ولم يكتف بارتكاب المجازر بحق السوريين ودعم التنظيمات الإرهابية المتطرفة وتأسيس العشرات والمئات منها، وتسهيل مرورها إلى سورية تحت ذرائع الأمن التركي المزعوم ومحاربة الإرهاب، بل تخطت سياساته الرعناء كل الحدود المتوقعة حتى على الصعيد العالمي.
فلم تتوقف شراهته الاستعمارية عند الحدود السورية والعراقية، أو التمدد في المنطقة وبناء القواعد العسكرية التركية فيها وكأنه قوة عظمى كما فعلها في مشيخة قطر، بل اتجه لاحقاً للتدخل في شؤون ليبيا الداخلية وإرسال مرتزقته إليها للقتال ضد الليبيين لفرض أجنداته الاستعمارية عليهم.
وليس هذا فحسب بل إن أحلامه الواهمة دفعت بمخيلته القاصرة إلى الاعتقاد بأنه يستطيع إحياء العهد العثماني البائد والتمدد إلى أركان القارات الثلاث وكأنه سلطان الأقاليم السبعة كما كان أسلافه يتغنون، فتفتقت (عبقريته) عن إمكانية احتلال الصومال تحت ذريعة التنقيب عن النفط في مياهها الإقليمية وبطلب من حكومتها، والهدف بالطبع هو نهب ثرواتها واستباحة خريطتها كما عاث فساداً قبل ذلك في سورية والعراق وليبيا.
المفارقة المثيرة للسخرية أن أردوغان مثله مثل سيده ترامب يحاول تجميل مخططاته الاستعمارية وإلباسها أثواب الإنسانية والديمقراطية وحقوق الإنسان والتعاون الاقتصادي والاستثمار المشترك، في حين أنهما يحتلان أراضي الآخرين وتغزو قواتهما الشعوب الأخرى وتقتل أبناءها وتسرق نفطها وغازها وثرواتها بحجج مثل ضمان مصالحهم القومية وأمنهم المزعوم.
باختصار مازالت منظومة العدوان التي يتصدر رأس حربتها اليوم النظامان الأميركي والتركي تحاول تدمير أي أمل في تحقيق الأمن في المنطقة برمتها، ففي سورية يحاربان أي خطة تدعو إلى احترام إرادة السوريين وتحرير أرضهم من رجس الإرهاب، والأمر ذاته يتكرر في خريطة المنطقة برمتها من الخليج العربي إلى أقصى نقطة بالقرن الإفريقي.