تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


كليات التربية إلى أين...

مجتمع الجامعة
الخميس 7/8/2008
د.صابر جيدوري

في وطننا الغالي كليات تربية كثيرة,والكلية المقصودة في هذا المقال هي كلية التربية »الأم« في جامعة دمشق,

التي بدأت تنتشر في شرايينها وصماماتها التاجية والأبهرية فيروسات المرض بعد أن أكد القائمون عليها مرة بعد مرة أن فلسفة الهيمنة وركوب السلطة والأمر والإملاء هي الفلسفة المعتمدة في توجيه العملية التربوية والتعليمية والإدارية,وأن العمل التربوي لايمكن إنجازه إلا من خلال التخويف والترهيب وسياسة العصا خلف الظهر المستخدمة جهاراً نهاراً.‏‏

ومع معرفتي التامة,كما تدلنا على ذلك خبرات الطفولة-أن مثل الذين يشيرون إلى هذه الممارسات كمثل الذين يدخلون »عش الدبابير« وبالرغم من ذلك فإن الإشارة إلى هذه الممارسات قد أصبح شراً لابد منه,بعد ما آلت إليه قلعة الفكر التربوي من تشويه في أداء وظائفها في مجالات التعليم,والبحث العلمي ,والعلاقات الإنسانية,والإشعاع الثقافي بكل مكوناته...‏‏

من هذا المنطلق وغيره يأتي مانوجهه من نقد منزه عن الهوى لكثير من الممارسات التي بدأت تطفو على سطح كلية التربية,والتي يمثل بعضها خطورة بالغة على الكفاءة الفنية للعملية التربوية والبحثية وعلى التوظيف الاجتماعي لسياسات التعليم العالي ودورها في تشكيل مجتمع جامعة المستقبل ...وبما أن المساحة المخصصة لهذا المقال لاتتسع لكل هذه الممارسات فسوف أعرض لواحدة منها »ثقافة الصمت« على أن تستكمل البقية في مقالات لاحقة...‏‏

ثقافة الصمت: غلبني النعاس بعد منتصف الليل وأنا أقرأ في كتاب »تعليم المقهورين« للفيلسوف البرازيلي باولو فريري الذي تؤكد آخر ما قرأت من عباراته حول »ثقافة الصمت« أن الإحساس باليأس وفقدان الأمل والخوف من الحرية هو الذي يهيئ التربية الخصبة لنشوء الهيمنة وتكريس ثقافة الصمت وما أن انتهيت من قراءة هذه العبارة حتى قفزت إلى ذهني -بشكل مفاجئ- عبارة إحدى الزميلات الفاضلات أثناء حضورها مجلس كلية التربية حيث توجهت إلى زملائها بالقول:»انتفضوا أيها الصامتون« بعد أن ضاق صدرها ذرعاً من بعض الممارسات وخاصة مايتصل منها بتوجيه بعض أعضاء المجلس-قبل انعقاده-للموافقة على اتخاذ قرارات تصب في مصلحة بعضهم ورفض قرارات أخرى والحدث كما وردت إلينا أنباؤه أن هناك توجيهاً مبرمجاً وتلويحاً بالعصا لكل من يخالف القرارات المتخذة مسبقاًً ما اضطر الزميلة الفاضلة لإطلاق مقولتها السابقة الذكر التي نتداولها الآن في حرم الكلية »أساتذة وطلاباً« مع ملاحظة أن هذا التداول لم يغير في الأمر شيئاً وصح قول الشاعر: قد أسمعت لوناديت حياً ولكن لاحياة لمن تنادي‏‏

ومن ثم فإن ماهو مطلوب داخل مجلس الكلية وخارجه أن يقول (ب) نفس مايقوله(ج) وألا يختلف عما ذكره (د) وهذا وذاك يجب أن يكون مجرد تبرير وشرح وتزويق لما يقوله (أ) الذي هو صاحب سلطة التعيين والترقية والمكافأة وبيت المال...ضاربين بذلك الأحلام التي تراود الجامعيين فيما يعرف »بالحرية الأكاديمية« وما تتضمنه من حرية التفكير وحرية التعبير ...متناسين أن هذه الحرية بجناحيها(تفكيراً وتعبيراً) هي القاعدة الأساسية والشرط اللازم لديمقراطية الحياة الجامعية من ناحية,وللإبداع الفكري والمعرفي الذي تنشده الجامعة من ناحية أخرى,متجاهلين من ناحية ثالثة رسالة الجامعة الخماسية المتمثلة في بناء علاقات إنسانية متميزة (أولاً) من أجل اقتحام آفاق البحث العلمي وإنتاج المعرفة (ثانياً) وصولاً إلى الإثراء المتبادل بين رصيدنا الثقافي ونظيره من نتاج مختلف الثقافات الأجنبية (ثالثاً) تحقيقاً لعملية تعلم وتعليم مثالية (رابعاً) وتقديم الخدمات لمشروعات التنمية المختلفة (خامساً).‏‏

بناء على ماسبق يستمد سؤال كلية التربية إلى أين قيمته الجوهرية.‏‏

كلية التربية إلى أين إذا استمر التدهور الخطير في أداء رسالتها-كما يقول أهل الإحصاء-بالمعدلات الحالية?‏‏

كلية التربية إلى أين إذا استمر التدهور بالعلاقات الإنسانية وتكريس ثقافة الصمت بدلاً من ثقافة المقاومة بتجلياتها كافة?‏‏

كلية التربية إلى أين بعد أن أصبحت وأمست كلمة »لا« ممنوعة من الصرف في أرجائها,وأن كل من يستخدمها يصبح من الذين ذكرهم »فرانز فانون« في روايته المشهورة »المعذبون في الأرض«?‏‏

كلية التربية إلى أين بعد أن أصبحت وأمست وأضحت كلمة »نعم« بمفهوم الروائي السوداني »الطيب صالح« في روايته المشهورة »موسم الهجرة إلى الشمال« هي السائدة في أرجاء الكلية المختلفة ?‏‏

كلية التربية إلى أين بعد أن كرس القائمون عليها مقولة الفيلسوف الإنكليزي »توماس هوبز« الإنسان ذئب لأخيه الإنسان«?‏‏

أسئلة كثيرة أضعها برسم الأستاذ الدكتور رئيس جامعة دمشق راجياً منه -وملحاً في الرجاء ألا ينظر إليها على أنها تتضمن أموراً جزئية صغيرة.‏‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية