لماذا هذا الصمت في الشارع العربي على مايجري في سورية، وعلى تنازلات الأنظمة النفطية عن فلسطين ، والتي كان آخرها: مبادرة تتسم بكثير من الذل ، والهوان ، والاستخفاف بمشاعر الفلسطينيين ، و العرب.. متى سينهض الشارع العربي من المحيط إلى الخليج ،ويرفع صوته في وجه أنظمته التي تبيع ، وتشتري بكرامته، وتاريخه، وبفلسطين ، وبالدم الدم العربي، وبالدم السوري الذي ينزف غزيراً على أيدي شياطين أحضرتهم تلك الأنظمة من كل بلدان الدنيا للفتك بسوريا الدولة ، قبل الفتك بأبنائها ..
متى نرى الجماهير العربية في ساحات القاهرة ، والرياض، والجزائر ، وتونس، والكويت ، والرباط ، وبيروت ، وبغداد، غاضبة، متحدية عساكر الأنظمة ، للتنديد بإسرائيل ، وبسلوك أنظمته التي غيرت مسارات الصراع مع العدو الصهيوني الذي يحتل القدس والأقصى، ويحاصر غزة ، ويتهدد الضفة الغربية ؟
هل مات زمن الغضب العربي الذي كان يتفتح في الشوارع العربية وفي المدارس، والجامعات ، والمعامل ، والحقول .. أم أن هذا الغضب ما زال هذا قائماً؟
يرى كثيرون أن دولار النفط فتك بكل الخضرة القومية التي كانت تمنح حياتنا العربية كثيراً من الزهو ، وقوة الارتباط بالتاريخ.
حقيقة .. أن مساحات واسعة من الشوارع العربية مصابة اليوم بما يسمى « مرض الاعتدال العربي» .. الذي يرى في الاستسلام لإسرائيل والغرب حكمة، وفي التمرد على هذا الغرب، والتصدي له تطرفاً، وشراً، وابتعاداً عن الحكمة ، والقراءات السياسية الناضجة.
في ظل طغيان أنظمة النفط.. و طغيان جماعات الفتاوى الوهابيين ، والاخوان ، من الطبيعي أن تقوم إسرائيل بضرب سورية ، مرة ، ومرات:
على امتداد الصراع العربي الإسرائيلي ، لم تؤسس هذه الأطراف سوى لشيء واحد : تفكيك العالم العربي، وإدخاله إلى زريبة قطيع النعاج المستسلم » .
إن العدوان الأخير على سورية تم بطلب ،ومباركة من أنظمة النفط ..
وأن المبادرة الأخيرة التي تقضي بتبادل الأراضي الفلسطينية ، بين الضفة وفلسطين عام 48 لصالح إسرائيل كانت ثمناً أولياً لهذا العدوان.
لايمكننا تصور قيام إسرائيل بعدوان على سورية، أو غيرها في المنطقة العربية ، الآن ، ومن قبل ، إلا بموافقة ، وبمباركة ، ودعم ، وتمويل من تلك الأنظمة النفطية ... منذ عدوان حزيران عام 67 ، على مصر وسورية وفلسطين ..وبيروت عام 82، وبغداد عام 2003، و المقاومة اللبنانية عام 2006، والمقاومة الفلسطينية عام 2008/2009 إلى مايجري اليوم على سورية .
إن كل خزائن هذه الأنظمة «الدولارية ، والخيانية»، واستخباراتها، وحدودها ، وفنادقها، وتحركها السياسي ، وإعلامها ، يصب في خدمة المجرمين الذين يسفكون الدم السوري .. ومن بينهم أمريكا ، والغرب، وإسرائيل ، وتركيا.
عندما نقرأ الصحف الإسرائيلية ، والأميركية ، وتصريحات قادة الغرب عامة ، ونقرأ صحف وإعلام وتصريحات مسؤولي عواصم النفط ، نجد تشابهاً تاماً في الخطاب، والتصريحات والمواقف ، وهذا التشابه ليس مجرد موقف سياسي، بل هو..
أولاً: حالة عضوية قائمة بين إسرائيل والغرب من جهة وبين هذه الأنظمة العربية ، والنظام التركي من جهة أخرى ، وخاصة في الآونة الأخيرة ، فكل طرف يدعم ، ويمسك بالأطراف الأخرى لاستمرارها ، والحفاظ على وجودها ،والإطار الحاضن لكل ذلك هو أمريكا.
ثانياً: موقف الذي يتحول اليوم إلى عدوان دموي على سورية ،من قبل إسرائيل، ومن قبل العصابات الإجرامية ...لأن سورية بمواقفها باتت تشكل خطراً على دور تلك الجهات في المنطقة ، وتفتح الباب واسعاً أمام حالة رفض، تتحول مع الوقت إلى مقاومة حقيقية ، تتجاوز كل حواجز الخوف والخطر.
هناك أسئلة كثيرة في الشارع العربي , منها:
ألم يكن إخراج سورية من تلك الجامعة المريضة موقفاً متفقاً عليه ، وكذلك تلك القرارات التي صدرت عن الجامعة ضد سورية تؤكد أن أصابع أمريكا وإسرائيل وراء كل ماتقوم به تلك الأنظمة التي يقودها اليوم كل من أمير قطر، والسلطان أردوغان ؟!
من الطبيعي .. إن لم نقل من الضروري ..
أن ينهض الشارع العربي اليوم من غفوته و خوفه في وجه تلك الأنظمة ، إن تلك البؤر القومية المضيئة التي اشتعلت في بعض ساحات العالم العربي ، تؤسس لاستنهاض قومي ، مقاوم ، مناضل في وجه تيارات التكفير ، والأخونة ، وأنظمة الاستسلام..
وعلى دمشق العروبة ، المقاومة ، وكل قوى المقاومة..
حزب الله ، المقاومة الفلسطينية ، ايران ، العراق ، الأحزاب القومية ، والوطنية ..
أن تعزز ارتباطها وتواصلها بهذا النهوض الذي راح يتوثب في شوارعنا العربية.