وما زالت الأمهات تلد وتنذر ما تلده للوطن، وما زالت العشيقات تزغرد في أفراح من يحبّون دون غيرة لأن سورية فوق الجميع..
بدأ أولادنا بالتوجّه إلى الامتحانات الأخيرة وستستمر الحكاية إلى أواخر حزيران حيث تنتهي امتحانات الشهادة الثانوية العامة، وما زالت دورة الحياة تضجّ بالروح والعطاء، فلا المزارع هجر أرضه ولا المقاتل تخلّى عن سلاحه ولا التلميذ ألقى كتبه ودفاتره ولا الدولة تهرّبت من مسؤولياتها ولا الشمس غيّرت مسارها خارج الأجواء السورية، فهل بعد هذا من تأويل لما يجري؟
قضيتُ بضعة أيام مع قريبة لي في مشفى الباسل بطرطوس، والانتظار مناسبة لتبادل الأحاديث مع من يجمعنا به المكان، ومن الطبيعي أن يكون هذا الحديث مع أناس يرافقون مرضى، ومن الطبيعي أيضاً أن يصطبغ هذا الحديث بشيء من اليأس أو الحزن لكن الحقيقة غير ذلك، فمن كان يحتجّ على أي شيء لمجرد الاحتجاج يبحث الآن عن العذر لإدارة المشفى أو للطبيب المعالج إن حدث أي تقصير، بل أن من كان لا يعجبه العجب ولا الصيام في رجب كما يقال بإمكانه الآن أن يجد العذر كما أسلفت بل وأن يزيل «منديلاً» وقع على الأرض ويلقي به إلى سلة المهملات لأنه اقتنع بأن هذه المرافق المهمة هي له ولغيره وليست ل «الدولة» ومن واجبه أن يحافظ عليها..
ونتابع من خلال عملنا أيضاً التزام المواطنين بتسديد ذممهم المالية للمصارف وللدوائر الخدمية كالهاتف والكهرباء والمياه والنقل وغير ذلك إيماناً منهم بأن هذا الالتزام يعزز صمود دولتهم وأسمعهم يقولون « بحصة تسند جرّة»..
هذه هي سورية التي تؤرق عيونهم لذلك سيخرجون من أوكارهم إلى كل الحقد الذي تربوا عليه مستعينين بالعدو الصهيوني وبالشيطان ومع هذا سيُسحَقون..