تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


أردوغـــان بالكابــوي الأميركي.. والأطمــــاع تتجــــاوز الأدوار

دراسات
الخميس30-1-2020
فؤاد الوادي

برز إعلان الجيش العربي السوري بشأن وضع حد نهائي للتنظيمات الإرهابية في حلب وإدلب كعنوان كبير وبارز للمرحلة المقبلة التي سوف تشهد بحسب المعطيات

‏‏

والمعلومات تقدماً ميدانياً استراتيجياً للدولة السورية قد يعيد ترتيب عناوين المشهد برمته، بما يحاكي ويواكب الواقع المرتسم الذي صاغته دمشق وحلفاؤها بالثبات والتضحيات.‏‏

هذا التطور اللافت في سير العمليات القتالية جاء على خلفية التصعيد الممنهج الذي تقوم به المجاميع الإرهابية الموجودة في أرياف حلب وحماة وإدلب كجزء من محاولات منظومة الإرهاب لخلط الأوراق وخلق مساحات جديدة للابتزاز والضغط والاستثمار في كل تحولات وتطورات الميدان والسياسة في آن معاً، وهذا الأمر من شأنه أن يخلق معطيات جديدة قد تدفع بأطراف الإرهاب عنوة إلى طريق البراغماتية والواقعية السياسية التي تفرض عليهم الرضوخ والتسليم بالقواعد والمعادلات المرتسمة، انطلاقاً من أنها تشكل وحدها خط الانطلاق نحو مرحلة جديدة، وغير ذلك هو إمعان في صب الزيت على النار وإغراق للحلول السياسية أكثر وأكثر في متاهات الأحلام الاستعمارية.‏‏

لقد بات معروفاً أن معظم التنظيمات الإرهابية الموجودة في الشمال السوري هي جزء من تنظيم النصرة الإرهابي المصنف دولياً على قوائم الإرهاب وباعتراف أطراف الإرهاب أنفسهم، وخاصة الولايات المتحدة الأميركية والنظام التركي الذي لا يزال يقود دفة قيادة هذا التنظيم الإرهابي بالكامل لجهة استخدامه ورقة للضغط والابتزاز، في وقت كان من المفترض فيه أن يقوم أردوغان بتنفيذ تعهداته بموجب مخرجات آستنة وسوتشي، إلا أنه لا يزال يتهرب من تنفيذ التزاماته بشتى السبل والوسائل، انطلاقاً من كون أن الإرهابيين الذين يحتضنهم ويرعاهم لا يزالون جزءاً أساسياً من استراتيجيته وخياراته الواهمة ومعاركه التي يقارع فيها طواحين الأطماع والأوهام العثمانية، ليس في سورية فحسب بل في المنطقة بشكل عام، ولعل تمدد أطماعه نحو ليبيا يؤكد هذه الحقيقة التي بات يعلمها ويعرفها الجميع.‏‏

أردوغان دخل في لعبة تبدو أكبر من حجمه بكثير، وخصوصاً أنه أدخل مساراً جديداً لأطماعه أغرته وورطته فيها عنجهية وغرور «السلطان»، فهو يتمدد خارج الحدود ليصل إلى العاصمة الليبية طرابلس عبر مواصلته نقل الإرهابيين من سورية إلى ليبيا، كجزء من المحاولات التركية المحمومة لتغيير قواعد الاشتباك واستعادة أوراق أنقرة المحروقة، وصولاً نحو طموح النظام التركي الكبير بالإمساك مجدداً بخيوط اللعبة الإقليمية التي أفقدته إياها الدولة السورية بجيشها البطل الذي لا يزال يحبط كل المحاولات التركية للإمساك بزمام المبادرة والتحكم على الأرض.‏‏

المشهد اليوم بات مفتوحاً على كل الاحتمالات وكل الخيارات ولاسيما بعد أن حطمت إدارة ترامب بعضاً من قواعد الاشتباك بعد اغتيالها الفريق سليماني ورفاقه، تلك القواعد التي كانت بمنزلة مانع انزلاق نحو المواجهة المباشرة بين محورين ومعسكرين متناقضين ليس في الأهداف والمصالح والطموحات والاستراتيجيات فحسب، بل في القيم والمبادئ أيضاً، المحور الأميركي وأدواته ومرتزقته، ومحور قوى المقاومة والدول الحليفة الداعمة له.‏‏

لا شك أننا على أبواب مرحلة جديدة سوف تشكل ضاغطاً جديداً على أطراف الإرهاب، وخصوصاً النظام التركي الذي يحاول الهروب إلى الأمام عبر دفع إرهابييه إلى تفجير الأوضاع لتشتيت الانتباه وللتغطية على أزماته وهزائمه ليس في سورية فحسب، بل في المنطقة أيضاً، والتي لا يمكن التغطية عليها إلا بالحفاظ على حالة الفوضى والحرب على مختلف الجبهات.‏‏

إن تقدم الجيش العربي السوري خلال الساعات والأيام القليلة الماضية وعلى كافة المحاور - وتطهيره مدينة معرة النعمان - قد سبب حالة من الذعر والهلع للتنظيمات الإرهابية التي أعلنت حالة الاستنفار بين صفوفها، ولاسيما في محيط مدينة إدلب التي يتوقع ان تكون المحطة القادمة للجيش العربي السوري الذي يرسم استراتيجيته وفقاً للمصلحة الوطنية فقط.‏‏

التطورات المتسارعة على الأرض تبدو حبلى بالمفاجآت، في ضوء المعطيات التي تُجمع على أن دمشق قد اتخذت قرارها فعلاً لتحرير الشمال السوري وبدعم من حلفائها بعد أن أماط النظام التركي اللثام عن مغامراته الجديدة في ليبيا، حيث بدا أنه قد يتجاوز بأطماعه الاستعمارية والتخريبية لعبة تبادل وتوزيع الأهداف والأدوار التي يلعبها مع الأميركي، في ظل تدحرج الخلافات بينهما على خلفية الصراعات على المكاسب والغنائم !؟.‏‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية