فضامن وداعم الإرهابيين أردوغان لم يف بأي تعهد من التزاماته التي أملتها مخرجات «آستنة وسوتشي»، طوال المراحل السابقة، وإنما استغل تلك الاجتماعات ومخرجاتها للمراوغة واللعب على الوقت لتقوية شوكة إرهابييه، بدل سحبهم ووضع حد لجرائمهم، والمشغل الأميركي، وانطلاقاً من أجنداته الاستعمارية واصل الاستثمار في توظيف أدواته، ولم يمنح الإذن لأردوغان كي يمتثل وينفذ تعهداته.
تحرير معرة النعمان، أمر يجب أن يتوقف عنده أردوغان، فتحرير المدينة من الإرهاب، لا يشكل مدخلا لتحرير مدينة إدلب وحسب، وإنما فرصة لضامن الإرهابيين كي يعيد حساباته، عله يدرك أن تنفيذ تعهداته بموجب «سوتشي» أسلم له ولإرهابييه، فأن يندحر بأقل الأثمان، ربما يحفظ له بعضا من ماء الوجه، ويسارع للملمة شتات مرتزقته، ويخلي غرف عملياته تحت مسمى «نقاط المراقبة» عبر إعادة شحن جنوده المحتلين، وإلا سيجد نفسه في مواجهة مباشرة مع أبطال الجيش العربي السوري، وعندها لن يجد نفعاً من معاودة استجداءاته للجانب الروسي، كي يخلصه من المآزق بمهل إضافية.
معركة إدلب، تبدو اليوم مسألة مصير ووجود لرعاة الإرهاب، وحسمها لمصلحة الجيش العربي السوري يعني القضاء بالكامل على ما تبقى من المشروع الصهيو-أميركي، في جعلها بؤرة دائمة لإرهابيي «النصرة»، الذين تعمل واشنطن وأداتها الأردوغانية على تعويمهم « كمعارضة معتدلة»، وهذا ما تفسره حالة الهيجان العاصفة بأقطاب منظومة العدوان، وما تفرزه من حالة التباكي الأميركي والتركي على مصير الإرهابيين، عبر العزف مجدداً على نغمة الورقة الإنسانية، فضلا عن إعادة استنساخ مسرحيات «الكيمائي» التي تتحضر المجموعات الإرهابية لإخراجها بإشراف خبراء مختصين تدربوا في أوروبا -كما أكدت وزارة الدفاع الروسية- وما يتبع ذلك سبق وأن خبرناه من تجارب سابقة، وما أعقبها من عدوان غاشم من قبل منظومة الإرهاب.
ترامب أعلن بنود صفقته المشؤومة، التي فصلت بكل جزيئاتها على المقاس الصهيوني، وبغض النظر عن التوقيت سواء لجهة تصدير أزماته الداخلية المتمثلة بجانبها الأكبر بمسألة العزل، أو لإنقاذ شريكه في الإرهاب نتنياهو وإعادة تعويمه انتخابياً، فإن كل التصعيد الميداني عبر الإرهاب في سورية، والسياسي والعسكري على مختلف جبهات المنطقة، وإيران نموذجا، هو بهدف تمرير مؤامرة القرن الرامية لتصفية الحقوق الفلسطينية المشروعة، بعد أن طوع ترامب بعض الأنظمة المستعربة لمساعدته في غرس سكينه المسموم في جسد القضية الفلسطينية.
تغيرات المشهد الميداني التي تفرضها انتصارات الجيش العربي السوري وحلفائه، تعزز من قوة محور المقاومة، وتضع العدو الصهيوني أمام فوهة الردود المزلزلة على عدة جبهات، في سورية ولبنان وفلسطين واليمن والعراق، وهذا ما سيشكل قوة إضافية قادرة على وأد « صفقة القرن» في مهدها، وإجهاض خطط ومشاريع ترامب في المنطقة، والأهم من ذلك تحرير كل أرض عربية يحتلها غزاة أجانب، أو يدنسها الإرهاب.