تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


أوتار .. أيتها الجميلة كوردة في القلب

آراء
الخميس 22-12-2011
ياسين رفاعية

أيتها الشاعرة التي من نبعها الأخاذ أستوحي أناشيدي كلما رأيتك انفتحت أمامي نوافذ الكلمات المجهولة.. وكلما نمت مع قصائدك حلمت بعالمك الرحب وها أنت على قد الدنيا تغمرك العيون بالفرح والحب، وتحيطك بالدهشة والاعجاب.. أنت الأمل المشرق على خاصرة الجرح النازف، وأنا العاشق الوحيد الذي يراك مالئة عالمه المتوحد.

سيدتي وامرأتي وحبيبتي:‏

أيتها الطالعة من أعماق المحيطات كالكنوز النادرة.. أنت الجسد المشتهى واليد الحنون والفم الجميل..‏

ساءلتك يوماً أن تهلي إلي عبر ظلمات الحزن كالفرح المضيء كلما ناديتك من وسادتي وسريري، كلما جمعت في أحضاني حرارة صدرك رأيتك هناك على ضفة الشاطئ البعيد، عيناك في الأفق، وكلماتك على صفحات النجوم.‏

أشعر الآن كم خلفت ورائي من الأيام، عشت حياتي كما لم يعشها مخلوق وها أنا أتكئ على نصف قرن اما أنت كلما كبرت صرت أحلى صرت شابة كالربيع أي سر فيك كأنك تعودين إلى الحياة وأركض أنا إلى الموت زورقي ينجرف وأنت المد العائد.. يا امرأة الشمس الطالعة من نور النهار، انتظر أوبتك في قلب الظلمة لتشرقي في داخلي وليشع وجهك على شفتي المتلهفتين.. لأنك الأمل المولود على جوانح الغياب والعذاب، وأنا اليأس الخارج من اطار الخوف الراكض إلى حماية رايتك المشرعة أبداً في الأفق.‏

إنك النجمة الدائمة والملكة التي تتحاشى الكلام، إنك العنفوان والحركة الأبدية.. يا سيدة الحب والشواطئ والمدن الكثيرة تمتدين في شراييني كالدم، وتدخلين نفسي كالروح وتعيشين في عيني العالم المرئي الوحيد.‏

أنت صلاة الحنان شفتاك دعوة لارتياد المجهول.‏

غيابك المفاجئ هدني، جعلني رحيل الغيوم في الشتاء القارس وهبوب الرياح.‏

غيابك المفاجئ جرحني، ألقى بي شريداً على أرصفة الشوارع.‏

رميت بي رفيق المتعبين وأصوات التائهين خلف الأحلام‏

كانت أيامي معك خارجة من التاريخ والزمن‏

كانت منفلتة من القيود والحواجز والعيون الشريرة.‏

كانت نسيجها الخاص ولدت وحدها وماتت وحدها‏

كان فراقنا دون وداع، كما كان لقاؤنا على غير موعد.. دخلت حياتي كالشهب، وخرجت كالنيازك. تركت آثار حروقك على قلبي وأحلامي وعيني.. آثار لا تمحى لا بالطب ولا بالجراحة ولا بالسلوى والنسيان.. وصرت في عالم الشجون الدائمة والشوق الجارح.‏

أيتها الغالية في تاريخ الاجتياز الهالك والمهلك.. يا سنبلة القمح الوحيدة بين ملايين الحقول الجرداء: عودي إلي.. عودي.. من زمان لم أرك‏

منذ متى وأنت شمس الصباح ونجوم الليل؟‏

منذ متى وأنت القلم والحرف والورق الزهري؟‏

منذ متى وأنت الحلم واليقظة والشارع والنار والأطفال؟‏

منذ متى وأنت القيمة أبداً في الأعصاب والصدر والغدو والرواح‏

خائف عليك من الحزن والفرح ونيران السماء‏

خائف عليك من الخطف والانبهار وشعاع الهواجس‏

خائف عليك من الظلمة والنور والشعوب الكثيرة في مجاهل الأرض‏

لأنك الجسد المكتظ بكل شهوات الملوك والأمراء والقبائل، الجسد الخانق لكل براكين الجبال، الجسد المتفجر والمحرق والقاتل الجسد المليء بأسنان سمك القرش والمراكب القديمة.‏

أيتها التي..‏

كلما أمسكت ذراعها براحتي تحولت إلى آلاف الحرائق‏

أيتها التي..‏

كلما أمسكت عينيها بنظراتي، استحلت إلى رماد كل الغابات المحترقة‏

أيتها التي..‏

كلما لامست شفتيها شفتي تساقطت عظامي عن لحمي وصرت كل رعشات التاريخ في القصور الموصدة‏

يا مليحة‏

خطوات جسدك المائج تدوس حدقات الرجال المشدوهة عبر ملايين السنين.‏

يوماً بعد يوم، أستصرخ فيك كل الضمائر أن تعودي، لأنني أطوف بوجهك حول العالم، وأقبل المرايا، التي ذات يوم، عكست قامتك الرمح، فأنت الحنجرة التي بها أصرخ، وأنت روضة الازهار والقمم والمستقبل والليالي الملأى بالسحر والعافية تحت وهج الاشعاعات النادرة يمر صوتك ماسحاً نشاز الأصوات دالاً على البراءة والشجون.‏

أنت السلام المطمئن بعد العاصفة‏

أنتظرك في منعطفات الطرق، كما ينتظر الأطفال امهاتهم.‏

يا امرأة‏

يا بحة الحزن في الطيور المهاجرة كلما صفقت أجنحتك بعيداً، ازداد حنيني للحركة.‏

ظلالك كثيرة في حياتي أنت أشجار الغابات أنت على أهدابي تنامين معي ومعي تستيقظين.‏

أنت في داخلي مثل القبلات الخفية وأنا أعاني فيك اللقاء والفراق.‏

أنت معي وهاربة مني، وبين يدي كالعصفور تفلتين.‏

يا أغنيتي من كثر ما غصت في حلقي الكلمات، نسيت كيف تقال كلمة أحبك نسيت كيف أختار أجمل الحروف، جئتني أخيراً من أعماق النساء، فجرت بي كل شيء صرت اكتب لغتك الخاصة، صرت أكتب قاموسك أنت. واكتشفت في حضرتك كم الكلمة جميلة ورائعة فنية وثرية، وعرفت بك أن العاشق تصير له لغته الخاصة، وإبداعه الخاص وكلما أغرقت وجهي في وجهك تولدت في أعماقي آلاف الكلمات الجديدة، وأدركت أن كل هذه الملايين من الكلمات جاءت لامن علماء اللغة بل من العشاق.‏

ومن خلال حبي عرفت الآن أن لا جدوى من القوانين والعقائد لا جدوى من الفلسفات إذا لم يجمع الحب الإنسان إلى أخيه الإنسان.‏

أيتها الجميلة كوردة في القلب‏

إذا قرأتني بعد اليوم لا تتساءلي عن هذه الفوضى التي تعم سطوري ابحثي فقط عن وجهك ويديك وكلماتك لأنك أنت الكل والكل أنت.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية