون بشكل مريح, وهكذا جميع حلقات البرنامج تبتدئ دوما مع ضيوفها المحتاجين والطامحين, ففي حلقة سابقة استضاف البرنامج إحدى الشابات القادمات من الأردن أيضاً, تروي أحلامها بالفوز والتخلص من الأعباء المادية, وتبدأ بعدها الحلقة بمزيد من الصدمات لتلك الفتاة التي يرتسم على وجهها الانزعاج الشديد والخيبة والارتباك, فالبرنامج لا يعتمد على أي آلية أو معيار يكشف مقدرة الضيف في مجال من المجالات, بل يعتمد آلية بسيطة تعتمد على الصدفة في الربح والخسارة, لتكون ردة فعل المشترك مؤلمة له وللمتابع معاً.
إن برنامج (مدى الحياة) بمعطياته يحفز في أذهاننا أسئلة مريرة حول الحاجة التي تدفع بهذا الشاب أو ذلك للاعتماد على الحظ للحصول على راتب شهري يمتد من ثلاثة أشهر إلى (مدى الحياة) باعتماده اختيار أرقام تعود ل(عصي - ضوئية) مرقمة تحمل الأبيض أو اللون الأحمر, فإن كان الأول فيربح المشترك متقدماً في المسابقة, وإن كان أحمر يخسر بعضاً مما ربحه مستنفراً مشاعر الإنزعاج عند الجميع من جمهور الاستديو ومشاهدين, خاصة بعد أن نكون قد عرفنا مدى حاجتهم للمال,وعندما يخسر ترصد الكاميرا مشاعره بشكل يصور قسوة مجانية, فالبرنامج يفتقر لأسلوب فني يخفف من قسوة خيبة المشاركين حيث البرنامج يعمق من ألمهم بدلاً من مساعدتهم, كما أن هذه البرامج وأمثالها تكرس اتكاء شبابنا على الحظ للخلاص من مشكلاتهم كبديل نحو حياة كريمة, إن أوصله البرنامج طبعاً إلى النهاية.