تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


محمود زعترية: ساهمت بحملة التعريب في الجزائر

تجارب شخصية
الخميس 7/8/2008
حوار:ميساء الجردي

كان لطفولته أثر كبير في مجريات حياته,فانطلق في حديثه معنا حول تجربته الشخصية من هذه المرحلة المبكرة,حيث بدأ الاعتماد على نفسه وهو في العاشرة من عمره وجهد لتحقيق حلمه في التعليم.

وكان احساسه كبيرا بالمسؤولية في كل الأعمال والمهام التي أسندت إليه وبذل جهده لتحقيق العديد من المكاسب للمعلم وللأمور التربوية.‏

في حديثه قال:‏

-عملت ما يزيد عن ثلاثين عاما في العمل الإداري.‏

-وضعت أول أرشيف مكتوب في دائرة الامتحانات.‏

كانت نشأتي في أسرة متوسطة الحال في كنف والد عاش يتيم الأب منذ ولادته وأصبح مسؤولا عن أسرته وهو في العاشرة من عمره,في ظل ظروف مريرة عاشها العالم وعاشتها المنطقة بعيد الحرب العالمية الأولى فكان عصاميا, كادحا, مبدعا في مجال مهنته,وكان من الطبيعي أن يكون القدوة والمثل لي ولإخوتي,فلم يكن غريبا أن يتولد في نفسي حب العمل خلال العطلة الصيفية المدرسية ولم أكن قد تجاوزت العاشرة من العمر لتوفير بعض المال الذي يساعدني في نفقات الدراسة من منطلق الاعتماد على النفس, ومن ثم العمل معلما وكيلا بعد حصولي على الثانوية العامة, ثم مكلفا بتدريس عدد من الساعات الأسبوعية خلال دراستي الجامعية,وكان لممارسة الرياضة بألعابها المختلفة وانتسابي لبعض الفرق الكشفية والصعوبات والمشاق التي كنا نتحملها, الأثر الكبير في الاعتماد على الذات.‏

تحقيق الحلم وقصة التعريب‏

كان لواقع المعلم عموما والمدرس خصوصا في تلك الفترة ونظرة الإكبار والاحترام لهما الأثر الكبير في أن أحلم أن أكون مدرسا كالأساتذة الكبار »هاني المبارك,وعبد الله زريق,وأنور اللحام وغيرهم«, فكان انتسابي إلى كلية الآداب قسم التاريخ في جامعة دمشق خطوة على طريق تحقيق هذا الهدف.‏

ومع بداية دراستي الجامعية اندفعت للعمل معلما وكيلا وفاجأتني إدارة المدرسة بتسليمي الصف الأول الابتدائي منذ اليوم الأول لمباشرتي, ولم تكن لدي خبرة في التعليم فحضرت حصّتي مادتي القراءة والحساب في شعبة أخرى عند الزميل يوسف عزيمة وكان ذلك منطلقا لنجاحي في التعليم في الصف المذكور في سورية.‏

في العام التالي سافرت إلى الجزائر للمساهمة بحملة التعريب التي بدأت بعد الاستقلال, فكان حلماً عظيماً وفخراً كبيراً أن أكون على متن أول طائرة سورية تحط على أرض المليون شهيد بعد استقلالها,وعدت بعد عامين لمتابعة دراستي الجامعية ولأعمل مكلفا ببعض ساعات التدريس في المرحلتين الإعدادية والثانوية ثم مديرا لإحدى المدارس الخاصة.‏

بعد التخرج‏

بعد تخرجي من الجامعة عينت مدرسا في محافظة إدلب عام 1970 وكلفت مديرا لثانوية الفتح العربي بسلقين منذ اليوم الأول لمباشرتي العمل, وفي العام التالي انتقلت إلى أريحا واستلمت إدارة ثانويتها.‏

في عام 1975 أعرت إلى السعودية لأقوم بالتعليم في الصف الأول الابتدائي الذي كنت أتمسك به دائما وقمت بأعمال إضافية مهنية أخرى إلى جانب التدريس,وفي عام 1980 عدت إلى أرض الوطن وندبت للعمل الإداري في مديرية إعداد المعلمين بوزارة التربية مدة ثلاثة أشهر,بعدها كلفت مديرا للإعارة,فأعددت نشرة للمعارين تتضمن ما هو مطلوب من المعار منذ إعلان اسمه حتى عودته إلى الوطن ومباشرته العمل في مدرسته واستعادة عضويته النقابية مستفيدا من تجربتي في السعودية.‏

مديرا للامتحانات‏

في عام 1983 فاجأني السيد الوزير بتكليفي مديرا للامتحانات العامة التي شغلت كل وقتي واهتمامي نظرا لأهميتها وحساسية أعمالها ولا سيما أن تعليماتها كانت تصدر بمراسيم وقراراتها كانت بحكم المراسيم.‏

والمفاجأة الأكبر كانت عندما علمت أن تلك التعليمات والمراسيم المعمول بها والتعديلات العديدة لبعضها رغم أهميتها وخطورتها كانت غير مؤرشفة وتعتمد على ذاكرة أحد العاملين في مديرية الامتحانات آنذاك,فوضعت مشروعا لجمع تلك التعليمات بمراسيمها وبلاغاتها وتعديلاتها في جميع الشهادات بأنواعها وفروعها المختلفة وتم ذلك من خلال جهد كبير بذله مشكورون كل الزملاء, خبير الامتحانات في تلك الفترة الأستاذ حسن منير الحكيم والسيد رياض قولي والمرحوم عدنان طباع الذي كان واحدا من شهداء الواجب من مجموعة من العاملين في الامتحانات في حادث سير مروع على طريق حمص أثناء قيامهم بمهمة رسمية.‏

وكان هذا المشروع نواة لأرشيف ضخم وعظيم الأهمية يضم اليوم ما يزيد على ثماني أضابير ضخمة.‏

مديرا للتربية‏

في أواخر عام 1985 أسندت إليً مهمة مدير التربية في محافظة دمشق وأًصبح نجاح المديرية هاجسا لازمني طيلة عملي بها وكان إيماني كبيرا بأن العمل للمصلحة العامة يرافقه دائما التوفيق والعون من الله عز وجل.‏

ولأكون على دراية بأقسام المديرية وقبل مباشرتي العمل ودون أن يعرفني أحد من العاملين قمت بجولة لمدة يومين كمراجع عادي على تلك الأقسام وكونت فكرة مقبولة عنها,ثم باشرت العمل.‏

ومن خلال تجاربي السابقة ويقيني بأن تحقيق الأهداف لن يكون إلا بجهود العاملين جميعا وتعاونهم كان لابد من بناء جسور الثقة مع العاملين لا سيما رؤساء الأقسام منهم ومن خلال القدوة الحسنة في تحمل المسؤولية وفي دقة المواعيد والمحافظة على الكفاءات وتشجيعها بالتحفيز المادي والمعنوي دون المبالغة بأي منهما.‏

ومع أول موسم للامتحانات العامة بعد مباشرتي العمل وبمتابعتي الميدانية لها أدركت الفرق البعيد بين الخبرة النظرية رغم دقة التعليمات وحساسيتها وبين العمل الميداني والتطبيق العملي لتلك التعليمات,وأمضيت في مديرية التربية عشرة أعوام ونصف العام.‏

نقابة المعلمين وتجارب ناجحة‏

في عام 1996 انتخبت رئيسا للمكتب التنفيذي لنقابة المعلمين للدورة السابعة,وبدأت مرحلة جديدة من العمل مسؤولية تشمل جميع المحافظات تجاه ما يزيد على مئتي ألف زميل وزميلة في بدء المهمة وما يزيد على ثلاثمئة ألف منهم عند انتهائها في مهمة كانت نقابية وتربوية وتعليمية وتنظيمية وثقافية ومالية إضافة للمهمة الخارجية في العلاقات مع منظمات ونقابات المعلمين في الأقطار الشقيقة والدول الصديقة.‏

وكانت المهمة الأولى والأصعب في باكورة العمل النقابي تلافي عجوزات صندوق التكافل الاجتماعي والتي كانت تزيد عن المئة والعشرين مليون ليرة سورية سنويا الأمر الذي كان يسير بالنقابة نحو المجهول مالم يتم تدارك ذلك العجز وهذا ما أكدت عليه القيادة القطرية في أول اجتماع لنا معها.‏

ومن خلال تعاون الزملاء في المكتب التنفيذي وفي الفروع النقابية وبفضل التوسع بما كان قد أقامه زملاؤنا السابقون من مشاريع استثمارية وإقامة المزيد منها مثل المراكز الصحية التي انتشرت في جميع محافظات القطر ومن خلال التدقيق العملي في معاملات صندوق التكافل تراجعت العجوزات تدريجيا حتى تم تلافيها جميعا قبيل انتهاء الدورة النقابية الثامنة.‏

رغم زيادة المساعدات الصحية وبخاصة العمليات والأدوية والتي لم يكن الصندوق يدعمها سابقا وتمكنا من تحقيق عدد من الأمور الأخرى,كرفع نسبة طبيعة العمل إلى 7%,وحسومات رسوم قبول المعلمين وأبنائهم في التعليم الموازي والتعليم المفتوح وقبول أبناء المعلمين في دور المعلمين بمفاضلات خاصة بهم وغير ذلك, وأثناء هذه الفترة كنت عضوا في اللجنة الثقافية التي كان يرأسها وزير الإعلام.‏

مجلس الشعب‏

تم ترشيحي في قائمة الجبهة الوطنية التقدمية في محافظة دمشق للدور التشريعي السابع وكان لي شرف الحصول على أعلى نسبة من الأصوات بين المرشحين,ولكوني كنت عضوا في لجنة التوجيه والإرشاد في المجلس ساهمت في مناقشاتها الهامة ولا سيما ما يتعلق منها بوزارة التربية ووزارة التعليم العالي ,وفي الدور التشريعي التاسع إرتأت القيادة القطرية أن يكون ترشيح رؤساء المنظمات لمرحلة واحدة فقط,والتزمت قيادة فرع دمشق للحزب بذلك,وهكذا أكون قد عملت في المجال الإداري ما يزيد على الثلاثين عاما.‏

كلمة أخيرة‏

من خلال تجربتي الطويلة في العمل الإداري توصلت إلى أن الإدارة فن يعتمد على الحكمة والروية والهدوء في التعامل ومعالجة المشكلات بالسرعة البالغة والهدوء الكامل وبالسرية التامة ما أمكن.‏

ومن الأمور الهامة ضرورة الحفاظ على كرامة العاملين وروحهم المعنوية بعدم التعنيف في وجود الآخرين,وهذا ما حققته فعلا في مديرية التربية أولا وفي النقابة فيما بعد.‏

ومن الأمور التي كنت أتمسك بها هي عدم الاستماع بأذن واحدة كما يقال, بل كنت أصر على الاستماع للطرف الثاني في حال الخلاف قبل اتخاذ القرار.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية