ليصل ما انقطع بسبب الإرهاب الحاقد بين مدينة أبي الفداء (حماة) ومدينة المتنبي وأبي فراس وسيف الدولة (حلب الشهباء)، ويحرر أجزاء من جسد الأم سورية التي عانت ما عانته من إرهابهم وحقدهم الأسود وجرائمهم المنكرة بحق صاحب رسالة الغفران وبقية أبناء سورية.
فمن التخوم الشرقية والجنوبية والشمالية يدقّ أحفاد الأطرش والعلي وهنانو ويوسف العظمة على أبواب المدينة الأسيرة بيد التكفيريين الطارئين لتحريرها من الإرهاب، وإعادة تجميع بقايا (التمثال) الذي حطّمه أعداء الإنسانية القادمون من قعر التاريخ، ووصل الرأس بالجسد، كما أعادوا وصل بقية الأطراف السورية مع القلب دمشق ومع حلب وحمص ودير الزور والحسكة وطرطوس واللاذقية..، هو الجيش العربي السوري يزحف بنبل تضحياته وعقيدته المقدسة وصبره وشجاعته إلى المعرة وما بعد المعرة لتطهيرها من أدرانها الإرهابية وفتح الطريق الدولي الواصل بين الشمال والجنوب وصولاً لاستعادة الخضراء إدلب من أيدي التكفيريين عملاء وأدوات الغزاة الصهاينة والأتراك والأميركيين.
ربما هو الاختبار أو الامتحان الأصعب، وربما الأخير، لنوايا السلجوقي الواهم المتغطرس أردوغان تجاه التزاماته وتعهداته في (آستنة وسوتشي)، وفي الامتحان يكرم المرء أو يهان، ولأن السلطان المتورم بأحلامه العثمانية ونزوعه للتوسع بعيداً عن حدود بابه (العالي) لم يترك للصلح أو للحلول مطرحاً، سيضطر اليوم مع إرهابييه لتجرع الكأس المرة التي أعدها لهم أبطال الجيش العربي السوري، بعد أن أعطي كل ما لا يستحقه من الفرص للخروج (مع حفظ ماء الوجه) ــ ولا كرامة لغازٍ أو محتل ــ من أرض البطولات والكرامات والشهداء.
ولا شك أنه في المقابل ثمة تحدّ كبير وصعب ينتظر حراس الجغرافيا والتاريخ الشجعان، وهم أهل لذلك، لأن عودة المعرة إلى حضن الوطن سورية سيشرع الأبواب لعودة إدلب الخضراء إلى عرينها لتلتحم من جديد مع بقية أجزاء الجسد الواحد، وهذا بالنهاية سيمهد ويؤسس بصورة ملموسة لاندحار المشروع العدواني الإرهابي الذي رعته الولايات المتحدة الأميركية والكيان الصهيوني، واضطلع فيه النظام الإخواني العثماني التركي إلى جانب الأدوات العربية بدور خطير، كان ــ ولا يزال ــ هو الأشد خطراً على وحدة سورية واستقلالها وسيادتها، ويمهد أيضاً لدفن أحلام الغزاة والتكفيريين مرة واحدة، ولأن الإنجاز بهذه الأهمية فليس متوقعاً أن يقف محور العدوان متفرجاً على ضياع أوهامه، بل ربما سنشهد مرحلة كسر عظم مع أولئك الأعداء ستنتهي ــ كما انتهت المعارك السابقة ــ لمصلحة أبناء الأرض والحياة والشمس.
تأتي هذه التطورات في وقت حساس وخطير من تاريخ المنطقة، حيث يلتقي مجرم الحرب وسارق النفط دونالد ترامب مع حليفه الإرهابي نتنياهو على تصفية القضية الفلسطينية ولعل الجميع يعلم أن مروجي صفقة القرن كانوا يعولون على تدمير سورية وإخراجها من معادلات المنطقة بوصفها المتبني الرئيس والوحيد لهذه القضية المحقة، كي يتسنى لهم تمريرها على حساب حالة الوهن والضعف والعمالة التي يمر بها النظام الرسمي العربي.
كما تأتي هذه التطورات في وقت تشهد فيه العلاقة بين إيران أحد ركائز محور المقاومة وبين الولايات المتحدة راعية الارهاب في المنطقة، مواجهة على مساحة المنطقة، لا تحتمل أي نوع من الخسارة أو حتى تقاسم الحصص أو الفرص أو توزيع الأدوار، مع فارق أن الولايات المتحدة قوة خارجية طامعة معتدية على حقوق ومقدرات الشعوب بينما إيران قوة إقليمية أصيلة في المنطقة وتقاوم مع بقية شعوب العالم الحرة سياسات الغطرسة والعدوان التي ترسمها إدارة الشر الأميركية.
وعليه يمكن أن يلجأ محور الإرهاب والعدوان إلى استخدام نفس الأوراق التي سبق أن استخدمها في السابق، أي استخدام منصة مجلس الأمن لتعطيل عملية تحرير ما تبقى من الأرض السورية في محافظتي إدلب وحلب واللاذقية، أو أن يتم الإيعاز لأدواتهم ومرتزقتهم في جبهة النصرة الإرهابية والخوذ البيضاء من أجل إعداد مسرحية كيماوية جديدة على غرار مسرحيتي خان شيخون ودوما ، أو أن تستعاد مسرحيات القلق على المدنيين في المناطق التي ستشهد معارك حتمية، بهدف تأليب الرأي العام الدولي على الدولة السورية ودفعها لتأجيل أو إلغاء العملية العسكرية.
لا يغيب عن ذهن أي متابع منصف حجم الفرص التي منحتها الدولة السورية للجماعات الإرهابية في الشمال السوري وكذلك لرعاتهم الدوليين والإقليميين وخاصة النظام التركي الذي يضطلع اليوم بموقع الراعي الحصري لشراذم الإرهاب التكفيري في إدلب، ولم تكن النتيجة سوى المزيد من الجرائم التي يرتكبها الإرهابيون بحق المدنيين في المناطق الآمنة وكذلك استهداف نقاط الجيش العربي السوري ومحاولات منع المدنيين من مغادرة المناطق المتوترة أو المرشحة لنشوب معركة حتمية، الأمر الذي ينزع أي غطاء أو أي حجة أو أي مبرر من يد هؤلاء، إذ لا يوجد دولة في العالم يمكن أن تسمح باستمرار وضع شاذ كالذي تشهده محافظة إدلب منذ سنوات حيث تسيطر تنظيمات إرهابية مجرمة مصنفة على لوائح الإرهاب الدولية والأممية على المحافظة، وتدير أمور أهلها بالإرهاب والقمع والتكفير والإعدامات الجماعية، في الوقت الذي تقطع البوارج والقاذفات الأميركية آلاف الأميال بذريعة مكافحة الإرهاب زوراً وبهتاناً ولغايات في نفس دونالد ترامب الشريرة.