منذ الأزل .واللقاء تجدد في مدرسة عز الدين القسام الواقعة إلى الجنوب الشرقي من مسرح جبلة الروماني ,وعلى الحدود الشرقية لمدينة جبلة ,حيث ظهرت معالم أثرية أثناء حفر أسبار اختيارية في الموقع من قبل مجلس مدينة جبلة خلال عام 2007 وذلك من أجل بناء برج تجاري لصالحه ,ومنذ ذلك الوقت والأعمال التنقيبية مستمرة في الموقع من قبل دائرة آثار جبلة حيث تم الكشف عن مكتشفات أثرية هامة ومتفردة من الموقع.
فماذا عن نوعية هذا المكتشف ,والمصير الذي سيؤول إليه البرج التجاري ..?!
تصورات معمارية
من الهام ذكره أنه منذ عام ونصف والجدل قائم بين الآثار ومجلس مدينة جبلة حول إمكانية بناء البرج التجاري في مدرسة عز الدين القسام ,وبالفعل بتاريخ 31/10/2007 بدأت الآمال من قبل الجهة المنفذة للمشروع إلا أنه بعد أيام من بدء التنفيذ صدر قرار من وزارة الثقافة بإيقاف الأعمال في المشروع ,والسماح للآثار بمتابعة التنقيب في الموقع حرصا منها في الحفاظ على المكتشف الأثري وإيجاد حل مناسب له . ومؤخرا بتاريخ 29/6/2008 تم عقد اجتماع في قاعة اجتماعات رئاسة مجلس مدينة جبلة حضره ممثلون عن المجلس .وعن المديرية العامة للآثار والمتاحف وعن جامعة تشرين (كلية العمارة ) ,والمهندس الدارس للمشروع ,وقد تم الاتفاق في هذا الاجتماع على التصورات التالية :
1- تصميم مبنى يحتضن الموقع الأثري المكتشف ويضم وظائف سياحية وثقافية وتجارية على طابقين أو ثلاثة طوابق بحيث لا يتجاوز ارتفاعه ارتفاع المسرح الروماني ويكون المكتشف الأثري بهذه الحالة جزءا من التصميم ويرتبط بالساحة الرئيسية المقترحة في مخطط الموقع العام للمركز ويرتبط مباشرة بالعناصر الوظيفية الموجودة في الطابق الأرضي للمبنى المدروس .
2- تصميم مبنى يضم وظائف سياحية وثقافية وتجارية على طابقين أو ثلاثة طوابق أيضا مع إمكانية تسقيف الحفرية جزئيا ببلاطة زجاجية تستخدم كتراس مرتفع . وفي هذه الحالة يجب ربط الحفرية بالساحة الرئيسية من خلال هذا التصميم المعماري .
الكشف عن بناء حمام وملحقاته
وللتعريف بنوعية المكتشف الأثري التقت (الثورة) الباحث الأثري /مسعود بدوي / رئيس شعبة التنقيب بدائرة آثار جبلة فحدثنا قائلا : بدأت أعمال التنقيب في الموقع بنهاية شهر كانون الثاني لعام 2008 وذلك في الجهة الشرقية منه , وما زالت مستمرة ,حيث تبلغ مساحة الموقع حوالي 6000 م2 والمساحة المنقب عنها حتى الآن 1300م2 .
أظهرت الأعمال في الكشف عن وحدة معمارية كبيرة تعود لحمام ,حيث بنيت أساسات هذا البناء بحجارة رملية كبيرة الحجم ,ويحدده من الجهتين الشمالية والجنوبية جدارين ضخمين ويتألف هذا البناء من القسم الجواني والذي يضم ثلاث قاعات ,أرضياتها كانت عبارة عن بلاطات من الرخام مرتبطة مع بعضها بواسطة قنوات من أجل مرور الهواء الساخن ,فقد ظهر موقدين في الجهة الشرقية ,وموقد في الجنوبية وآخر في الغربية .وأما في الجهة الشمالية والشمالية في هذا القسم فقد تم الكشف على ست قاعات وهي غالبا تشكل القسم الوسطاني أو البراني من الحمام . وكانت إحدى هذه الغرف مرصوفة بالفسيفساء .كما ظهرت قناة تصريف مياه مبنية من الحجر في الجهة الجنوبية الغربية من الغرفة المرصوفة . وأيضا في الجهة الشرقية من كتلة الحمام الرئيسية ظهر جزء من السور الشرقي للحمام بطول 27,50م وبعرض 1 م مبني بحجارة كبيرة الحجم ومحفوظ على مدمكين ونلاحظ له امتداد نحو الجنوب.
من الواضح حتى الآن أن بناء الحمام لم تعرف أبعاده بشكل واضح وله امتداد نحو الجنوب والشمال والغرب ,وإن أساسات الغرف الصغيرة التي تم الكشف عنها هي غالبا غرف خدم الحمام أو محلات تجارية خاصة ببيع المنتجات العطرية .وقد تم بناء هذا الحمام من نهاية العصر الهلينستي (قرن أول قبل الميلاد ) واستمر خلال العصر الروماني وحتى العصر البيزنطي .
وكذلك أظهرت أعمال التنقيب في الجهة الجنوبية الشرقية والشمالية الشرقية أساسات غرف مبنية بحجارة غير مشذبة متوسطة وصغيرة الحجم يتخللها بعض الحجارة الكبيرة والتي تشكل غالبا بعض العتبات أو عضادات تقوية للبناء وأعيد استخدامها من مرحلة سابقة ,وهذه العمارة تعود للقرن الثاني قبل الميلاد (عصر هلينستي ) وهي أقدم من مبنى الحمام .