وبرز باحثون وفلاسفة ومفكرون أفذاذ فظهر- ابن رشد- رائد التفكير العقلاني الإسلامي فأخضع تفسير جميع الظواهر لسلطة العقل، فكل ما يقره منطق العقل نأخذ به وكل ما يؤدي بنا إلى الشعوذة والخرافة ننبذه نبذاً نهائياً.
وظهر ولأول مرة في التاريخ علم الاجتماع على يد عبد الرحمن بن خلدون الذي حلل في مقدمته ظواهر العمران ونشوء الدول وانهيارها.
وظهر علم النفس على يد الشيخ الرئيس ابن سينا.
وظهر علم الصيدلة على يد أبي بكر الرازي وعلم الفلك على يد الحسن ابن الهيثم وعلم الجبر على يد الخوارزمي، واخترع العالم العربي ابن الشاطر الساعة الرملية التي أهدى هارون الرشيد للمك الفرنسي شارلمان نسخة منها وازدهرت الكتب الموسوعية مثل الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني والعقد الفريد لابن عبد ربه الأندلسي، وتحولت مكتبة دار الحكمة في بغداد إلى أضخم مكتبة في العالم وازدهرت حركة الترجمة.
بعد سقوط بغداد بدأت الثقافة العربية خطها التراجعي الارتكاسي ولكن قيام الدولة الحمدانية في حلب أحياها من جديد فأنشأ سيف الدولة الحمداني مكتبة أضخم من دار الحكمة هي المكتبة الحمدانية في حلب واحتضن في بلاطه كبار شعراء وفلاسفة وعلماء عصره من أمثال المتنبي وأبو فراس الحمداني وابن خلكان وابن كثير، ولم يدرك الشاعر والفيلسوف أبو العلاء المعري الدولة الحمدانية، وبأفول نجم هذه الدولة الغربية أفل عصر الازدهار الثقافي العربي وطمى الظلام الفكري والثقافي ثمانية قرون كان أبشعها عصر الاحتلال العثماني المعادي لجميع أنواع الثقافات.
وبعد زوال الاستعمار العثماني بفعل الثورة العربية الكبرى عام 1916 جاءت مرحلة استمرت ثلاثين عاماً هي مرحلة الاستعمار الأنجلو فرنسي فحاولت كل من فرنسا وبريطانيا طمس ثقافتنا العربية وإحلال ثقافتها الاستعمارية محلها.
ومنذ أواخر الأربعينيات وحتى يومنا الراهن وزرع الكيان الصهيوني الغاصب ظهرت الثقافة القومية العربية التحررية الوحدوية على يد حزب البعث العربي الاشتراكي ومفكريه وفي مصر قامت ثورة 23 تموز بقيادة جمال عبد الناصر الذي تبنى طوال حياته السياسية الثقافة العربية التحررية الوحدوية المعادية للاستعمار ولأعوان الاستعمار أي لدول الرجعية النفطية العميلة الخالية من أي ثقافة وترتدي بردعة الإسلام وهي منة براء، فآل سعود يتبنون المذهب التكفيري الوهابي الذي يحلل ذبح أي مسلم إذا لم يكن وهابياً.
وفي بقية الأقطار العربية وللأسف فلكل نظام قطري ثقافته الإنعزالية القطرية التي تبرر وجوده المزعوم والقائم على قمع إرادة الشعب، إلا في الجزائر ولبنان والعراق فالأمر يختلف نسبياً.
أما سورية فهي كما وصفها عبد الناصر والرئيس بشار الأسد ستبقى قلب العروبة النابض.