تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


أميرات القمر..

آراء
الخميس 22-12-2011
حسين عبد الكريم

بالقرب من الحكايات ودروب الأيام أقامت الأميرات المليحات، ثم مددن العرائش ورفعن السلالم.. في النهار يذهبن إلى الوقت ليجددن اللحظات والناس، وفي المساء يهطلن كالمطر وكلمات القمر والسمر والشجر...

يصرن في النسغ وجمل الفائدة وتبادل الخيرات والخبرات والمسرات.. ويفيض رونقهن على ضفاف الأحباب والأهل كما السواقي الجريئة لم يتفرق الحب أو تتوزع دروسه وممراته بعيداً عن سلالم وحياة الأميرات وقمرهن، الذي رفعن باتجاهه الدرجات والمعارج والمنعطفات والغيمات.. قمر وأميرات من ضوء وضوع ولقاءات وسفر ومجيء وأوقات.. المكان أحب الأميرة الأولى وسواها من الرفيقات الحنونات.. وازداد المكان حباً وتألقاً، حتى صار كروماً من حنطة وحنان ولطافات وأغصان حكايات حاليات.. وصار المكان بهن زماناً متعدد الأهواء والاهتمامات يؤلف ملاحق إضافية ترفد الزمن الأساسي، وفي كل إضافة تقول أميرة حسناء بعض محاسنها وتشرح درساً من دروس البقاء والبهاء.. كل سميرة ترتب الصباح والظهيرة والنعاس وحروف العطف كما يرتب الكحل في إصغاء اللفتات وصمت الحالات ووجع الوجد والحالات.. عيش وإنس وأمارات.. لم يغفل شاطئ أو جبل أو ريف أو سهل أو نبع أو بناء كبير أو نهر عن تأليفات الأميرات وجمالهن، وأمطار غيمهن الذي يتآلف مع وجدان كل ترابة وكل بلدة ومدينة وكل امرأة ورجل.. إنهن البدايات والبلاغات والقصائد والروايات.. وهن الحبيبات في أول الخطوات وهن البنات والأخوات والأمهات.. أميرات القمر كتبن على الوقت ما هو أعلى وأبقى.. وابتكرن أسلوباً حلواً ورشيقاً للعناية بأحوال كلام النساء.. وحيناً بعد حين أشرفن على علاقات البيوت بالبيوت والجيران بالجيران والجارات بالجارات ألفن التأنيث وجمع المذكرين السالمين.. مثل حب كبير يبحثن عن السلامة في كيانات الأبناء والشبان والفتيات.. ينشرن الفكرة تلو الفكرة والثرثرة الحلوة إثر الثرثرة كنثر القمح في وجدان الأرض وضمير الظمأ.. في ذات ليلة سمر مرحة سمحن للعديد من المجتهدين في معلومات الزراعة والقراءة والكروم أن يرافقوا سمرتهن إلى الصعود والسلالم والبروق.. وأثناء الرحلة قرأن على الأسماع بعضاً من فضائل الاشتياق على المشتاقين وحذرن من سوء العواطف والمعوقين عاطفياً.. الأميرات لسن مفردات أو متروكات مثل حيطان زمن مهجور.. لهن مستراحات ومؤلفات ومراجع في الحسن والرقة.. الملكة الست.. أو السيدة الراقية، الأنثى العزيزة المتماسكة أمام العهود والأمطار والرعود.. تعلمهن من الشوق أحسن الأشواق ومن النظرات فنون الأحداق والإشراق... وتحميهن من الفقر والإملاق ومن الكذب والنفاق.. لأنها تريد بهن ازدهار الضياء وهزائم العتمة الشرسة التي تؤذي السفر والدروب واللقاءات..‏

الملكة الوطن والأميرات كلماتها وأسرارها وموهبة عطرها وعشقها وأمومتها المزدهرة في كل نغمة وكل سلم موسيقا وأنوثة.. وفي الدمع لاتدع للضعف أن يعرض بضاعة البكاء العابر.. تعز كل دمعة جيدة وتمنحها الثقة كشجرة عالية مع الأفق.. في عز الأزمات ونشفان الينابيع، أحضرن المطر إلى الأرض كطالبات متفوقات في مقرر السقي والاخضرار، وتركن له أن يسرد فصولاً من قصة قديمة جديدة: كنت وحيداً، والغيمات حزينات... وكان القمر بعيداً عن جهات أيامنا إلى أن جاءتنا الأميرات كرسولات ضياء وبهاء، من حينها صرت المطر وتحولت إلى أستاذ جيد في مدرستهن، يتصلن بي عند الحاجات ويطلبن مني فضيلة الري والمكاشفات والسهول والماء والواحات أعرفهن وأعرف الملكة العالية كالضوء والحنونة كسنين الإنسان والحياة وأرقى النجاحات والسعادات.. لم تمت من يومهن الضياءات والفضاءات والرجاءات.. وتوحدت بهن الأحلام والعهود العزيزة والأمانات، وصاغ الوطن من عبقهن أساور الزهرات.. أميرات القمر على موعد مع العتمة ليس من أجل الظلام، بل من أجل تدريب الليل على فك ألغاز المسامرات الجديرة بالثقة التي يحيكها وقت الوطن.. وحدهن اللاتي يقتلن سواد الأفكار ويزرعن في الكون الخيرات ويعطين للأيادي وعي الأغصان والقطاف والثمار.. ما أجملهن وهن للضوء البالغ سن الرشد حليفات وعلى البقاء الكريم أمينات وبالأجيال اللائقة بكرامة العيش سعيدات.. نحن لا خوف علينا من مفاهيم الدمار وهن بيننا وبين وعينا ووعينا.. ولسنا نخشى أن يتوقف الآتي عن القدوم إلينا.. ما دمن على وعد مع البهاء يتفنن بإزاحة العلة وحذف العيب والكراهيات.. ويردعن في الكون عقل البشاعات عن بث العار والمخاوف.. أميرات وقمر وملكة وطن ترفع العقل إليها وتشتهي أن يحين عهد الجمال وهل يتوقف فصل القمر عن بث الضياء وإتمام عمر العطاء ومقاربة زهو المزدهرين والمزدهرات كرمى لعيون الوطن المعطاء؟ الإيمان بالجمال ليس بطراً أو ترفاً فائضاً عن ضرورات الحاجة بل مؤنة خاصة كالنبضة الفارقة في وريد قلب عاشق وكترنيمة جدول حديث على مدخل حقل عطشان.. إحدى الأميرات تؤلف منذ وقت قصير نظرات جديدة ودروس سمر وقمر ومن حولها تسافر الكلمات وتعود، لتستفيد من أنوثتها معلومة رقة ومن حسنها معلومة بهاء.‏

وخلفها جيل نساء عظيمات هن الاستفتاحات والتلميحات وهن الجوهر والتتمات.. يضيفن للأعمار أحيانهن واللحظات المزدهرات.. فيصرن وطناً عالياً من الحسن والحكمة والخبرات.. ونصير بهن أناساً بأفكار نيرات ونحيد عن أسوأ الممرات وعن مكر العتمات واللعنات..‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية